الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود درويش >> الرمادي >>
قصائدمحمود درويش
- الرماديّ اعتراف، و السماء الآن ترتدّ عن الشارع
- و البحر، و لا تدخل في شيء، و لا تخرج من
- شيء... و لا تعترفين
- ساعتي تسقط في الماء الرماديّ .فلم أذهب إلى موعدك
- الساطع. يأتي زمن آخر إذ تنتحرين .
- و أسمي حادثا يحدث في أيّامنا :
- قد ذهب العمر، و لم أذهب مع العمر إلى هذا المساء أبقى في انتظارك
- و أسمي حادثا يحدث في أيامهم:
- عندما أمشي إلى النهر البعيد
- يقف النهر طويلا في اتنظاري.
- و أتابع.
- عنما أرجع في منتصف الموت، يجف النهر في ذاكرتي
- يذيل ما بين الأصابع،
- فلماذا تقفين ؟
- و لماذا تقفين؟
- و تكونين أمام الطعنه الأولى. أمام الخطوة الأولى
- و لا تعترفين .
- و الرمادي اعتراف. من رآني قد رأى وجهك وردا
- في الرماد.
- من رآني أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبّأ الخنجر
- في أضلاعه
- حيث تكونين دمي يمطر ،أو يصعد في أيّ اتجاه
- كالنباتات البدائية.
- كوني حائطي
- كي أبلغ الأفق الرماديّ
- و كي أجرح لون المرحلة
- من رآني ضاع مني
- في ثبات القتله !
- الرماديّاعتراف و شبابيك. نساء و صعاليك
- و الرماديّ هو البحر الذي دخّن حلمي زبدا
- و الرماديّ هو الشّعرالذي أجر جرحي بلدا
- الرمادي هو البحر
- هو الشعر
- هو الزهر
- هو الطير
- هو الليل
- هو الفجر
- الرماديّ هو السائر و القادم
- و حلم الذي قرره الشاعر و الحاكم
- منذ اتحدا
- لست أعمى لأرى
- لست أعمى.. لأرى .
- إنّني أعبر بين الجثتين القمّتين
- كالنباتات البدائية
- كونى حائطي كي أعبرا
- لست أعمى ..لأرى .
- تزحف الصحراء تلتف على خاصرتي
- و تلتف على صدري، وتشتدّ و تشتدّ، و لا أغرق
- لا أغرق.. لا أغرق
- ل!..ا
- ليس لي خلف جبال الرمل آبار من النفط، و لا صفصافة
- مستشرقه
- كان لي سورة"اقرأ" و قرأت..
- كان لي بذرة قمح في يد محترقه
- و احترقت .
- و لي الآن شتاء من دم يمتصه الرمل، و يستخرج
- مازوتا. و أستدعى إلى الحربق لكي يصبح سعر
- النفط أعلى
- قلت: كلا !
- و الرماديّ اعتراف مثل جدران جدران الزنازين التي تكثر بعد
- الحرب.لا .لم يبك جندي على تاج. و أستدعى
- إلى الحرب لكي يصبح لون التاج أغلى .
- لست أعمى ..لأرى .
- هل تركت الباب مفتوحا ؟
- تعودين بلا جدوى
- ينام الحلم الكاذب في المخفر. يدلي باعترافات
- يمرّ الحلم الهارب من قبّعة السجان يدلي
- باعترافات على مائدة القرصان
- يدلي باعترافات ينام الحلم الغائب تحت المشنقة
- هل تركت الباب مفتوحا؟
- لكي أقفز من جلدي إلى أوّل عصفور رماديّ. و أحتج
- على الآفاق.
- كلا!.
- الرماديّ من البحر إلى البحر
- و حراس المدى عادوا
- و عيناك أمامي نقطتان
- و السراب الضوء في هذا الزمان
- الواقف الزاحف ما بين وداعين طويلين
- و نحن الآن مابين الوداعين وداع دائم
- أنت السراب الضوء و الضوء السراب
- من رآنا أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبأ الخنجر
- في أضلاعه
- حيث تكونين دمي يمطر أو يصعد في أي اتجاه
- كالنباتات البدائية
- كوني حائطي أو زمني
- كي أطأ الأفق الرمادي
- و كي أجرح لون المرحلة
- من رآنا ضاع منا
- في ثياب القتلة
- فاذهبي في المرحلة
- إذهبي
- وانفجري بالمرحلة
المزيد...
العصور الأدبيه