الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا، >>
قصائدأبوالعلاء المعري
إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا،
أبوالعلاء المعري
- إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا،
- يَصيدُها مَن أفادَ اللُّبَّ والعُمُرَا
- كم جُزْتُ شهراً وكم جرّمتُ من سنةٍ،
- وما أرانيَ إلاّ جاهلاً غُمُرا
- والغيُّ كالنّجْمِ عُرْياناً، بلا سُتُرٍ،
- وللحقوقِ وُجُوهُ أُلبِسَتْ خُمُرا
- ألا سفينَةَ، أو عِبراً أمُدُّ له
- كَفّي، فأنجوَ من شَرٍّ لها غَمرَا
- فلا يَغُرّنْكَ من قُرّائنا زُمَرٌ،
- يتلونَ، في الظُّلَمِ، الفُرقانَ والزُّمَرا
- يُقامِرون بما أُوتوهُ منْ حِكَمٍ،
- وصاحبُ الظّلمِ مَقمورٌ إذا قَمَرا
- يُبدي التديّنَ، محتالاً، ضمائرُهُ
- غيرُ الجميلِ، إذا ما جسمُهُ ضَمَرا
- يشدو مزاميرَ داودٍ، ويفضُلُه،
- في النُّسكِ، نافخُ مزمارٍ له زمَرا
- ولا تشيفَنْ، على دارٍ، لتنظُرَها،
- فمنْ أشافَ على قومٍ كمن دَمرا
- يوفي، على المِنْبرِ العالي، خَطيبُهُمُ؛
- وإنّما يَعِظُ الآسَادَ والنُّمُرا
- همُ السّباعُ، إذا عَنّتْ فرائسُها؛
- وإنْ دعوتَ لخيرٍ حُوّلوا حُمُرا
- قد صَدّقَ النّاسُ ما الألبابُ تُبطِلُه،
- حتى لظنّوا عَجوزاً تحلُبُ القَمَرا
- أناقةٌ هو أمْ شاةٌ، فيمنَحَها
- عُسّاً تغيثُ به الأضيافَ، أو غُمَرا
- وحَدّثَتْكَ رجالٌ عن أوائِلها؛
- فاسمَعْ أحاديثَ مَينٍ تُشبِهُ السَّمَرا
- رجوتُ أغصانَ سِدرٍ أن تُظَلّلَني،
- وقد تقلّصَ منها الظلُّ وانشَمَرا
- يخالفُ، الطبعَ، معقولٌ خُصصْتَ به،
- فاقبلْ إذا ما نهاكَ العَقلُ، أو أمَرا
- والدّارُ تدمُرُ من كلٍّ، وما غرضي
- كونٌ بتدمُرَ لكن منزِلٌ دَمرا
- والإنسُ أشجارُ ناسٍ أثمرتْ مَقِراً،
- وأكثرُ القومِ شاكٍ يفقدُ الثّمَرا
- وما التّقيُّ بأهلٍ أن تُسَمّيَهُ
- بَرّاً، ولو حَجّ بيتَ اللَّهِ، واعْتمرا
- والقَلبُ يَغرى بما تُهدي الرّياحُ لهُ،
- كحَملِها الرّيحَ من زيدٍ إلى عُمرا
- ثبْ من طَمارٍ، إذا لم تستطعْ سَرَباً؛
- وثِبْ شبيهَ التميميّ الذي طَمَرا
المزيد...
العصور الأدبيه