الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود درويش >> عائد إلى يافا >>
قصائدمحمود درويش
- هو الآن يرحل عنا
- ويسكن يافا
- و يعرفها حجرا حجرا
- و لا شيء يشبهه
- و الأغاني
- تقّلده..
- تقلد موعده الأخضرا.
- هو الآن يعلن صورته_
- و الصنوبر ينمو على مشنقة
- هو الآن يعلن قصّته_
- و الحرائق تنمو على زنبقة
- هو الآن يرحل عنا
- ليسكن يافا
- و نحن بعيدون عنه.
- و يافا حقائب منسية في مطار
- و نحن بعيدون عنه.
- لنا صور في جيوب النساء.
- و في صفحات الجرائد،
- نعلن قصّتنا كل يوم
- لنكسب خصلة ريح وقبلة نار.
- و نحن بعيدون عنه،
- نهيب به أن يسير إلى حتفه..
- نحن نكتب عنه بلاغا فصيحا
- و شعرا حديثا
- و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف
- و نحتجّ: ليس لنا في المدينة دار.
- و نحن بعيدون عنه،
- نعانق قاتله في الجنازة،
- نسرق من جرحة القطن حتى نلمع
- أوسمة الصبر و الانتظار
- هو الآن يخرج منا
- كما تخرج الأرض من ليلة ماطره
- و ينهمر الدم منه
- و ينهمر الحبر منّا.
- و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرة
- على خنجر؟
- و المساء بعيد عن الناصرة !
- هو الآن يمضي إليه
- قنابل أو.. برتقاله
- و لا يعرف الحدّ بين الجريمة حين تصير حقوقا
- و بين العدالة
- و ليس يصدّق شيئا
- و ليس يكذب شيئا.
- هو الآن يمضي.. و يتركنا
- كي نعارض حينا
- و نقبل حينا .
- هو الآن يمضي شهيدا
- و يتركنا لاجئينا!
- و نام
- و لم يلتجيء للخيام
- و لم يلتجيء للموانيء
- و لم يتكلّم
- و لم يتعّلم
- و ما كان لاجيء
- هي الأرض لاجئة في جراحة
- و عاد بها .
- لا تقولوا: أبانا الذي في السموات
- قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منا
- و عاد..
- هو الآن يعدم
- و الآن يسكن يافا
- و يعرفها حجرا.. حجرا
- و لا شيء يشبهه
- و الأغاني
- تقلّده.
- تقلد موعده الأخضرا
- لترتفع الآن أذرعة اللاجئين
- رياحا.. رياحا
- لتنشر الآن أسماؤهم
- جراحا.. جراحا.
- لتنفجر الآن أجسادهم
- صباحا.. صباحا.
- لتكتشف الأرض عنوانها
- و نكتشف الأرض فينا.
المزيد...
العصور الأدبيه