الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> شباب ضائع!.. >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- ذَخَرتُ لأحداثِ الزّمانِ يَراعا
- يُجيد نِضالاً دونَها وقِراعا
- وأعددْتُه للطارئاتِ ذَخيرةً
- يُزيحُ عن الشرِّ الكمينِ قناعا
- وألفيتُني في كلِّ خطبٍ يَنُوبُه
- أُدافعُ عنه ما استطعتُ دِفاعا
- وما في يدي إلاّ فؤادي أنَرْته
- لِيُلْقي على سُودِ الخطوبِ شُعاعا
- وكلّفْتُ نفسي أنْ تُحَقِقَ سُؤلْها
- سِراعاً ، أو الموتَ الزؤامَ سراعا
- وما ذاك إلاّ كالمؤدّي رسالةً
- رأى كَتْمَها حَيْفاً بها فأذاعا
- أهبتُ بشبانِ العراقِ وإنَّما
- أردتُ بشعري أن أهيجَ سباعا
- أنفْتُ لهذا النشءِ بينا نُريده
- طويلاً على صدّ الكوارثِ باعا
- يَدِبُّ الى البلوَى هزيلا كأنه
- ربيبُ خُمولٍ نَشْأةً ورَضاعا
- فما استَنْهضتْ منه الرزايا عزائماً
- ولا أحْكَمَ التجريبُ منهُ طباعا
- فلا هو بالجَلْدِ المُطيقِ احتمالها
- ولا بالشُّجاعِ المستميتِ صراعا
- فكم زعزعٍ ما حرّكَتْ منه ساكناً
- وكم فُرَصٍ عنّت له فأضاعا
- لقد طبقّ الجهلُ البلادَ وأطْبَقَت
- على الصّمتِ شبانُ البلادِ جَماعا
- وإنَّك لا تَدري أنشءاً مهذباً
- تَسوقُ الرزايا أم تسوقُ رعاعا
- بمصرَ ومصرٌ ما تزال طريدةً
- شرى الظلمُ منها ما أراد وباعا
- دويُّ شبابٍ أرْجَفَ الجورُ وقعَه
- وزعزعَ من بُنيانِهِ فتداعى
- لنا كلُّ هيئاتِ الشبابِ تَصَنُّعاً
- وأزيائهم تمويهةً وخِداعا
- وليس لنا إلاّ التطاحنُ بيننا
- عِراكاً على موهومةٍ ونزاعا
- هَلُمّوا الى النشء المثقّفِ واكشِفوا
- حجاباً يُغَطّي سَوءةً وقناعا
- تروا كلَّ مفتولِ الذراعين ناهداً
- قصيراً إذا جدَّ النّضالُ ذِراعا
- وكلَّ أنيقِ الثوبِ شُدَّ رباطُه
- إلى عُنُقٍ يُعشي العيونَ لمَاعا
- يموعُ إذا مسّ الهجيرُ رداءه
- كما انحلَّ شَمْعٌ بالصِلاء فماعا
- تراه خليَّ البالِ أن راح داهناً
- وأن قد ذكا منه الأريجُ فضاعا
- وليس عليه ما تكاملَ زيُّه
- إذا عَرِىَ الخَلْقُ الكثيرُ وجاعا
- وأن راحَ سوطُ الذُّلِ يُلهب أمةً
- كراهِيَةً يستاقُها وطَواعا
- ولم تُشجِهِ رؤياً وسمعاً قوارعٌ
- يسوء عياناً وقعُها وسَماعا
- وربَّ رءوسٍ بَرْزَةٍ عشّشت بها
- خُرافاتُ جهلٍ فاشتكَيْنَ صُداعا
- وساوسُ لو حققّتَها لوجدتَها
- من المهدِ كانت أذؤباً وضباعا
- بها نوّمَتَنْا الأمهاتُ تخوّفاً
- وما أيقظتنا الحادثاتُ تِباعا
- ومُرّوا بأنحاءِ العراقِ مُضاعةً
- وزوروا قرىً موبوءةً وبقاعا
- تروا من عِراقٍ ضاع ناساً تسوءكم
- عراةٌ ، حفاةٌ ، صاغرين ، جياعا
- وإنَّ شباباً يرقَبُ الموتَ جائعاً
- متى اسطاعَ عن حوْضِ البلاد دفاعا
- وإنَّ شباباً في التبذل غاطساً
- متى كان درعاً للبلاد مَناعا
- غَزَتْ أمم الغربِ الحياةَ تُريدُها
- وما زوُدَّت غيرَ الشبابِ متاعا
- رأى شعبه مُلكاً مُشاعاً لخيره
- فأصبح مُلكاً للبلاد مشاعا
- إذا أصحرتْ للخطب كان شبابُها
- حصوناً منيعاتٍ لها وقلاعا
- فقرَّبتِ الأبعادَ عزماً وِهمّةً
- وأبدلَتِ الدهرَ المطاولَ ساعا
- ونحن ادّخَرْنا عُدّةً من شبابِنا
- هزيلاً ومنخوبَ الفؤاد يراعا
- إذا ما ألّمت نكبةٌ ببلاده
- مضى ناجياً منها وحلّ يفاعا
- زوى الشعبُ عنه خيرَه ورفاهَه
- فلو سِيمَ فَلْساً بالبلاد لباعا
- يرى في الصناعاتِ احتقاراً ويزدهي
- إذا طَمْأنَ التوظيفُ منه طماعا
- وها نحن في عصرٍ يَفيضُ صناعةً
- نرى كلَّ من حاك الحصيرَ صناعا
- نقاوِمُ بالعود البوارِجَ تلتظي
- ونعتاضُ عن حدّ البخارِ شِراعا
- كَرُبْتُ على حالٍ كهذي زريَّةٍ
- أقول لأحلامٍ حلمتُ وَداعا
- على أنّني آسٍ لعقلٍ مهذَّبٍ
- وقلبٍ شُجاعٍ أن يَروحَ ضياعا
- وَجَدْتُ جباناً من وَجدْتُ مُهذَّباً
- وَجَدْتُ جهولاً من وَجَدتُ شُجاعا!
المزيد...
العصور الأدبيه