قصائدنزار قباني



في الحُبِّ البحري..
نزار قباني



  • مواقفي منكِ، كمواقف البحرْ..

  • وذاكرتي مائيّةٌ كذاكرتهْ..

  • لا هو يعرف أسماءَ مرافئه..

  • ولا أنا أتذكَّّرُ أسماءَ زائراتي

  • كلُّ سمكةِ تدخل إلى مياهي الإقليمية، تذوبْ..

  • كلُّ امرأةٍ تستحمُّ بدمي، تذوبْ...

  • كل نهدٍ، يسقط كالليرة الذهبيّه..

  • على رمال جسدي.. يذوبْ..

  • فلتكُنْ لكِ حكمةُ السُفُن الفينيقيّهْ

  • وواقعيَّةُ المرافئ التي لا تتزوّج أحدا...

  • 2

  • كلَّما شمَّ البحرُ رائحةَ جسمكِ الحليبيّْ

  • صَهَلَ كحصانٍ أزرقْ

  • وشاركتُهُ الصهيلْ..

  • هكذا خلقني الله...

  • رَجُلاً على صورة بحرْ

  • بحراً على صورة رجُلْ

  • فلا تناقشيني بمنطق زارعي العِنَب والحِنطَهْْ..

  • ودكاترة الطبّ النفسيّْ..

  • بل ناقشيني بمنطق البحرْ

  • حيث الأزرقُ يُلغي الأزرقْ

  • والأشرعةُ تُلغي الأُفُقْ..

  • والقبْلَةُ تُلغي الشَفَه..

  • والقصيدةُ تُلغي ورقةَ الكتابَهْ...

  • 3

  • إحساسي بكِ متناقضٌ، كإحساس البحرْ

  • ففي النهار، أغمركِ بمياه حناني

  • وأُغطِّيكِ بالغيم الأبيض، وأجنحة الحمائمْ

  • وفي الليل..

  • أجتاحكِ كقبيلةٍ من البرابرهْ..

  • لا أستطيع، أيتها المرأة ، أن أكونَ بحراً محايداً..

  • ولا تستطيعين أن تكوني سفينةً من ورقْ..

  • لا أنتِ انديرا غاندي

  • ولا أنا مقتنعٌ بجدوى الحياد الإيجابي

  • ففي الحبّ.. لا تُوجد مصالحاتٌ نهائيّهْ..

  • بين الطوفان، وبين المدن المفتوحَهْ..

  • بين الصواعق، ورؤوس الشَجَرْ

  • بين الطعنة، وبين الجرحْ

  • بين أصابعي، وبين شَعْرِكْ

  • بين قصائد الحبّ.. وسيوفِ قُرَيشْ

  • بين ليبراليّة نهديكِ..

  • وتحالفِ أحزاب اليمينْ!!..

  • 4

  • أيتُّها الخارجةُ من خرائط العَطَش والغبارْ..

  • تخلّصي من عاداتكِ البَرِيَّهْ..

  • فالعواصفُ الَبرِيَّة تعبّر عن نفسها..

  • بإيقاع واحدٍ.. ووتيرةٍ واحدة..

  • أما الحبُّ في البحر.. فمختلفٌ.. مختلفٌ ..

  • مختلفْ..

  • فهو غيرُ خاضع لجاذبيّة الأرض..

  • وغيرُ ملتزم بالفصول الزراعيّه..

  • وغيرُ ملتزم بقواعد الحبِّ العربيّْ

  • حيثُ أجسادُ الرجال تنفجر من التُخْمَهْ..

  • ونهودُ النساء تتثاءبُ من البطالهْ..

  • 5

  • أدخلي بحري كسيفٍ من النحاس المصقولْ

  • ولا تقرأي نَشَرات الطقسْ

  • ونُبوءات مصلحة الأرصاد الجويَّهْ

  • فهي لا تعرفُ شيئاً عن مزاج سَمَك القِرْشْ

  • ولا تعرفُ شيئاً عن مزاجي..

  • لا أريدُ أن أعطيكِ ضماناتٍ كاذبَهْ

  • ولا أرغب أن أشتغلَ حارساً لجواهر التاجْ

  • إنَّ نهديكِ لا يدخلان في حدود مسؤولياتي

  • فأنا لا أستطيع أن أضمنَ مستقبلهما..

  • كما لا يستطيعُ البَرْقُ أن يضمنَ مستقبلً غابَهْ..

  • 6

  • لماذا تبحثينَ عن الثباتْْ؟

  • حين يكونُ بوسعنا أن نحتفظَ بعلاقاتنا البحريَّهْ

  • تلكَ التي تتراوحُ بين المدّ .. والجَزْرْ

  • بين التراجع والاقتحامْ

  • بين الحنان الشامل، والدمار الشاملْ..

  • لماذا تبحثين عن الثباتْ؟

  • فالسمكةُ أرقى من الشجرَهْ..

  • والسنجابُ .. أهمُّ من الغصنْ..

  • والسحابة.. أهمّ من نيويوركْ..

  • 7

  • أريدكِ أن تتكلّمي لغةَ البحرْ..

  • أريدكِ أن تلعبي معهْ..

  • وتتقلَّبي على الرمل معهْ..

  • وتمارسي الحبَّ معهْ..

  • فالبحرُ هو سيِّد التعدُّد.. والإخصاب.. والتحوّلاتْ..

  • وأنوثتُكِ هي امتدادٌ طبيعي له..

  • نامي مع البحر، يا سيدتي..

  • فليس من مصلحتكِ أن تكوني من فصيلة الشجرْ..

  • ولا من مصلحتي أن أُحوّلكِ إلى جريدةٍ مقروءهْ

  • أو إلى ربطة عُنُقٍ معلَّقةٍ في خزانتي

  • منذُ أن كنتُ طالباً في الجامعهْ..

  • ليس من مصلحتكِ أن تتزوجيني..

  • ولا من مصلحتي أن أكون حاجباً على باب المحكمة

  • الشرعيَّهْ..

  • أتقاضى الرَشَواتِ من الداخلينْ

  • وأتقاضى اللَعَناتِ من الخارجينْ..

  • 8

  • أنا بحرُكِ يا سيّدتي..

  • فلا تسأليني عن تفاصيل الرحلة..

  • ووقتِ الإقلاع والوصولْ..

  • كلُّ ما هو مطلوبٌ منكِ..

  • أن تنسيْ غرائزكِ البَرِيَّهْ..

  • وتُطيعي قوانينَ البحرْ..

  • وتخترقيني.. كسمكةٍ مجنونهْ..

  • تشطُرُ السفينةَ إلى نصفينْ..

  • والأُفُقَ إلى نصفينْ..

  • وحياتي إلى نصفينْْ...



أعمال أخرى نزار قباني



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