الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نزار قباني >> سأقول لكِ أحبّكِ.. >>
قصائدنزار قباني
- سَأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
- حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه
- فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..
- عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي..
- في تغيير حجارة هذا العالمْ..
- وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ..
- شجرةً بعد شَجَرَهْ..
- وكوكباً بعد كوكبْ..
- وقصيدةً بعد قصيدَه..
- سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
- وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري..
- ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا..
- وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة..
- هي يدي أنا..
- سأقولها، عندما أصبح قادراً،
- على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري،
- ومراكبي الورقيَّهْ..
- واستعادةِ الزَمَن الأزرق معكِ على شواطيء بيروتْ..
- حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..
- فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،
- بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصيفْ..
- 3
- سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
- وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..
- والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..
- والحضارةَ حتى تتحضَّرْ..
- والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..
- والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..
- وأنا أمارسَ النُبُوَّهْ
- بحاجةٍ إليكِ..
- 4
- سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
- عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ..
- ويصبح النومُ على وَرَقة الكتابَهْ
- ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ..
- خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..
- ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..
- كَلِمَةً كَلِمَهْ..
- ومقطعاً مقطعاً...
- إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..
- لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ...
- والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ..
- إن شَرْطَ الشهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ
- فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..
- وأموتُ عندما أنساها..
- 5
- سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
- عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني..
- وأعودُ شخصاً واحداً..
- سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصحراءُ في داخلي.
- وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطيء دمي..
- الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثالث فوق جَسَدي..
- التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً...
- فشوَّهتُ ذُكُورتي..
- وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ..
- بِتُهْمةِ الأُنوثهْ...
- لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..
- ورُبَّما لن أَقولَها غداً..
- فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ
- والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..
- والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..
- فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..
- لِتُصبِحي حبيبتي؟؟.
- بِتُهْمةِ الأُنوثهْ...
- لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..
- ورُبَّما لن أَقولَها غداً..
- فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ
- والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..
- والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..
- فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..
- لِتُصبِحي حبيبتي؟؟.
المزيد...
العصور الأدبيه