الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نازك الملائكة >> ذات مساء >>
قصائدنازك الملائكة
- ثورة من ألم , من ذكريات
- خلف نفسي , ملء إحساسي العنيف
- وجموح في دمي , في خلجاتي
- في ابتساماتي , في قلبي اللهيف
- إن أكن أبسم كالطفل السعيد
- فابتساماتي وهم وخداع
- إن أكن هادئة , بين الورود
- ففؤادي في جنون وصراع
- أيّ ماساة تراها مقلتايا !
- أيّ حزن عاصر في نظراتي
- جمدت فوق شقائي شفتايا
- وانحنت كفّاي تحت الرعشات
- لا تسلني عن خيالاتي ولحني
- فالدجى الآن بغيض في عيوني
- أين ألقي بصري الباكي وحزني
- إن أنا حوّلت عن كفّي عيوني
- أين أرنو ؟ كلّما حوّلت عيني
- طالعتني صورة الوجه اللهيف
- ذلك الوجه الذي الهب فنّي
- بمعاني الشعر والحبّ العنيف
- أيّها الغادر , لا تنظر إليّا
- قد سئمت الأمل المرّ الكذوبا
- حسب أقداري ما تجني عليّا
- وكفى عمري حزنا ولهيبا
- فيم أبقى الآن حيرى في مكاني ؟
- آه لو أرجع , لو أنسى شقائي
- أدفن الأحزان في صدر الأغاني
- وأناجي بالأسى صمت المساء
- ليتنا لا نلتقي , ليت شقائي
- ظل نارا , ظلّ شوقا وسهاد
- يا دموعي , أيّ معنى لّلقاء
- إن ذوى الحبّ وأبلاه البعاد
- أيّها الأقدار , ما تبغين منّا ؟
- فيم قد جئت بنا هذا المكانا ؟
- آه لو لم نك يا أقدار جئنا
- ها هنا , لو لم تقدنا قد مانا
- ما الذي أبقيت في قلبي الجريح
- ليس إلا الألم المرّ الشديدا
- لم يعد في جسمي الذاوي وروحي
- موضع يحتمل الجرح الجديدا
- أكذا تنطفىء الذكرى ؟ ويفنى
- حبنا ؟ والأمل الشعريّ يخبو
- أكذا تذبل آمالي حزنا
- وهي أشعار وأنغام وحبّ ؟
- خدّر الحزن حياتي وطواها
- لم تعد تعنيني الآن الحياة
- أبدا ينطق باليأس دجاها
- وتغنّي في فضاها العاصفات
- لم يعد من حلمي غير ظلال
- من أسى مرّ على وجهي المرير
- آه لا كان بكائي وخيالي
- أيّها الليل , ولا كان شعوري
- والتقينا , لا فؤاد يتغنّى
- لا ابتسام رسمته الشفتان
- لم يعد إحساسنا شعرا وفنّا
- ليتنا ضعنا ومات الخافقان
- لم يعد في نفسي الولهى مكان
- لأسى أو فرحة أو ذكريات
- أيّ معنى للمنى ؟ فات الأوان
- وذوت عيناي , تحت العبرات
- والتقينا في الدجى , كالغرباء
- تحت جنح الصمت يطوينا الوجوم
- كل شيء ضاحك تحت السماء
- وأنا وحدي تذويني الهموم
- هكذا يا ليل صوّرت شقائي
- في نشيد من كآباتي وحزني
- قصّة قد وقعت ذات مساء
- وحوت روحي واحزاني ولحني
المزيد...
العصور الأدبيه