الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نزار قباني >> رسالة جندي في جبهة السويس >>
قصائدنزار قباني
رسالة جندي في جبهة السويس
نزار قباني
- يا والدي!
- هذي الحروفُ الثائرهْ
- تأتي إليكَ من السويسْ
- تأتي إليكَ من السويسِ الصابرهْ
- إني أراها يا أبي، من خندقي، سفنُ اللصوصْ
- محشودةٌ عندَ المضيقْ
- هل عادَ قطّاعُ الطريقْ؟
- يتسلّقونَ جدارنا..
- ويهدّدون بقاءنا..
- فبلادُ آبائي حريقْ
- إني أراهم، يا أبي، زرقَ العيونْ
- سودَ الضمائرِ، يا أبي، زُرقَ العيونْ
- قرصانهم، عينٌ من البللورِ، جامدةُ الجفونْ
- والجندُ في سطحِ السفينةِ.. يشتمونَ.. ويسكرونْ
- فرغتْ براميلُ النبيذِ.. ولا يزالُ الساقطونْ..
- يتوعّدونْ
- الرسالة الثانية 30/10/1956
- هذي الرسالةُ، يا أبي، من بورسعيدْ
- أمرٌ جديدْ..
- لكتيبتي الأولى ببدءِ المعركهْ
- هبطَ المظليّونَ خلفَ خطوطنا..
- أمرٌ جديدْ..
- هبطوا كأرتالِ الجرادِ.. كسربِ غربانٍ مُبيدْ
- النصفُ بعدَ الواحدهْ..
- وعليَّ أن أُنهي الرسالهْ
- أنا ذاهبٌ لمهمّتي
- لأرُدَّ قطّاعَ الطريقِ.. وسارقي حرّيتي
- لكَ.. للجميعِ تحيّتي.
- الرسالة الثالثة 31/10/1956
- الآنَ أفنَينا فلولَ الهابطينْ
- أبتاهُ، لو شاهدتَهم يتساقطونْ
- كثمارِ مشمشةٍ عجوزْ
- يتساقطونْ..
- يتأرجحونْ
- تحتَ المظلاتِ الطعينةِ
- مثلَ مشنوقٍ تدلّى في سكونْ
- وبنادقُ الشعبِ العظيمِ.. تصيدُهم
- زُرقَ العيونْ
- لم يبقَ فلاحٌ على محراثهِ.. إلا وجاءْ
- لم يبقَ طفلٌ، يا أبي، إلا وجاءْ
- لم تبقَ سكّينٌ.. ولا فأسٌ..
- ولا حجرٌ على كتفِ الطريقْ..
- إلا وجاءْ
- ليرُدَّ قطّاعَ الطريقْ
- ليخُطَّ حرفاً واحداً..
- حرفاً بمعركةِ البقاءْ
- الرسالة الرابعة 1/11/1956
- ماتَ الجرادْ
- أبتاهُ، ماتتْ كلُّ أسرابِ الجرادْ
- لم تبقَ سيّدةٌ، ولا طفلٌ، ولا شيخٌ قعيدْ
- في الريفِ، في المدنِ الكبيرةِ، في الصعيدْ
- إلا وشاركَ، يا أبي
- في حرقِ أسرابِ الجرادْ
- في سحقهِ.. في ذبحهِ حتّى الوريدْ
- هذي الرسالةُ، يا أبي، من بورسعيدْ
- من حيثُ تمتزجُ البطولةُ بالجراحِ وبالحديدْ
- من مصنعِ الأبطالِ، أكتبُ يا أبي
- من بورسعيدْ..
المزيد...
العصور الأدبيه