الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> ميخائيل نعيمة >> إلى دودة >>
قصائدميخائيل نعيمة
- تدبّين دبَّ الوهنِ في جسميَ الفاني
- وأجري حثيثاً خلف نعشي وأكفاني
- فأجتاز عمري راكضاً متعثّراً
- بأنقاض آمالي وأشباح أشجاني
- وأبني قصوراً من هباءٍ وأشتكي
- إذا عبثتْ كفُّ الزمانِ ببنياني
- ففي كل يومٍ لي حياةٌ جديدةٌ
- وفي كلّ يومٍ سكرةُ الموتِ تغشاني
- ولولا ضبابُ الشكّ يا دودةَ الثرى
- لكنتُ أُلاقي في دبيبِكِ إيماني
- فأترك أفكاري تُذيع غرورَها
- وأترك أحزاني تكفّن أحزاني
- وأزحف في عيشي نظيرَكِ جاهلاً
- دواعيَ وجدي أو بواعثَ وجداني
- ومستسلماً في كلّ أمرٍ وحالةٍ
- لحكمةِ ربّي لا لأحكام إنسان
- ****
- فها أنتِ عمياءٌ يقودكِ مُبصرٌ
- وأمشي بصيراً في مسالك عُميان
- لكِ الأرضُ مهدٌ والسماءُ مظلّةٌ
- ولي فيهما من ضيق فكريَ سِجْنان
- لئن ضاقتا بي لم تضيقا بحاجتي
- ولكنْ بجهلي وادّعائي بعرفاني
- ففي داخلي ضدّان: قلبٌ مُسلِّمٌ
- وفكرٌ عنيد بالتساؤل أضناني
- توهّم أن الكونَ سِرٌّ وأنّهُ
- يُنال ببحثٍ أو يُباح ببرهان
- فراح يجوب الأرضَ والجوَّ والسَّما
- يُسائل عن قاصٍ ويبحث عن دان
- وكنتُ قصيداً قبل ذلك كاملاً
- فضعضع ما بي من معانٍ وأوزان
- ****
- وأنتِ التي يستصغر الكلُّ قدرَها
- ويحسبها بعضٌ زيادةَ نقصان
- تدبّين في حضن الحياةِ طليقةً
- ولا همَّ يُضنيكِ بأسرارِ أكوان
- فلا تسألين الأرضَ مَنْ مدَّ طولَها
- ولا الشمسَ من لظّى حشاها بنيران
- ولا الريحَ عن قصدٍ لها من هبوبها
- ولا الوردةَ الحمراءَ عن لونها القاني
- وما أنتِ في عين الحياةِ دميمةٌ
- وأصغرُ قَدْراً من نسورٍ وعُقبان
- فلا التبرُ أغلى عندها من ترابها
- ولا الماسُ أسنى من حجارةِ صَوّان
- هل استبدلتْ يوماً غراباً ببلبلٍ
- وهل أهملتْ دوداً لتلهو بغزلان؟
- وهل أطلعتْ شمساً لتحرقَ عوسجاً
- وتملأ سطحَ الأرضِ بالآس والبان؟
- لعمركِ، يا أختاه، ما في حياتنا
- مراتبُ قَدْرٍ أو تفاوتُ أثمان
- مظاهرها في الكون تبدو لناظرٍ
- كثيرةَ أشكالٍ عديدةَ ألوان
- وأُقنومُها باقٍ من البدء واحداً
- تجلّتْ بشُهبٍ أم تجلّتْ بديدان
- وما ناشدٌ أسرارَها، وهو كشفُها،
- سوى مشترٍ بالماء حرقةَ عطشان
المزيد...
العصور الأدبيه