الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> ناجيت قبرك ... >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ
- أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ
- قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا
- عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا
- تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها
- رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَد
- أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ
- ماذا يخِّبي لهمْ في دَفَّتيهِ غد
- طالَ التَمحْلُ واعتاصتْ حُلولُهم
- ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَد
- ليتَ الحياةَ وليت الموتَ مرَحمَةٌ
- فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لبَد
- ولا الفتاةُ بريعانِ الصِبا قُصفَتْ
- ولا العجوزُ على الكّفينِ تَعتمِد
- وليتَ أنَّ النسورَ استُنزفَتْ نَصفاً
- أعمارُهنَّ ولم يُخصصْ بها أحد
- حُييَّتِ " أُمَّ فُراتٍ " إنَّ والدة
- بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِد
- تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها
- بُدّاً ، وإنْ قامَ سدّاً بيننا اللَحد
- بالرُوح رُدِّي عليها إنّها صِلةٌ
- بينَ المحِبينَ ناذا ينفعُ الجَسد
- عزَّتْ دموعيَ لو لمْ تَبعثي شَجَناً
- رَجعت مِنه لحرِّ الدمع أبترِد
- خَلعتُ ثوبَ اصطِبارٍ كانَ يَستُرنُي
- وبانَ كِذبُ ادِعائي أنَّني جَلِد
- بكَيتُ حتَّى بكا من ليسَ يعرِفُني
- ونُحتُ حتَّى حكاني طائرٌ غَرِد
- كما تَفجَّرَ عَيناً ثرَّةً حجَرٌ
- قاسٍ تفَجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَلد
- إنّا إلى اللهِ ! قولٌ يَستريحُ بهِ
- ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحدوا
- مُدَّي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ يدُ
- لابُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نتَّحِد
- كُنَّا كشِقَّينِ وافي واحداً قدَرٌ
- وأمرُ ثانيهما مِن أمرِهِ صَدَد
- ناجيتُ قَبرَكِ استوحي غياهِبَهُ
- عن ْحالِ ضيفٍ عليهُ مُعجَلا يفد
- وردَّدَتْ قفرةٌ في القلبِ قاحِلةٌ
- صَدى الذي يَبتغي وِرْداً فلا يجِد
- ولَفَّني شَبَحٌ ما كانَ أشبَههُ
- بجَعْدِ شَعركِ حولَ الوجهِ يَنعْقد
- ألقيتُ رأسيَ في طيَّاتِه فَزِعاً
- نظير صُنْعِيَ إذ آسى وأُفتأد
- أيّامَ إنْ صناقَ صَدري أستريحُ إلى
- صَدرٍ هو الدهرُ ما وفى وما يَعِد
- لا يُوحشِ اللهُ رَبعاً تَنزِلينَ بهِ
- أظُنُ قبرَكِ رَوضاً نورُه يَقِد
- وأنَّ رَوْحكِ رُحٌ تأنَسِينَ بها
- إذا تململَ مَيْتٌ رُوْحُهُ نَكَد
- كُنَّا كنبَتةِ رَيحانٍ تخطَّمَها
- صِرٌّ . فأوراقُها مَنزوعَةٌ بَددَ
- غَّطى جناحاكِ أطفالي فكُنتِ لهُمْ
- ثغراً إذا استيقَظوا ، عِيناً اذا رقَدوا
- شّتى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها
- فهلْ يكونُ وَفاءً أنني كمِد
- لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَسٌ
- لهُ محلاً ، ولا خُبْثٌ ولا حَسد
- ولم تكُنْ ضرةً غَيرَى لجِارَتِها
- تُلوى لخِيرٍ يُواتيها وتُضْطَهد
- ولا تَذِلُّ لخطبٍ حُمَّ نازِلُهُ
- ولا يُصَعِّرُ مِنها المالُ والولد
- قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لهمْ
- واللهِ لو كانَ خيرٌ أبطأتْ بُرُد
- ضاقَتْ مرابِعُ لُبنانٍ بما رَحُبَتْ
- عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُد
- تلكَ التي رقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُها
- أيامَ كُنَّا وكانتْ عِيشةٌ رَغَد
- سوداءُ تنفُخُ عن ذِكرى تُحرِّقُني
- حتّى كأني على رَيعانِها حَرِد
- واللهِ لم يحلُ لي مغدىً ومُنْتَقَلٌ
- لما نُعيتِ ، ولا شخصٌ ، ولا بَلَد
- أينَ المَفَرُّ وما فيها يُطاردُني
- والذِكرياتُ ، طرُّيا عُودُها ، جُدُد
- أألظلالُ التي كانتْ تُفَيِّئُنا
- أمِ الِهضابُ أم الماء الذي نَرِد؟
- أم أنتِ ماثِلةٌ ؟ مِن ثَمَّ مُطَّرَحٌ
- لنا ومنْ ثَمَّ مُرتاحٌ ومُتَّسَد
- سُرعانَ ما حالتِ الرؤيا وما اختلفَتْ
- رُؤىً ، ولا طالَ – إلا ساعةٍ – أمَد
- مررتُ بالحَورِ والأعراسُ تملؤهُ
- وعُدتُ وهو كمثوى الجانِ يَرْتَعِد
- مُنىً - وأتعِسْ بها – أنْ لا يكونَ على
- توديعها وهيَ في تابُوتها رَصَد
- لعلَّني قارئٌ في حُرِّ صَفْحَتِها
- أيَّ العواطِفِ والأهواءِ تَحْتَشِد؟
- وسامِعٌ لفظةً مِنها تُقَرِّظُني
- أمْ أنَّها – ومعاذَ اللهِ – تَنْتَقِد
- ولاقِطٌ نظرةً عَجلى يكونُ بها
- ليْ في الحياةِ وما ألقى بِها ، سَند
المزيد...
العصور الأدبيه