قصائدنزار قباني



حُبٌ إستثنائي.. لامرأةٍ إستثنائية
نزار قباني



  • 1

  • أكثرُ ما يعذّبني في حُبِّكِ..

  • أنني لا أستطيع أن أحبّكِ أكثرْ..

  • وأكثرُ ما يضايقني في حواسّي الخمسْ..

  • أنها بقيتْ خمساً.. لا أكثَرْ..

  • إنَّ امرأةً إستثنائيةً مثلكِ

  • تحتاجُ إلى أحاسيسَ إستثنائيَّهْ..

  • وأشواقٍ إستثنائيَّهْ..

  • ودموعٍ إستثنايَّهْ..

  • وديانةٍ رابعَهْ..

  • لها تعاليمُها ، وطقوسُها، وجنَّتُها، ونارُها.

  • إنَّ امرأةً إستثنائيَّةً مثلكِ..

  • تحتاجُ إلى كُتُبٍ تُكْتَبُ لها وحدَها..

  • وحزنٍ خاصٍ بها وحدَها..

  • وموتٍ خاصٍ بها وحدَها

  • وزَمَنٍ بملايين الغُرف..

  • تسكنُ فيه وحدها..

  • لكنّني واأسفاهْ..

  • لا أستطيع أن أعجنَ الثواني

  • على شكل خواتمَ أضعُها في أصابعكْ

  • فالسنةُ محكومةٌ بشهورها

  • والشهورُ محكومةٌ بأسابيعها

  • والأسابيعُ محكومةٌ بأيامِها

  • وأيّامي محكومةٌ بتعاقب الليل والنهارْ

  • في عينيكِ البَنَفسجيتيْنْ...

  • 2

  • أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة.. أنّها لا تكفيكِ.

  • وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتُبُكِ..

  • أنتِ امرأةٌ صعبهْ..

  • كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكْ..

  • ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيَّهْ..

  • معكِ لا توجدُ مشكلة..

  • إنَّ مشكلتي هي مع الأبجديَّهْ..

  • مع ثمانٍ وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة

  • واحدةٍ من مساحات أنوثتكْ..

  • ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك

  • الجميلْ...

  • إنَّ ما يحزنني في علاقتي معكِ..

  • أنكِ امرأةٌ متعدِّدهْ..

  • واللغةُ واحِدهْ..

  • فماذا تقترحين أن أفعلْ؟

  • كي أتصالح مع لغتي..

  • وأُزيلَ هذه الغُربَهْ..

  • بين الخَزَفِ، وبين الأصابعْ

  • بين سطوحكِ المصقولهْ..

  • وعَرَباتي المدفونةِ في الثلجْ..

  • بين محيط خصركِ..

  • وطُموحِ مراكبي..

  • لاكتشاف كرويّة الأرضْ..

  • 3

  • ربما كنتِ راضيةً عنِّي..

  • لأنني جعلتكِ كالأميرات في كُتُب الأطفالْ

  • ورسمتُكِ كالملائكة على سقوف الكنائس..

  • ولكني لستُ راضياً عن نفسي..

  • فقد كان بإمكاني أن أرسمكِ بطريقة أفضلْ.

  • وأوزّعَ الوردَ والذَهَبَ حول إليتيْكِ.. بشكلٍ أفضلْ.

  • ولكنَّ الوقت فاجأني.

  • وأنا معلَّقٌ بين النحاس.. وبين الحليبْ..

  • بين النعاس.. وبين البحرْ..

  • بين أظافر الشهوة.. ولحم المرايا..

  • بين الخطوط المنحنية.. والخطوط المستقيمهْ..

  • ربما كنتِ قانعةً، مثل كلّ النساءْ،

  • بأيّة قصيدة حبٍ . تُقال لكِ..

  • أما أنا فغير قانعٍ بقناعاتكْ..

  • فهناك مئاتٌ من الكلمات تطلب مقابلتي..

  • ولا أقابلها..

  • وهناك مئاتٌ من القصائدْ..

  • تجلس ساعات في غرفة الإنتظار..

  • فأعتذر لها..

  • إنني لا أبحث عن قصيدةٍ ما..

  • لإمرأةٍ ما..

