الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نازك الملائكة >> جامعة الظلال >>
قصائدنازك الملائكة
- أخيرًا لمستُ الحياهْ
- وأدركتُ ما هي أيُّ فراغٍ ثَقيلْ
- أخيرًا تبيّنتُ سرَّ الفقاقيعِ واخيبتاهْ
- وأدركتُ أني أضعتُ زمانًا طويلْ
- ألُمُّ الظلالَ وأخبِطُ في عَتْمة المستحيلْ
- ألمُّ الظلالَ ولا شيءَ غير الظِلالْ
- ومرَّتْ عليَّ الليالْ
- وها أنا أُدْركُ أني لمستُ الحياهْ
- وإن كنت أصرُخُ واخيبتاهْ!
- ومرَّ عليَّ زمانٌ بطيءُ العُبورْ
- دقائقُهُ تتمطّى مَلالاً كأنَّ العُصورْ
- هنالكَ تغفو وتنسى مواكبُها أن تدورْ
- زمانٌ شديدُ السواد, ولونُ النجومْ
- يذكّرُني بعيونِ الذئابْ
- وضوءٌ صغيرٌ يلوحُ وراءَ الغُيومْ
- عرفتُ به في النهايةِ لونَ السَّرابْ
- ووهمَ الحياهْ
- فواخيبتاهْ
- أهذا إذن هو ما لقّبوهُ الحياهْ?
- خُطوطٌ نظَلُّ نخطِّطُها فوقَ وجهِ المياهْ?
- وأصداءُ أغنيةٍ فظّةٍ لا تَمَسُّ الشِّفاهْ?
- وهذا إذنْ هو سرُّ الوجودْ?
- ليالٍ ممزّقةٌ لا تعودْ?
- وآثارُ أقدامِنا في طريقِ الزمان الأصَمْ
- تمرُّ عليها يدُ العاصفهْ
- فتمسحُها دونما عاطفهْ
- وتُسْلمُها للعَدَمْ
- ونحنُ ضحايا هنا
- تجوعُ وتعطشُ أرواحُنا الحائرهْ
- ونحسَبُ أَن المنى
- ستملأ يومًا مشاعرَنا العاصرهْ
- ونجهلُ أَنَّا ندورْ
- مع الوَهْم في حَلَقاتْ
- نجزِّئُ أيامَنا الآفلاتْ
- إلى ذكرياتْ
- وننتظرُ الغَدَ خلفَ العُصورْ
- ونجهلُ أَن القبور ْ
- تمدُّ إلينا بأذرعِها الباردهْ
- ونجهلُ أَنّ الستائرَ تُخفي يدًا ماردهْ
- **
- عرفتُ الحياةَ, وضِقتُ بجمع الظلالْ
- وأضجرَني أن نجوبَ التلالْ
- نحدّقُ في حَسرةٍ خلفَ رَكبِ الليالْ
- تسيرُ بنا القافلهْ
- نجوسُ الشوارعَ في وَحْدةٍ قاتلهْ
- إلامَ يُخادعُنا المبهَمُ?
- وكيفَ النهايةُ? لا أحدٌ يعلم
- **
- سنبقى نسيرْ
- وأبقى أنا في ذُهولي الغريرْ
- ألُمُّ الظلالَ كما كنتُ دونَ اهتمامْ
- عيونٌ ولا لونَ, لا شيءَ إلاَّ الظلامْ
- شفاهٌ تُريدُ ولا شيءَ يَقرَبُ مما تريدْ
- وأيدٍ تُريدُ احتضانَ الفضاءِ المديدْ
- وقلبٌ يريدُ النجومْ
- فيصفعُهُ في الدياجيرِ صوتُ القَدُومْ
- يُهيلُ الترابَ على آخر الميّتينْ
- وأقصوصةٌ من يَرَاع السنينْ
- تضجُّ بسمعي فأصرخ: آه!
- أخيرًا عرفتُ الحياهْ
- فواخيبتاهْ!
المزيد...
العصور الأدبيه