الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> معروف الرصافي >> لقد طوَّحتني في البلادُ مُضاعَا >>
قصائدمعروف الرصافي
لقد طوَّحتني في البلادُ مُضاعَا
معروف الرصافي
- لقد طوَّحتني في البلادُ مُضاعَا
- ظوائح جاءت بالخطوب تباعا
- فبارحت ارضاً ماملأت حقائبي
- سوى حبها عند البراح متاعا
- عتبت على بغداد عتب مودع
- أَمضَّته فيها الحادثات قِراعا
- أضاعتنيَ الأيام فيها ولو دَرَت
- لعز عليها ان اكون مضاعا
- لقد أرضعتني كل خَسفِ وإنني
- لأشكرها أن لم تُتم رَضاعا
- وما انا بالجاني عليها وانما
- نهضت خصاماً دونها ودفاعا
- وأعملت اقلامي بها عربية
- فلم تبد أصغاء لها وسماعا
- ولو كنت أدري انها أعجمية
- تخذت بها السيف الجراز يراعا
- ولو شئت كايلتُ الذين انطوَوْا بها
- على الحقد صاعا بالعداء فصاعا
- ولكن هيَ النفس التي قد أبت لها
- طباعَ المعالي أن تسوءَ طِباعا
- أبَيت عليهم أن أكون بذلّة
- وتأبى الضواري أن تكون ضباعا
- على أنني داريتُ ما شاء حقدَهم
- فلم يجدِ نفعاً ما أتيت وَضاعا
- وأشقى الورى نفساً وأضيعهم نهى ً
- لبيبٌ بداري في نُهاه رعاعا
- تركت من الشعر المديح لأهله
- ونزهت شعري أن يكون قذاعا
- وأنشدته يجلو الحقيقة بالنُّهى
- ويكشف عن وجه الصواب قناعا
- وأرسلته عفواً فجاءَ كما ترَى
- قوافي تجتاب البلاد سراعا
- وقفت غداة البين في الكرى وقفة
- لهاكربت نفسي تطير شعاعا
- أودَّع أصحابي وهم محدِقون بي
- وقد ضقت بالبين المشت ذراعا
- أودَعهم في الكرخ والطرْف مرسل
- إلى الجانب الشرقي منه شعاعا
- كأن برأسي يا أُميم صداعا
- وكنت أظن البينَ سهلا فمُذ أتى
- شَرَى البينُ مني ما أراد وباعا
- وإني جَبان في فِراق أحبتي
- وأن كنت في غير الفراق شجاعا
- كإني وقد جد الفراق سفينه
- أشالت على الريح الهجوم شِراعا
- فمالت بها الأرواح والبحر مائج
- وقد أشكت الواحها تتداعى
- فتحسبني من هزة في أفدعاً
- ترى هضاباً زلزلت وتلاعاً
- فما أنا إلا قومة وإنحناءة
- وسر أذاعته الدموع فذاعا
- رعى الله قوماً والرصافة كلما
- تذكرتهم زاد الفؤاد نزاعا
- أبيت وما أقوى الهموم بمضجع
- تصارعني فيه الهموم صراعا
- وألهو بذكراهم على السير كلما
- هبطت وهاداً أو علوت يفاعا
- هم القومُ أما الصبر عنهم فقد عَصى
- وأما اشتياقي نحوهم فأطاعا
- لقد حكَّموني في الأمور فلم أكن
- لأنطق إلا أمراً ومطاعا
- زجرت كلاباً أم قحمت سباعا
- سلام على وادي السلام وإنني
- لأجعل تسليمي عليه وداعا
- له الله من واد تكاسل أهله
- فباتوا عِطاشا حوله وجياعا
- رآهم عبيداً فاستبد بمائه
- جرى شاكراً صنعَ الطبيعة إنها
- أبانت يداً في جانبيه الصناعا
- وما أنْسَ لا أنْسَ المياهَ بدَجلة
- وإن هي تجري في العراق ضَياعا
- ولو أنها تسقي العراق لما رَمَت
- وما وجدت ريح وإن قد تناوحت
- مَهباً به إلا قُرى وضِياعا
- سأجري عليها الدمعَ غير مضيع
- وأنوب قاعاً من هناك فقاعا
- وأذكر هاتيك الرباع بحسنها
- فنعمت على شَحط المَزارِ رباعا
المزيد...
العصور الأدبيه