قصائدمحمود درويش



حبيبتي تنهض من نومها
محمود درويش



  • حبيبتي تنهض من نومها

  • طفولتي تأخذ، في كفّها،

  • زينتها من كل شيء..

  • و لا _

  • تنمو مع الريح سوى الذاكرة

  • لو أحصت الغيم الذي كدسوا

  • على إطار الصورة الفاترة

  • لكان أسبوعا من الكبرياء

  • و كلّ عام قبله ساقط

  • و مستعار من إناء المساء..

  • يوم تدحرجت على كل باب

  • مستسلما للعالم المشغول

  • أصابعي تزفر: لا تقذفوا

  • فتات يومي للطريق الطويل

  • بطاقة التشريد في قبضتي

  • زيتونة سوداء،

  • و هذا الوطن

  • مقصلة أعبد سكّينها

  • إن تذبحوني، لا يقول الزمن

  • رأيتكم!

  • و كالة الغوث لا

  • تسأل عن تاريخ موتي، و لا

  • تغيّر الغابة زيتونها،

  • لا تسقط الأشهر تشرينها !

  • طفولتي تأخذ في كفها،

  • زينتها من أي يوم

  • و لا _

  • تنمو مع الريح سوى الذاكرة

  • و إنني أذكر مرآتها

  • في أول الأيام،حين اكتسى

  • جبينها البرق، لكنني

  • أضطهد الذكرى، لأن المسا

  • يضطهد القلب على بابه..

  • أصابعي أهديتها كلها

  • إلى شعاع ضاع في نومها

  • و عندما تخرج من حلمها

  • حبيبتي أعرف درب النهار

  • أشق درب النهار.

  • كلّ نساء اللغة الصافية

  • حبيبتي..

  • حين يجيء الربيع

  • الورد منفيّ على صدرها

  • من كل حوض، حالما بالرجوع

  • و لم أزل في جسمها ضائعا

  • كنكهة الأرض التي لا تضيع

  • كل نساء اللغة دامية

  • حبيبتي..

  • أقمارها في السماء

  • و الورد محروق على صدرها

  • بشهوة الموت، لأن المساء

  • عصفورة في معطف الفاتحين

  • و لم أزل في ذهنها غائبا

  • يحضرها في كل موت وحين ..

  • كل نساء اللغة النائمة

  • حبيبتي

  • تحلم أنّ النهار

  • على رصيف الليلة الآتية

  • يشرب ظل الليل و الانكسار

  • من شرف الجندي و الزانية

  • تحلم أن المارد المستعار

  • من نومنا، أكذوبة فانية

  • و أن زنزانتنا، لا جدار

  • لها، و أن الحلم طين و نار

  • كل نساء اللغة الضائعة

  • حبيبتي..

  • فتشت عتها العيون

  • فلم أجدها.

  • لم أجد في الشجر

  • خضرتها..

  • فتشت عنها السجون

  • فلم أجد إلاّ فتات القمر

  • فتّشت جلدي..

  • لم أجد نبضها

  • و لم أجدها في هدير السكون

  • و لم أجدها في لغات البشر

  • حبيبة كل الزنابق و المفردات

  • لماذا تموتين قبلي

  • بعيدا عن الموت و الذكريات

  • و عن دار أهلي ؟..

  • لماذا تموتين قبل طلاق النهار

  • من الليل ..

  • قبل سقوط الجدار

  • لماذا؟

  • لكل مناسبة لفظة..

  • و لكن موتك كان مفاجأة للكلام

  • و كان مكافأة للمنافي

  • و جائزة للظلام

  • فمن أين اكتشف اللفظة اللائقة

  • بزنبقة الصاعقة؟

  • سأستحلف الشمس أن تترجل

  • لتشربني عن كثب ..

  • و تفتح أسرارها ..

  • سأستحلف الليل أن يتنصل

  • من الخنجر الملتهب

  • و يكشف أوراقه للمغني

  • تفاصيل تلك الدقائق

  • كانت..

  • عناوين موت معاد

  • و أسماء تلك الشوارع

  • كانت..

  • و صايا نبي يباد

  • و لكنني جئت من طرف السنة الماضية

  • على قنطرة

  • ألا تفتحين شبابيك يوم جديد

  • بعيد عن المقبرة؟!..

