الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> وديع سعادة >> ليس للمساء إخوة -3 - مرحلة ثالثة >>
قصائدوديع سعادة
ليس للمساء إخوة -3 - مرحلة ثالثة
وديع سعادة
- مرحلة ثالثة
- ***
- نتسلّق ضحكاتنا
- لأنّ صراخنا شاهقُ جدًا.
- I
- لم يَعُدْ في دمي غيرُ الكلمات واللون الأحمر
- البسْ قناعَ الرحمة واطردْني
- يشتاق صمتي غيرَ لهاثك.
- ماذا جئتَ تفعل ماذا جئتَ تقول ماذا جئتَ تقطف
- يا زارع اليباس كي يكلّم الفراغَ كالأبله؟
- حديقتي أصغرُ من جنين
- ليس فيها غيرُ ورقةِ السهو
- نبتتْ في غيابك.
- II
- أنتم قميص المجاعة.
- دلقتم محابر وجوهكم على أوّل النهار فاسودَّ عمرُنا القصير. غرقتْ أقدامُنا في الأسْوَدِ وصارت صالحةً للكتابة. بها وقّعنا على الطرقات أحصنة جديدة.
- أوقفوا نسلَ الاحلام. ما عاد العالم يسع.
- أسمعُ ضجيجًا هائلاً، قرقعةَ عظام، الأحلام ترفس نفسها، تنهق، تفترس، تروث.
- أوقِفوا نسلَ الأحلام. كَثُرَ الروث وانبرتْ زهرةُ الأزمنة.
- على صدر كلٍّ منكم زهرة الزمان.أحار كيف أسمّيكم.
- III
- سيّدتي في الفضاء الكئيب
- لا تُرجعي وجهي إليَّ
- لا تتدفّقي نحوي كالأنهار
- لا تندلقي كالبراميل
- الحرّيةُ نصفُ اشمئزازي
- والرهينة نصفي الآخر
- وكلُّ أولادي الموت.
- IV
- يا قاطعَ الطرق يا شرسًا يا مجنونًا يا حُبّي
- دعْ ممرًّا لرحيلي
- دعني بعيدًا مع ورق الشجر أستلقي
- على حجر يمكنني أن أقعد
- مع صرصار أستطيع أن أغنّي
- لنملة أقرأُ قصائدي
- في مِزَق ثوبي ثلاثُ ابتسامات من الفجر وثغرٌ كاملٌ للغروب
- على رؤوس أصابعي قطيعٌ غريب
- لا يعود من البراري.
- V
- أخرجُ إلى تسكّعي قاطعًا حدائق الوجوه
- رائحةُ الصمتِ برتقالة
- وشيخوخة الوعي قطارٌ سريع.
- أيَّهُ لقاءُ الحزن أيَّهُ لقاءُ الحلمِ يا قطرات الطريق؟
- VI
- مرَّ الوردُ ابني الحبيب ورجع وقال:
- خلّصني يا أزرقَ الأرض
- يا أبيضَ الفراشة
- المكان يؤنّث نفْسَه.
- VII
- اشتبكي معي يا حشائش الأيّام الأولى في رقصة الأيّام الأخيرة
- في كلا عنقينا أشعَّةٌ مترمِّدة.
- VIII
- تقفُ في آخر صفّ المسافرين إلى النهار
- وتُريدُ أن ترى نفسكَ العاشقَ الوحيد
- اعترفْ أنَّ القطار انكسر
- وأنّكَ وحيدٌ على الرصيف
- شوقُك الحمّى برودةٌ كئيبة
- وأسنانُكَ حين تبتسم لا تضيء
- حتى فمَك.
- IX
- الأبراج المبلّلة بالضوء تطفو على كتفي
- إنّه شروق سخيف
- بدايةُ أوّل يوم في مصنع العالم
- وجهي يقتله ظلُّه
- على الشرفة.
- X
- قولوا أيَّ شيء للعصافير في شجرة التفاح كي ترحل
- خبزٌ في أشواقها
- يأسر خطواتي.
- XI
- إلى جاد وسيمون وغادة، وأنتَ
- ما اسمكَ؟ لا أعرف
- لكن ألم أرَ وجهكَ تحت شتاء آذار يذوب كحبّة سكّر وأنتَ تسرع؟
- ومرَّةً قعدنا؟
- كان الزغبُ ينبت في وجوهنا.
- قالت أمّنا تطيرون غدًا. زقزقنا.
- وها على الثلج نقعد نتأمّل أقدامنا الصغيرة.
- ما هذا الواقع من فم السماء كأنه لنا؟
- قالوا جاء يزيحُ الصخرَ يفتحُ الباب. انخفِضوا انخفضنا.
- سمعنا ارتطامَ جسده. رأينا تفتُّحَ جراحه.
- وقلتُ: لن أمسّ جرحك أبدًا لئلا يُقفل نبعُ الرغبة.
- وضع جاد عينه في الماء صارت سمكة. سيمون عينُه في الفضاء غيمة. وعينُ غادة قطنٌ ينفشه الحزن.
- كنّا التقينا. دخل البوّابُ أعلنَ انتهاءَ الزيارة.
- كيف تصيرين هكذا مطرًا أحمر ينزل عليَّ في الشوارع؟
- أمّي غزلتْ لي كنزةً بيضاء عملتْ لها جيوبًا للزبيب وعبّأتْها.
- لبستُها وخطرتُ أمامكِ.
- أبي مرّةً زار المدينة. ضيّفوه برتقالةً حملها إليَّ من بيروت في جيبه. اقتسمناها وركضنا في البساتين.
- أبحثُ عن زبيبةٍ، حبّةِ قمحٍ، بذرةِ برتقالٍ أضعُها في منقادكِ وأنت في العش لا أجد.
- كيف يصير أهل القرى من دون قمح هكذا؟
- جاء الشتاء يمزج البرد بالذكرى
- وها نحن لا نريد غيرَ غطاء.
المزيد...
العصور الأدبيه