الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه،
أبوالعلاء المعري
- سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه،
- شرَفُ النّجومِ وسؤدَدُ الأقمارِ؟
- فكأنّ من خَلَقَ النّفوسَ رأى لها
- ظُلماً، فعاجَلَها بسوءِ دَمارِ
- ما سَرّني بقَناعةٍ أُوتيتُها،
- في العَيشِ، مُلكا غالبٍ وذِمارِ
- ومنَ المَعاشِر مَنْ يكونُ ثَراؤهُ
- مَهْرَ البَغيّ، وبُسرَةَ الخمّار
- والشرُّ مُشتَهَرُ المكانِ معرَّفٌ؛
- والخَيرُ يُلمَحُ من وراءِ خِمار
- ويُقامِرُ الإنسانُ، طولَ حَياتهِ،
- قَدَراً تَمَنّعَ من رضاً بقمار
- خَفْ من تَوَدُّ، كما تخافُ مُعادياً،
- وتَمارَ فيمَنْ ليسَ فيهِ تماري
- فالرُّزءُ يَبعَثُهُ القريبُ، وما درى
- مُضَرٌ بما تجني يَدا أنمار
- يَغدو الفَتى، والخَيلُ ملْكُ يَمينِه،
- وكأنّهُ غادٍ بلُبّ حِمار
- فإذا ملَكتَ الأرضَ، فاحمِ تُرابها
- منْ غَرْسِهِ شجَراً بغيرِ ثمار
- إن قَلّتِ السّمراءُ عندك، بُرهةً،
- فاجزأ بمحضٍ، مرّةً، وسِمار
- وقد ادّعَى مَنْ ليسَ يَثبُتُ قولُه،
- عِظمَ الجسومِ، وبَسطَةَ الأعْمار
- ما كابرٌ إلاّ كآخرَ غابرٍ؛
- والحَقُّ يُعلَمُ وجهُهُ بأمارِ
- وتغَنّتِ الدّنيا بصوتٍ واحدٍ؛
- لا تُحسِنُ الرّبداءُ غير زمار
- ومن المجرّبُ، والمَدى مُتَطاولٌ
- عُدّتْ كواكِبُهُ من الأغمار
- وشربتُ كأساً، في الشّبيبة، سادراً،
- فوجَدتُ بعدَ الشّيْبِ فَرطَ خُمار
- ما بالُ هذا اللّيل طالَ، وقد يُرى
- مُتَقاصراً عن جلسَةِ السُّمّار؟
- أترومُ فجراً كالحُسامِ، ودونَهُ
- نجمٌ أقامَ، تمكُّنَ المِسمار؟
- تَلقَى الفتى كالرّيح، إنْ أوْدَعتَهُ
- سِرّاً أُذيعَ، فصارَ كالمِزمار
- ما زالَ مُلكُ اللَّهِ يَظهَرُ دائباً،
- إذْ آدَمٌ وبَنوهُ في الإضمار
- فامنَعْ ذمارَكَ، إن قدَرتَ، فإنّني
- عَدَتِ الخُطوبُ، فما حميتُ ذماري
- تَقفو الظّعائنُ من نُوَيرَةَ أجْمرَت
- أجمالَها، سَحَراً، لرمي جِمار
- وعُدِدْتَ من عُمّارِ مكّةَ، بعدما
- كنتَ المَريدَ، يُعَدُّ في العُمّار
- فليُغنِ عن لُبسِ الشُّفوفِ نَسائجاً
- بالتّبرِ، لُبسُكَ رَثّةَ الأطمار
المزيد...
العصور الأدبيه