الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فُقدتْ، في أيامك، العلماءُ، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
- فُقدتْ، في أيامك، العلماءُ،
- وادلهمَّتْ، عليهمُ، الظلماءُ
- وتغَشّى دهماءَنا الغَيُّ، لمّا
- عُطّلتْ، من وضوحها، الدّهماءُ
- للمليكِ المذكَّراتُ عبيدٌ،
- وكذاكَ المؤنّثاتُ إماءُ
- فالهلالُ المنيفُ، والبدرُ، والفر
- قدُ، والصبحُ، والثرَى، والماء
- والثريّا، والشمسُ، والنارُ، والنثـ
- ـرةُ، والأرض، والضّحى، والسماء
- هذه كلّها لربّك، ماعا
- بك، في قولِ ذلك، الحُكماء
- خلّني، يا أُخيَّ، أسْتغفر اللّـ
- ـهَ، فلم يَبقَ فيّ إلاّ الذَّماء
- ويقالُ الكرامُ قَولاً، وما في الـ
- ـعصرِ إلاّ الشّخوصُ والأسماءُ
- وأحاديثُ، خَبّرتها غُواةٌ،
- وافترَتها للمكسِبِ القُدَماءُ
- هذه الشُّهبُ، خِلتُها شبَكَ الدهـ
- ـرِ، لها فوق أهلها إلماءْ
- عجباً للقضاءِ تمّ على الخَلـ
- ـقِ، فهمّتْ أنْ تُبْسِلَ الحزماء
- أوَما يُبصِروُن فعلَ الرّدى، كيـ
- ـفَ يَبيدُ الأصهارُ والأحماء؟
- غلبَ المينُ، منذُ كان، على الخَلـ
- ـقِ، وماتتْ، بغيظِها، الحُكَماء
- فارْقُبي، يا عَصامِ، يوماً، ولو أنّـ
- ـكِ، في رأسِ شاهِقٍ، عصماء
- وأرى الأربَعَ الغَرائزَ فينا،
- وهي، في جُثّةِ الفتى، خُصَماء
- إن تَوافقْنَ صحّ، أولا، فما ينفـ
- ـكّ عنها الإمراضُ والإغماءُ
- ووجدتُ الزّمانَ أعجمَ فظّاً،
- وجُبارٌ، في حُكمها، العَجْماء
- إنّ دُنْياكَ مِنْ نَهارٍ ولَيْلٍ،
- وهي، في ذاكَ، حيّةٌ عَرْماء
- والبرايا حازُوا دُيون مَنايا،
- سوف تُقْضَى، ويحضُرُ الغُرماء
- ورَد القومُ، بعدما مات كعبٌ،
- وارتوى، بالنّميرِ، وفدٌ ظِماء
- حيوانٌ، وجامدٌ غيرُ نامٍ،
- ونباتٌ له، بسقيا، نماء
- ولوَ أنّ الأنام خافوا من العُقـ
- بى، لما جارت المياهَ الدّماء
- أجدرُ الناس، بالعواقب، في الرحـ
- ـمةِ، قومٌ في بَديِهم رُحماء
- وغضِبنا من قول زاعمِ حقٍّ،
- أننا، في أصولنا، لؤماء
- أنتَ يا آدمٌ، آدمُ السّرب، حَوّا
- ؤك فيه، حوّاءُ، أو أدْماء
- قَرَمَتنا الأيامُ، هل رَثَتِ النّحّـ
- ـامَ، لمّا ثوى بها، قَرماء؟
- عالم حائر كطير هواء
- وهواف تضمها الدأماء
- وكأنّ الهُمامَ عمرو بن دَرْما
- ءَ، فلته، من أُمّه، درْماء
- والبَهارُ الشميمُ، تحميه من وط
- ءِ مُعاذيك، أرنبٌ شمّاء
- وعَرانا، على الحُطام، ضِرابٌ،
- وطِعانٌ في باطلٍ، ورِماء
- أسودُ القلبِ أسودٌ، ومتى ما
- تُصغِ أذني، فأذنُهُ صمّاء
- قد رمى نابلٌ، فأنمى وأصمى،
- ولياليك ما لها إنماء
- إنّ رَبّ الحِصْنِ المَشِيدِ بتيما
- ء، تولى وخُلِّفتْ تَيْماء
- أومأت للحِذاءِ كَفُّ الثّريّا،
- ثمّ صُدّ الحديثُ والإيماء
- شهدتْ بالمليكِ أنجُمُها الستّـ
- ـةُ، ثم الخضيبُ والجذْماء
- فَهِمُ الناس كالجهولِ، وما يظـ
- ـفر إلاّ بالحسرة الفُهماء
- تلتقي في الصعيد أُمٌّ وبنْتٌ،
- وتساوى القَرْناء والجَمّاء
- وأنيقُ الرّبيع يدرِكُهُ القيـ
- ـظ، وفيه البيضاء والسَّحْماء
- وطريقي إلى الحِمام كريهٌ،
- لم تُهَب، عندَ هولهِ، اليَهماء
- ولوَ أنّ البيْداءَ صارِمُ حَربٍ،
- وهي من كلّ جانبٍ صَرْماء
- كيف لا يَشرِكُ المضيقين، في النعـ
- ـمة، قومٌ عليهمُ النَّعماء؟
المزيد...
العصور الأدبيه