الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو الشيص محمد >> مَرَتْ عَينَه للشوقِ فالدمْعُ مُنسَكِبْ >>
قصائدأبو الشيص محمد
مَرَتْ عَينَه للشوقِ فالدمْعُ مُنسَكِبْ
أبو الشيص محمد
- مَرَتْ عَينَه للشوقِ فالدمْعُ مُنسَكِبْ
- طلولُ ديارِ الحيِّ والحيُّ مغترِب
- كسا الدَّهْرُ بُرْدَيْها البِلى ولرُبَّما
- لبسْنا جديديْها وأعلامُنا قُشُبْ
- فغيَّرَ مَغناها ومحَّتْ رسُومَها
- سَماءٌ وأرواحٌ ودهرٌ لها عَقَبْ
- تربّع في أطلالها بعد أهْلِها
- زَمانٌ يُشِتُّ الشمْلَ في صرفه عجبْ
- تَبدَّلتِ الظُّلمان بعد أنيسها
- وسُوداً من الغِربانِ تبكي وتنتحبْ
- وعهدي بها غنَّاء مخضرَّة الرُّبى
- يطيبُ الهوى فيها ويُستَحْسن اللَّعِبْ
- وفي عَرصَاتِ الحيَّ أظْبٍ كأنَّها
- موائِدُ أغْصانٍ تأوّدُ في كُثُبْ
- عَواتقُ قد صانَ النَّعيمُ وجوهَها
- وخَفَّرها خَفْرُ الحواضنِ والحُجُبْ
- عفائفُ لم يكشفن سِتراً لِغَدْرَة ٍ
- ولم تَنْتِحِ الأطرافُ منهنَّ بالرِّيَبْ
- فأدْرجَهم طيُّ الجديدينِ فانطوَوْا
- كذاك انصداع الشَّعْب ينأى ويقتربْ
- وكأس كسا الساقي لنا بعْد هَجَعَة ٍ
- حواشيَها ما مَجَّ من رِيقهِ العِنَبْ
- كُمْيت أجادتْ جمرة الصيف طَبْخَها
- فآبَتْ بلا نار تُحَشُّ ولا حَطَبْ
- لطيمة مِسْك فُتَّ عنها خِتامُها
- مُعتَّقَة صهْباءُ حِيريَّة النَّسَبْ
- ربيبة أحْقابٍ جلا الدَّهرُ وجْهَها
- فليس بها إلا تلألؤَهَا نَدَبْ
- إذا فُرُجاتُ الكأس منها تُخيِّلَتْ
- تأمّلتَ في حافاتِها شُعَل اللَّهبْ
- كأنَّ اطَّرادَ الماء في جنَباتِها
- تتبَّعُ ماءُ الدُرّ في سُبُكِ الذهبْ
- سقاني بها والليلُ قد شابَ رأسه
- غَزالٌ بحنّاء الزّجاجة مُخَتَضَبْ
- يكادُ إذا ما ارتَجَّ ما في إزاره
- ومالتْ أعاليه من اللِّين ينْقَضِبْ
- لطيفُ الحشى عبْلُ الشَّوى مُدْمَجُ القَرى
- مريضُ جفونِ العين في طيِّهِ قبَبْ
- أميلُ إذا ما قائد الجهل قادني
- إليه وتلقاني الغواني فتصْطَحِبْ
- فورَّعني بعد الجهالة والصّبا
- عن الجهل عهدٌ بالشبيبة قد ذَهَبْ
- وأحداثُ شَيْبِ يَفْتَرعْنَ عن البِلى
- ودهرٌ تهِرُّ الناس أيّامُه كلِبْ
- فأصبحتُ قد نكَّبْتُ عن طُرُق الصِّبا
- وجانبت أحداثَ الزُّجاجة والطَرَبْ
- يحطّانِ كأساً للنديم إذا جَرتْ
- عليَّ وإنْ كانت حلالاً لمن شَربْ
- ولو شِئْتُ عاطاني الزجاجة َ أحورٌ
- طويلُ قناة ِ الصُّلْب مُنْخزِل العَصَبْ
- لياليَنا بالطَّفِّ إذْ نحنُ جيرة ٌ
- وإذْ للهوى فينا وفي وصْلِنا أرَبْ
- لياليَ تسعى بالمدامة بيْنَنا
- بناتُ النَّصارى في قلائِدها الصُّلُبْ
- تُخالسني اللَّذات أيدي عَواطلٍ
- وجُوفٍ من العيدان تبكي وتصْطَخِبْ
- إلى أنْ رَمى بالأربعين مُشِبُّها
- ووقَّرني قرْعُ الحوادث والنَّكَبْ
- وكفكَفَ من غرْبي مشيبٌ وكبرَة ٌ
- وأحكَمني طولُ التَّجاربِ والأدَبْ
- وبحر يَحارُ الطَّرفُ فيه قَطْعتُه
- بمهنوءة من غير عُرٍّ ولا جَربْ
- مُلاحَكة الأضلاع محبوكة القَرى
- مُداخلة الرّايات بالقار والخشَبْ
- مُوثَّقة الأَلواح لم يُدْمِ متْنَها
- ولا صفحتيها عَقْدُ رَحْلِ ولا قَتبْ
- عريضة ُ زَوْر الصَّدر دَهمْاء رَسْلة
- سِنَادٌ خليع الرأس مزمُومة الذَّنَبْ
- جَموحُ الصَّلا موَّارة ُ الصدر جَسْرَة ٌ
- تكاد من الإغراق في السير تلتهبْ
- مجفّرة الجْنَبيْن جوفاء جَونْة
- نَبيلة مجرى العرض في ظهرها حَدَبْ
- معلَّمة لا تشتكي الأيْنَ والوَجى
- ولا تشتكي عضَّ النُّسوع ولا الدَّأبْ
- ولم يَدْمَ من جذب الخشَاشة أنفها
- ولا خانها رسْم المناسِب والنَّقَبْ
- مُرَقَّقَة الأخفافِ صُمٌّ عِظامُها
- شَديدة طيِّ الصُّلْب معصوبة ُ العَصَبْ
- يشقُّ حبابَ الماءِ حَدُّ جِرانِها
- إذا ما تَفرَّى عن مناكبها الحَببْ
- إذا اعتلجت والريحُ في بطن لُجّة
- رأيت عَجاج الموتِ من حولها يَثِبْ
- ترامى بها الخلجانُ من كلِّ جانبٍ
- إلى متن مقتِّر المسافة مُنْجَذبْ
- ومثقوبة الأخفاف تَدمى أنوفها
- معرَّقة الأصْلاب مطويّة القُرُبْ
- صوادع للشّعْب الشّديد التَيامه
- شَواعِب للصّدع الذي ليس ينشعبْ
المزيد...
العصور الأدبيه