  • لأبطالنا، أنشد المنشدون

  • و كانوا حجارة

  • و كانوا يريدون أن يرصفوا

  • بلاطا لساحاتنا

  • وصمتا، لأن السكوت طهارة

  • إذا ازدحم المنشدون

  • و يبدو لنا حين نطرق باب الحبيب

  • بأن الجدار وتر

  • و يبدو لنا أنه لن يغيب

  • سوى ليلة الموت، عنّا

  • و لكننا ننتظر

  • ألا تقفزين من الأبجديه

  • إلينا، ألا تقفزين؟

  • فبعد ليالي المطر

  • ستشرع أمتنا في البكاء

  • على بطل القادسية !

  • أسحل دقات قلبك فوق الجفون

  • و أعصب بالريح حلقي

  • إذا كثر النائمون..

  • و من ليل كل السجون

  • أصيح:

  • أعيدوا لنا بيتها

  • أعيدوا لنا صمتها

  • أعيدوا لنا موتها..

  • عيناك، يا معبودتي، هجرة

  • بين ليالي المجد و الانكسار.

  • شرّدني رمشك في لحظة

  • ثم عادني لاكتشاف النهار.

  • عشرون سكّينا على رقبتي

  • و لم تزل حقيقتي تائهة

  • و جئت يا معبودتي

  • كلّ حلم

  • يسألني عن عودة الآلهه

  • _ترى !رأيت الشمس

  • في ذات يوم ؟

  • _رأيتها ذابلة.. تافهة

  • في عربات السبي كنا، و لم

  • تمطر علينا الشمس إلاّ النعاس

  • كان حبيبي طيبا، عندما

  • ودعني ..

  • كانت أغانينا حواس .

  • عيناك، يا معبودتي،منفى

  • نفيت أحلامي و أعيادي

  • حين التقينا فيهما!

  • من يشتري تاريخ أجدادي ؟

  • من يشتري نار الجروح التي

  • تصهر أصفادي؟

  • من يشتري الحب الذي بيننا؟

  • من يشتري موعدنا الآتي؟

  • من يشتري صوتي و مرآتي ؟

  • من يشتري تاريخ أجدادي

  • بيوم حريّة؟..

  • _معبودتي! ماذا يقول الصدى

  • ماذا تقول الريح للوادي؟

  • _كن طيّبا،

  • كن مشرقا طالردى

  • و كن جديرا بالجناح الذي

  • يحمل أولادي..

  • ما لون عينيها؟

  • يقول المساء:

  • أخضر مرتاح

  • على خريف غامض.. كالغناء

  • و الرمش مفتاح

  • لما يريد القلب أن يسمعه.

  • كانت أغانينا سجالا هناك

  • على جدار النار و الزوبعة

  • _هل التقينا في جميع الفصول؟

  • _كنا صغيرين. و كان الذبول

  • سيّدنا

  • _هل نحن عشب الحقول

  • أم نحن وجهان على الأمس؟

  • _الشمس كانت تحتسي ظلنا

  • و لم نغادر قبضة الشمس

  • _كيف اعترفنا بالصليب الذي

  • يحملنا في ساحة النور؟

  • _لم نتكلم

  • نحن لم نعترف

  • إلا بألفاظ المسامير!..

  • عيناك، يا معبودتي ،عودة

  • من موتنا الضائع تحت الحصار

  • كأنني ألقاك هذا المساء

  • للمرة الأولى..

  • و ما بيننا

  • إلا بدايات، و نهر الدماء

  • كأنه لم يغسل الجيلا.

  • أسطورتي تسقط من قبضتي

  • حجارة تخدش وجه الموت

  • و الزنبق اليابس في جبهتي

  • يعرف جو البيت..

  • _من يرقص الليلة في المهرجان

  • _أطفالنا الآتون

  • _من يذكر النسيان؟

  • _أطفالنا آتون

  • _من يضفر الأحزان

  • إكليل ورد في جبين الزمان ؟

  • _أطفالنا الآتون

  • _من يضع السكر في الألوان؟

  • _أطفالنا الآتون

  • _و نحن يا معبودتي ،

  • أي دور

  • نأخذه في فرحة المهرجان ؟

  • _نموت مسرورين

  • في ضوء موسيقي

  • أطفالنا الآتين !..



أعمال أخرى محمود درويش



المزيد...

العصور الأدبيه



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك