الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود درويش >> كأني أحبك >>
قصائدمحمود درويش
- لماذا نحاول هذا السفر
- و قد جرّدتني من البحر عيناك
- و اشتعل الرمل فينا ..
- لماذا نحاول؟
- و الكلمات التي لم نقلها
- تشرّدنا..
- و كل البلاد مرايا
- و كل المرايا حجر
- لماذا نحاول هذا السفر؟
- هنا قتلوك
- هنا قتلوني.
- هنا كنت شاهدة النهر و الملحمه
- و لا يسأم النهر
- لا يتكلّم
- لا يتألم
- في كلّ يوم لنا جثّه
- و في كلّ يوم أوسمه
- هنا وقف النهر ما بيننا
- حارسا
- يجهل الضفتين
- توأمين
- بعيدين، كالقرب، عنّا
- قريبين، كالبعد، منّا
- و لا بد من حارس
- آه لا بدّ من حارس بيننا،
- كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
- دم الجسدين
- و كنّا هنا ضفتين
- و كنّا هنا جسدين
- و كلّ البلاد مريا
- و كلّ المريا حجر
- لماذا نحاول هذا السفر؟
- كأنّ الجبال اختفت كلها
- و كأنّي أحبّك
- كان المطار الفرنسيّ مزدحما
- بالبضائع و الناس.
- كل البضائع شرعية
- ما عدا جسدي
- آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
- كنت ملتحما
- بالوراء الذي يتقدّم
- ضيعت سيفي الدمشقي متهما
- بالدفاع عن الطين
- ليس لسيفي رأي بأصل الخلافة
- فاتهموني..
- علّقوني على البرج
- و انصرفوا
- لترميم قصر الضيافة
- كأني أحبّك حقا
- فأغمدت ريحا بخاصرتي
- كنت أنت الرياح و كنت الجناح
- و فتشت عنك السماء البعيدة
- و قد كنت أستأجر الحلم
- _للحلم شكل يقلدها_
- و كنت أغنّي سدى
- لحصان على شجر
- و في آخر الأرض أرجعني البحر
- كلّ البلاد مرايا
- و كل المرايا حجر
- لماذا نحاول هذا السفر ؟
- تكونين أقرب من شفتيّ
- و أبعد من قبلة لا تصل
- كأنّي أحبّك
- كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك
- و كان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك
- فأترك صمتي على شفتيك
- و أترك صوتي على درج المشنقه
- كأنّي أحبّك
- كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك
- _واسع ضيق هذا المدى _
- و الرحيل يخّبئني في فم الزنبقة
- أعيدي صياغة وقتي
- لأعرف أين أموت سدى
- مر يوم بلا شهداء
- أعيدي صياغة صوتي
- فإن المغني الذي ترسم الفتيات له صورة
- صادروا صوته
- _مرّ يوم بلا شهداء_
- و بين الفراغين أمشي إليك وفيك
- و أولد من نطفة لا أراها
- و ألعب في جثّتي و القمر
- لماذا نحاول هذا السفر
- و كل البلاد مرايا
- و كل المرايا حجر
- لماذا نحاول هذا السفر؟
المزيد...
العصور الأدبيه