الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> يا بدرداجيَة الخطوب .. >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- هتفوا فأسنَدَتِ اليدانِ ضلوعي
- وشَرِقتُ بالحسراتِ قبلَ دُموعي
- وأصَخْتُ سَمعاً للنُعاة وليتنَني
- من أجل يومِكَ كنتُ غيرَ سميع
- قالوا تماثلَ للشِفاء بِشارةً
- سَكَنت لها روحي وأُفرِخَ رُوعي
- وحَمِدْتُ أن المجدَ غيرَ مبُاحةٍ
- ساحاتُه والبيتُ غيرَ صَديع
- حتى إذا طارَتْ بأجنحة الهنَا
- والبشرِ نفسُ مُغرَّرٍ مخدوع
- أبَتِ القوارِعُ أن تُميلَ طريقَها
- عني فعدت لسِنِّيَ المقروع
- خلعَ الرجاءَ وحل يأسٌ عابسٌ
- جهمٌ مَحِلَّ مُنافسٍ مَخلوع
- وتقهقرَتْ زُمَرُ الأماني وانجَلَتْ
- عَرَصاتُها عن مُثخَنٍ وصَريع
- فإذا بآمالي وما خادعنَنَي
- كمؤمِّلٍ سَفَهاً سرابَ بَقيع
- وإذا بقلبي يستفيضُ نجيعُه
- وإذا بعيني تَستَقي بنجيع
- كنا نشكِّكُ في البُكاء وصدِقِه
- إذ كانَ أكثرهُ بغيرِ شَفيع
- ونَرىَ الصيانَةَ للدمُوع رجُولةً
- حتى يُرَ ى سببٌ إلى التضييع
- فالآنّ تصدُق دمعةُ الباكي إذا
- نَزَلتْ عليك وأنَّةُ الموجوع
- والآنَ ينزِل كلُّ طالبِ حاجةٍ
- في قفرةٍ ليست بذاتِ زُروع
- والآنَ تفتَقِدُ البلادُ مُحنَّكاً
- يُحتاجُ في التنفيذِ والتشريع
- والآن تَلتَمسُ العيونُ فلا ترى
- أثراً لوجهٍ رائعٍ ومُريع
- يا قبرُ من لم يَمتَهِنْ بضَراعةٍ
- باد عليك تضرُّعي وخُشُوعي
- يا بدرَ داجيةِ الخطوبِ ونورِها
- أعزِزْ بانَّكَ غبتَ لا لِطلوع
- خلّفتَ بغداداً عليك حزينةً
- تستقبِلُ الدنيا بوجهِ هَلوع
- تتجاوبُ الأسلاكُ في جَنبَاتها
- بوميضِ بَرقٍ للنَعِيِّ سَريع
- ضَغَطَت هُنا كفٌّ على أزراره
- تُنبي بخطبٍ في العراقِ فَظيع
- شَكَتِ السياسةُ فقدَ مُضطلِعٍ بها
- فذٍّ بحلِّ المُشكلات ضَليع
- والساسةُ الاقطابُ بعدَك أعوَلَت
- عن فقدِ فوّام بهم وقَريع
- مارستُ أصنافَ الرجال درايةً
- من تابعٍ منهم ومن مَتبوع
- ونفَدتُ للأعماقِ من أطباعهم
- إذ كنتُ بالأشكال غير قَنوع
- فاخترتُ لي من بينهم مجموعةً
- ووجدتُك المختارَ في المَجموع
- لله درُّك من بِناء طبيعةٍ
- من كلِّ أجزاءِ العُلا مصنوع
- مستشرفٍ يُعشِي العيونَ شُعاعُه
- مُوفٍ على من رامَه مَرفوع
- كنتَ الشُّجاعَ طبيعةً وسجيةً
- إذ ينهضُ الجبناءُ بالتشجيع
- كنتَ المقيمَ على التجارِبِ رأيَه
- ويقيمهُ غِرٌ على المَسموع
- كنتَ الرزين إذا الحلُوم تطايَرتْ
- وأُعيرَ أهل الصبرِ ثوبَ جَزوع
- واذا الخطوبُ استحكَمَتْ حلقاتُها
- شنعاءُ تحصِب من تَرى بشنَيع َ
- كنت السَميذَعَ تنجلي بشُداته
- ظلُماتُ مُسودِّ الرُواق هزيع
- صَقْرٌ يضيق مَطارُه بجناحه
- حتى يخالُ الجوَّ غيرَ وسيع
- متفرِّدٌ يربو على أقرانه
- باعزِّ سَمتٍ في السماءِ رَفيع
- ردَّتْ مخالبَها إليه فردَّها
- حُمْراً مُقلَّمةً من التقريع
- نصَبَ القضاءُ لصيده أشراكَه
- فهَوَى وكلُّ محلِّقٍ لوُقوع
- البيت بيتي أُسرِجتْ ساحاتُه
- بشموعِ ممتدِحيه لا بشموعي
- فإذا أسِيت فحرقةٌ لقبيلةٍ
- نكِبَت بأسيافٍ لها ودُروع
- أين المصبيحُ الذين كأنهم
- زُهْرُ النجوم بغَيبة وطُلوع
- من كل رَكّاضٍ إلى غاياتِه
- رَسْلاً بسرّ حدوده مدفوع
- ومُفوَّهٍ كالفحل عند هديره
- فَذِّ البيان يفيضُ من يُنبوع
- هذي القُبور قصيدةٌ مفجوعةٌ
- غنيِت قوافيها عن التقطيع
- لم ترمِ بي قَدَمي هنا إلاّ جَرَت
- من ذِكرياتِ السالفينَ دموعي
- وكأنني بشخوصهم في مَحضرٍ
- دانٍ ، بعيدٍ ، سائغٍ ، ممنوع
- شيئانِ تفتقرُ البلادُ إليهما
- خِصبُ الرجال بها وخِصْبُ ربيع
- ملك الجميع حياة فذٍّ واحِدٍ
- كان المصابُ به مُصابَ جميع
المزيد...
العصور الأدبيه