  • ولكنني أبحث عن "قصيدتكِ" أنتِ....

  • 4

  • إنني عاتبٌ على جسدي..

  • لأنه لم يستطع ارتداءكِ بشكل أفضلْ..

  • وعاتبٌ على مسامات جلدي..

  • لأنها لم تستطع أن تمتصَّكِ بشكل أفضلْ..

  • وعاتبٌ على فمي..

  • لأنه لم يلتقط حبّات اللؤلؤ المتناثرة على امتداد

  • شواطئكِ بشكلٍ أفضلْ..

  • وعاتبٌ على خيالي..

  • لأنه لم يتخيَّل كيف يمكن أن تنفجر البروق،

  • وأقواسُ قُزَحْ..

  • من نهدين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامنِ عشر..

  • بصورة رسميَّهْ...

  • ولكن.. ماذا ينفع العتب الآنْ..

  • بعد أن أصبحتْ علاقتنا كبرتقالةٍ شاحبة،

  • سقطت في البحرْ..

  • لقد كان جسدُكِ مليئاً باحتمالات المطرْ..

  • وكان ميزانُ الزلازلْ

  • تحت سُرّتِكِ المستديرةِ كفم طفلْ..

  • يتنبأ باهتزاز الأرضْ..

  • ويعطي علامات يوم القيامهْ..

  • ولكنني لم أكن ذكياً بما فيه الكفايه..

  • لألتقط إشاراتكْ..

  • ولم أكن مثقفاً بما فيه الكفايه...

  • لأقرأ أفكار الموج والزَبَدْ

  • وأسمعَ إيقاعَ دورتكِ الدمويّهْ....

  • 5

  • أكثر ما يعذِّبني في تاريخي معكِ..

  • أنني عاملتُكِ على طريقة بيدبا الفيلسوفْ..

  • ولم أعاملكِ على طريقة رامبو.. وزوربا..

  • وفان كوخ.. وديكِ الجنّ.. وسائر المجانينْ

  • عاملتُك كأستاذ جامعيّْ..

  • يخاف أن يُحبَّ طالبته الجميلهْ..

  • حتى لا يخسَر شرَفَه الأكاديمي..

  • لهذا أشعر برغبةٍ طاغية في الإعتذار إليكِ..

  • عن جميع أشعار التصوُّف التي أسمعتكِ إياها..

  • يوم كنتِ تأتينَ إليَّ..

  • مليئةً كالسنبُلهْ..

  • وطازجةً كالسمكة الخارجة من البحرْ..

  • 6

  • أعتذر إليكِ..

  • بالنيابة عن ابن الفارض، وجلال الدين الرومي،

  • ومحي الدين بن عربي..

  • عن كلَّ التنظيرات.. والتهويمات.. والرموز..

  • والأقنعة التي كنتُ أضعها على وجهي، في

  • غرفة الحُبّْ..

  • يوم كان المطلوبُ منِّي..

  • أن أكونَ قاطعاً كالشفرة

  • وهجومياً كفهدٍ إفريقيّْ..

  • أشعرُ برغبة في الإعتذار إليكِ..

  • عن غبائي الذي لا مثيلَ له..

  • وجبني الذي لا مثيل له..

  • وعن كل الحكم المأثورة..

  • التي كنتُ أحفظها عن ظهر قلبْ..

  • وتلوتُها على نهديكِ الصغيريْْنْ..

  • فبكيا كطفلينِ معاقبينِ.. وناما دون عشاءْ..

  • 7

  • أعترفُ لكِ يا سيّدتي..

  • أنّكِ كنتِ امرأةً إستثنائيَّهْ

  • وأنَّ غبائي كان استثنائياً...

  • فاسمحي لي أن أتلو أمامكِ فِعْلَ الندامَهْ

  • عن كلِّ مواقف الحكمة التي صدرتْ عنِّي..

  • فقد تأكّد لي..

  • بعدما خسرتُ السباقْ..

  • وخسرتُ نقودي..

  • وخيولي..

  • أن الحكمةَ هي أسوأُ طَبَقٍ نقدِّمهُ..

  • لامرأةٍ نحبُّها....



أعمال أخرى نزار قباني



المزيد...

العصور الأدبيه

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط