الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمري! لخَيرُ الذُّخرِ، في كلّ شِدّةٍ، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
لعَمري! لخَيرُ الذُّخرِ، في كلّ شِدّةٍ،
أبوالعلاء المعري
- لعَمري! لخَيرُ الذُّخرِ، في كلّ شِدّةٍ،
- إلَهُكَ تَرجُو فَضَلُهُ وألاهُ
- فلا تُشبِهِ الوَحشيَّ خَلّفَ طِفلَهُ
- لخَنساءَ، تَرعَى، بالمَغيبِ، طَلاهُ
- وإنْ نِلْتَ في دُنياكَ، للجسمِ، نعمةً
- من العيشِ، فاذكُرْ دفنَهُ وبِلاهُ
- إذا اختَصَمتْ في سيّءِ الفعلِ وابنَها
- فلا هيَ من أهلِ الحقوقِ، ولا هُو
- متى يصرِمِ الخِلُّ المُسيءُ، فلا تُرَعْ،
- فأفضَلُ من وصلِ اللّئيمِ قِلاه
- وكم غَيّبَ الإلفُ الشّقيقُ أليفَهُ،
- فرِيعَ له، الأيّامَ، ثمّ سَلاه
- وما كان حادي العيسِ في غُربة النوَى
- عليّ، كَحادي النّجمِ حينَ قَلاه
- ومَن يَحلِفِ الأيمانَ باللَّهِ، ولا وَنَى
- عن الودَ، يحنَثْ، أو يَضِرْه ألاه
- ومَن تُرِكَ العِلجُ المُعَرِّدُ، راتِعاً
- بأفْيَحَ، يَقرُو في الخَلاءِ خَلاه
- وقد كَلأ المسكينَ، في الوِردِ، بائسٌ،
- ومن كَبِدِ القوسِ الكتومِ كَلاه
- فطَلّقَ عِرْساً كارهاً، وفَلا الرّدى،
- لها تَولباً، لم يَمَتَنِعْ بفَلاهُ
- فلا تُقرِ هَمَّ النفسِ، عجزاً عن القِرَى،
- وأدْلجْ، إذا ما الرّكبُ مالَ طُلاه
- طوى عنك، سِرّاً، صاحبٌ، قبلَ شيبهِ،
- فلَمّا انجَلَى عَنهُ الشّبابُ جَلاه
- ولا مُلكَ إلاّ للّذي عَزّ وجهُهُ،
- ودامَتْ، على مَرّ الزّمانِ، عُلاه
- وقد يُدرِكُ المَجدَ الفتى وهوَ مُقتِرٌ،
- كثيرُ الرّزايا، مُخلِقٌ سَمِلاه
- غَدا جَمَلاهُ يُرقِلانِ بِكُورِهِ،
- وهل غيرُ عَصْرَيْ دهرِهِ جَمَلاه؟
- وما فَتلاهُ عن سَجاياه، بعدَما
- أجادَ كتاباً مُحكَماً، فتَلاه
- فإنْ ماتَ، أو غاداهُ قَتلٌ، فما هُما
- أماتاهُ، في حُكمي، ولا قَتلاه
- يَدٌ حَمَلَتْ هذا الأنامَ علَيهِما،
- ولَولا يَمينُ اللَّهِ ما احتَمَلاه
- وِعاءَانِ للأشياءِ، ما شَذّ عَنهُما
- قَليلٌ، ولا ضاقَا بما شَمِلاه
- وجاءَ بمينٍ مُدّعٍ، جاءَ زاعِماً
- بأنّهُما عن حاجَةٍ خَتَلاه
- عجبتُ لرامي النَّبلِ يَقصُدُ آبلاً،
- بجَهلٍ، وقد راحَتْ لَهُ إبِلاهُ
- بَدا عارِضا خيرٍ وشرٍّ لشائِمٍ،
- وما استَوَيا في الخَطبِ، إذْ وَبَلاه
- زَجَرْتُهما زجرَ ابنِ سَبعٍ سِباعَهُ،
- ولو فَهِما زَجْري لمَا قَبِلاه
- تهاوَى جِبالٌ من كِنانَةِ غالِبٍ،
- وأبْطَحُها لم يَنتَقِلْ جَبَلاهُ
- إذا النّسلُ أسواهُ الأبُ، اهتاجَ أنّهُ
- يَمُوتُ، ويَبقَى مالُهُ وحِلاه
- فكَمْ ولَدٍ، للوالدينِ، مضيِّعٍ،
- يُجازيهما بُخلاً بما نَجلاه
- طوى عنهما القوتَ الزهيدَ، نفاسةً،
- وجَرّاهُ سارَا الحَزْنَ، وارتحلاه
- يَرَى فَرقَدَيّ وحشيّةٍ بَدَليهِما،
- وما فَرقَدا مَسراهُما بَدلاه
- ولامَهُما عن فَرطِ حبّهما لَهُ،
- وفي بغضِهُ إيّاهُما عَذَلاه
- أساءَ، فلَم يَعدِ لهما بشِراكِهِ،
- وكانا، بأنوارِ الدُّجَى، عدلاه
- يُعيرُهما طَرْفاً، من الغَيظِ، شافناً،
- كأنّهما، فيما مَضَى، تَبلاه
- يَنامُ، إذا ما أدنفا، وإذا سرَى
- له الشكوبات، الغِمضُ ما اكتحَلاه
- إنِ ادّعيا، في ودّه، الجُهدَ صُدّقا،
- وما اتُّهِما فيه، فيَنتَحِلاه
- يغشُّهما في الأمرِ هانَ، وطالما
- أفاءا علَيهِ النّصحَ، وانتَخَلاه
- يسرُّهما أن يهجرَ الرِّيمَ، دَهرَهُ،
- وأنّهُما من قَبلِهِ نَزَلاه
- ولو بمُشارِ العَينِ يُوحى إلَيهِما،
- لوَشْكِ اعتزالِ العيشِ، لاعتزَلاه
- يَودّانِ، إكراماً، لو انتَعَلَ السُّهَا
- وإنْ حَذِيا السَّلاّءَ وانتَعَلاه
- يَذُمُّ لفَرْطِ الغيّ ما فَعَلا بهِ؛
- وأحْسِنْ وأجْمِلْ بالذي فَعلاه
- يُعِدّانِهِ كالصّارِمِ العَضبِ في العِدى
- بظَنّهِما، والذّابِلِ اعتَقَلاه
- ويُؤثِرُ بالسّرّ الكنينِ سواهما،
- فينقلُهُ عَنهُ وما نَقلاه
المزيد...
العصور الأدبيه