قصائدنزار قباني



التانغو الأخير
نزار قباني



  • فوق حقل من التوليب الأحمر..

  • 1

  • كُنْتِ..

  • في أحسن حالاتِكِ – يا سيّدتي – هذا المساءْ

  • كانَ نَهْداكِ..

  • يُذِيعانِ بلاغَ الثورة الأولى بتاريخ النساءْ

  • ويقُودان انقلاباً ضدَّ كلّ الخُلَفَاءْ..

  • كانَ في عينيكِ غَيْمٌ أسودٌ..

  • وبداياتُ شتاءْ..

  • ونُبُوءاتُ جميع الأنبياءْ..

  • 2

  • لم تكوني امرأة عاديةً...

  • في ذلك اليوم الشتائيِّ الذي يحكمُهُ الكونياكْ،

  • والقهوةُ.. والجِنْسُ.. وإيقاعُ المزاريبِ،

  • وموسيقى المَطَرْ..

  • كنتِ جَمْراً. كُنْتِ فَحْما

  • كنت شيئاً لا يُسَمَّى.

  • لم تكوني دُمْيَةً مَحْشُوةً بالقطنِ.. مثلَ الأخْرَياتِ

  • كنتِ وَحْشاً رائعَ الجلد جميلا..

  • لم تكوني نَسْمةً من نسمات الصيفِ..

  • لكنْ كنتِ زلزالاً مَهُولا.

  • لم تكوني زهرةً من ورقٍ..

  • بل حصاناً.. يمضغ الشرشَفَ شوقاً وصهيلا..

  • 3

  • كان تشرينُ بلا عقلٍ..

  • وكان العشبُ متروكاً على فطرته الأولى..

  • وماري، تصنعُ الحُبَّ على فطرتها الأولى..

  • وكانت تتهجّى جَسَدي حرفاً فحرفا..

  • دونَ أن تُخْطئَ في تشكيل كلِّ الكَلِماتِ

  • ربّما الكونياكُ قد ثقَّفَ ماري..

  • فهي تختارُ أرقَّ المُفْرَدَاتِ.

  • ربّما الكونياكُ قد علَّمَها

  • أنَّ في إمكان نهدَيْها احتلالَ الكائناتِ

  • هذه الليلةَ، يا ماري، سأبقى صامتاً

  • فالبراندي، هو سُلْطَانُ اللغاتِ..

  • 4

  • كنتِ في أخصب أيامِكِ، يا ماري،

  • وكانت أنْهُرُ الياقوتِ تجري بهدوءٍ..

  • والأزاهيرُ تغطي كلّ أنحاء السريرْ..

  • لم تكوني امرأةً مذعورة.. أو خائفَهْ

  • كُنْتِ سِكّينا بقلب العاصفَهْ

  • شَرِبتْ سجّادةُ الموكيت، يا سيدتي، نصفَ دمي

  • وأنا اقتطفُ التوليبَ مبهوراً..

  • وأحسو المَطَرَ الورديَّ من أعلى الينابيعِ..

  • وأكوي بالبراندي شَفَةَ الجُرْح..

  • ولا أحسبُ للنار حسابْ..

  • آهِ.. يا ماري التي تفتحُ لي أسوارَها مثلَ كتابْ

  • لم يعُد عنديَ ما أقرؤهُ.

  • فأنا آتٍ من الأرض الخرابْ..

  • 5

  • آهِ.. يا ماري التي تلبس لي

  • في أوّل الليل قميصاً معجزَهْ..

  • وإذا ما انتصفَ الليلُ..

  • قميصاً معجزَهْ..

  • كيفَ صارَ الزَغَبُ الطالعُ من إبْطيْكِ..

  • أسلاكَ حريرْ؟

  • آهِ.. يا ماري التي تحفرني في بطنها العاري..

  • كجرحٍ مستديرْ..

  • يا التي أزرعُ في أحشائِها..

  • السيفَ الأخيرْ..

  • 6

  • أحرقَ الكونياكُ أعصابي..

  • وفي عينيْكِ بَرْقٌ.. ورعودٌ.. ومَطَرْ

  • وقلوعٌ.. واحتمالاتُ سَفَرْ

  • لم أكن أُدْرِكُ ما يجري تماماً..

  • غيرَ أن الأرضَ كانت تحتَنا تهتزُّ..

  • والجدرانُ، والأبوابُ، والأكوابُ، واللوحاتُ،

  • والأشجارُ، والأوراقُ في الريح تطيرْ

  • لم أكن أسمعُ إلا جَرَس القرية في الليلِ،

  • وإلا وَقْعَ أقدامٍ على الثلجِ،

  • وإلا صَرْخَةَ الأنثى التي تُشْعِلُ النارَ بقلب الزمهريرْ

  • آهِ.. يا ماري التي تشرح لي كلَّ شيءٍ.. مثل

  • تلميذٍ صغيرْ.

  • أنتِ منفاي النهائيُّ.. ومينائي الأخيرْ

  • فاسحبيني من يدي..

  • قبلَ أن يبلعني البحرُ الكبيرْ....



أعمال أخرى نزار قباني



المزيد...

العصور الأدبيه



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