الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> فلسطين الدامية >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- لو استطعتُ نشرتُ الحزنَ والألما
- على فِلسْطينَ مسودّاً لها علما
- ساءت نهاريَّ يقظاناً فجائعُها
- وسئن ليليَ إذ صُوِّرْنَ لي حلما
- رمتُ السكوتَ حداداً يوم مَصْرَعِها
- فلو تُرِكتُ وشاني ما فتحت فم
- أكلما عصفت بالشعب عاصفةٌ
- هوجاءُ نستصرخُ القرطاسَ والقلما ؟
- هل أنقَذ الشام كُتابٌ بما كتبوا
- أو شاعرٌ صانَ بغداداً بما نظما
- فما لقلبيَ جياشاً بعاطفةٍ
- لو كان يصدقُ فيها لاستفاضَ دما
- حسب العواطف تعبيراً ومنقصةً
- أنْ ليس تضمنُ لا بُرءاً ولا سقما
- ما سرني ومَضاءُ السيفِ يُعوزوني
- أني ملكتُ لساناً نافثاً ضَرما
- دم يفور على الأعقاب فائرُهُ
- مهانةٌ ارتضي كفواً له الكلما
- فاضت جروحُ فِلَسْطينٍ مذكرةً
- جرحاً بأنْدَلُسٍ للآن ما التأما
- وما يقصِّر عن حزن به جدة
- حزن تجدده الذكرى إذا قَدُما
- يا أُمةً غرها الإِقبالُ ناسيةً
- أن الزمانَ طوى من قبلها أمما
- ماشت عواطفَها في الحكم فارتطمت
- مثلَ الزجاجِ بحد الصخرة ارتطما
- وأسرعت في خطاها فوق طاقتها
- فأصبحت وهي تشكو الأيْنَ والسأما
- وغرَّها رونقٌ الزهراء مكبرة
- أن الليالي عليها تخلع الظُّلَما
- كانت كحالمةٍ حتى اذا انتبهتْ
- عضّتْ نواجذَها من حرقةٍ ندما
- سيُلحقون فلسطيناً بأندلسٍ
- ويَعْطفون عليها البيتَ والحرما
- ويسلبونَك بغداداً وجلقةً
- ويتركونِك لا لحماً ولا وضما
- جزاء ما اصطنعت كفاك من نعمٍ
- بيضاء عند أناسٍ تجحد النعما
- يا أمةً لخصوم ضدها احتكمت
- كيف ارتضيتِ خصيماً ظالماً حكما
- بالمِدفع استشهدي إن كنت ناطقةً
- أو رُمْتِ أن تسمعي من يشتكي الصمما
- وبالمظالمِ رُدي عنك مظلمةً
- أولا فأحقر ما في الكون مَنْ ظُلِما
- سلي الحوادثَ والتأريخَ هل عرفا
- حقا ورأياً بغير القوةِ احتُرما
- لا تطلُبي من يد الجبار مرحمةً
- ضعي على هامةٍ جبارةٍ قدما
- باسم النظامات لاقت حتفَها أممٌ
- للفوضوية تشكو تلْكم النظما
- لا تجمع العدلَ والتسليحَ أنظمةٌ
- الا كما جمعوا الجزارَ والغنما
- من حيث دارتْ قلوبُ الثائرين رأتْ
- من السياسةِ قلباً بارداً شبما
- أقسمتُ بالقوة المعتزِّ جانبُها
- ولست أعظمَ منها واجداً قسماً
- إن التسامح في الاسلام ما حصدت
- منه العروبة الا الشوكَ والألما
- حلتْ لها نجدة الأغيار فاندفعت
- لهم تزجي حقوقاً جمةً ودما
- في حين لم تعرف الأقوامُ قاطبةً
- عند التزاحم الا الصارمَ الخذما
- أعطت يداً لغريبٍ بات يقطعُها
- وكان يلثَمُها لو أنه لُطِما
- أفنيتِ نفسَكِ فيما ازددتِ مِن كرم
- ألا تكفّين عن أعدائك الكرما
- لابَّد من شيمٍ غُرٍّ فان جلبت
- هلكاً فلابد أن تستأصلي الشيما
- فيا فِلَسْطينُ إن نَعْدمْكِ زاهرةً
- فلستِ أولَّ حقٍ غيلةً هُضِما
- سُورٌ من الوَحْدةِ العصماءِ راعَهُمُ
- فاستحدثوا ثُغْرَةً جوفاءَ فانثلما
- هزّت رزاياكِ أوتاراً لناهضةٍ
- في الشرق فاهتَجْنَ منها الشجوَ لا النغما
- ثار الشبابُ ومن مثلُ الشباب اذا
- ريعَ الحمى وشُواظُ الغَيْرَةِ احتدما
- يأبى دمٌ عربيٌ في عروقِهِمُ
- أنْ يُصبِحَ العربيُّ الحرُّ مهتضما
- في كل ضاحيةٍ منهم مظاهرةٌ
- موحدين بها الأعلامَ والكلما
- أفدي الذينَ إذا ما أزمةٌ أزَمَتْ
- في الشرق حُزناً عليها قصَّروا اللِمَما
- ووحدَّتْ منهُمُ الأديانَ فارقةً
- والأمرَ مختلفاً والرأيَ مُقتَسمَا
- لا يأبهون بارهابٍ إذا احتدَموا
- ولا بِمَصْرَعِهِمْ إن شعبُهم سَلِما
المزيد...
العصور الأدبيه