الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ،
أبوالعلاء المعري
- العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ،
- كالعالَمِ الهاوي، يُحِسُّ ويَعلمُ
- زعَمَتْ رجالٌ: أنّ سَيّاراتِه
- تَسِقُ العُقولَ، وأنّها تتكلّم
- فهَلِ الكواكبُ مثلُنا في دينِها،
- لا يَتّفِقْنَ، فهائِدٌ أو مُسلِم؟
- ولعلّ مكّةَ في السّماءِ كمَكّةٍ،
- وبها نضادِ ويذبُلٌ ويلَملم
- والنّورُ، في حكمِ الخواطرِ، محدَثٌ،
- والأوّليُّ هوَ الزّمانُ المُظلِم
- والخَيرُ، بينَ النّاسِ، رَسمٌ داثِرٌ،
- والشرُّ نَهجٌ، والبريّةُ مَعلَم
- طَبعٌ خُلِقتَ علَيهِ ليسَ بزائلٍ،
- طولَ الحياةِ، وآخرٌ متعلَّم
- إنْ جارَتِ الأُمَراءُ جاءَ مؤمَّرٌ
- أعْتى وأجورُ، يستَضيمُ ويكلِم
- كحمائمٍ ظَلمتْ، فنادى أجدلٌ:
- إن كنتِ ظالمَةً، فإنّي أظلَم
- أرأيتَ أظفارَ الضّراغمِ عُوّدَتْ
- فِرَةً، وأظفارَ الأنيسِ تُقَلَّم؟
- وكذاكَ حكمُ الدّهرِ في سكّانِهِ،
- عَيرٌ له أُذُنٌ، وهيقٌ أصلم
- إن شئت أن تُكفى الحِمام فلا تعشْ
- هذي الحياةُ إلى المَنيّةِ سُلّم
- ماذا أفَدْتَ بأنّ دهرَكَ خافِضٌ،
- وغناكَ مُنبَسطٌ، وعِرْسك غَيلم؟
- أحسنْ بدنيا القومِ، لو كانَ الفتى
- لا يُقتضَى، وأديمُهُ لا يحلَم
- وكأنّما الأخرى تَيَقُّظُ نائمٍ؛
- وكأنّما الأولى مَنامٌ يُحلَم
- يتَشَبّهُ الطّاغي بطاغٍ مثلِهِ،
- وأخو السّعادَةِ بينهمْ مَن يَسلَم
- في النّاسِ ذو حِلمٍ يُسَفّهُ نَفسَهُ
- كَيما يُهابَ، وجاهلٌ يَتحَلّم
- وكِلاهُما تَعِبٌ، يحاربُ شيمَةً
- غلَبَتْ، فآضَ، بحرْبِها، يتألّم
- فالزَم ذَراك، وإن تشعّثَ جُدْرُه،
- فالعِسُّ قد يُرويكَ، وهوَ مثلَّم
المزيد...
العصور الأدبيه