الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ،
أبوالعلاء المعري
- جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ،
- وكانَ سِترٌ على الأديانِ، فانخرَقَا
- ما أُبرِمَ المُلكُ، إلاّ عادَ مُنتَقَضاً؛
- ولا تألّفَ إلاّ شَتّ وافترَقا
- مذاهبٌ، جَعلوها من معايشهم،
- مَن يُعمِلِ الفِكرَ فيها تُعطِهِ الأرقا
- إحذَرْ سليلَكَ، فالنّارُ التي خرَجَتْ
- من زندها، إن أصابَتْ عودَه احترَقا
- وكلُّنا قومُ سوءٍ، لا أخصُّ بهِ
- بعضَ الأنامِ، ولكن أجمعُ الفِرَقا
- لا تَرْجُوَنّ أخاً منهم، ولا ولداً،
- وإنْ رأيتَ حَياءً أسبَغَ العَرَقا
- والنّفسُ شَرٌّ من الأعداءِ كلِّهمُ،
- وإنْ خلَتْ بكَ يوماً، فاحترزْ فَرَقا
- كم سيّدٍ، بارِقُ الجَدوى بميسمِهِ،
- ساوَوا به الجديَ، عند الحتفِ، والبَرَقا
- إن رُمتَ من شيخِ رَهطٍ، في ديانتِهِ،
- دَليلَ عَقلٍ على ما قالَهُ خَرَقا
- وكيفَ أجني، ولم يُورِقْ لهم غصُني؛
- والغُصنُ لم يُجنَ حتى أُلبِسَ الوَرَقا
- عزّ المُهَيمِنُ! كم من راحةٍ بُتكتْ
- ظُلماً، وكان سِواها يأخذُ السَّرَقا
- والدُّرُّ لاقَى المَنايا في أكفّهمُ،
- وكم ثَوَى البَحرَ لا يخشى بهِ غرَقا
- مَينٌ يُرَدَّدُ، لم يَرْضَوْا بباطِلِهِ،
- حتى أبانوا، إلى تَصديقِهِ، طُرُقا
- لا رُشدَ، فاصمتْ، ولا تسألهمُ رَشداً،
- فاللُّبُّ، في الإنسِ، طيفٌ زائرٌ طَرقا
- وآكلُ القوتِ لم يَعدمْ له عَنَتاً؛
- وشاربُ الماءِ لم يأمَنْ بهِ شرَقا
- وناظِرُ العينِ والدّنيا بهِ رُئِيَتْ،
- ما إنْ درى أسَواداً حلّ أم زرَقا
- إذا كشَفتَ عن الرّهبانِ، حالَهمُ،
- فكلُّهمْ يَتوَخّى التّبرَ والوَرِقا
المزيد...
العصور الأدبيه