الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> إلى الرّصافي >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- تمرَّستَ " بالأولى " فكنتَ المُغامِرا
- وفكَّرتَ " بالأخرى " فكنتَ المُجاهِرا
- وفضَّلتَ عيشاً بين تلك وهذه
- به كنتَ ، بل لولاهُ ، ما كنتَ شاعرا
- وما الشِّعرُ إلاَّ ما تفتَّقَ نُورهُ
- عن الذهنِ مشبوباً ، عن الفكر حائرا
- عن النفس جاشت فاستجاشت بفيضها
- عن القلبِ مرتجَّ العواطفِ زاخراً
- وما زجَّ في شتَّى المَهاوي بربِّه
- وقحَّمهُ " النَهجينِ " قصداً ، وجائرا
- وما هو بالحبلِ الذي رُحتَ مرغِماً
- " أوائلَه " أنْ تلتقي و " الأواخرا"
- وكنتَ جريئاً حين يدعوكَ خاطرٌ
- مِن الفكر أن تدعو إليك المَخاطرا
- على ثقةٍ أنْ لستَ في الناس واجداً
- على مِثله – إلاَّ القليلَ – مُناصراً
- وكنتَ صريحاً في حياتكَ كلِّها
- وكانَ – ومازالَ – المصارِحُ نادراً
- فانْ شابَها ما لم تجدْ عنه نُدحةً
- شَفَعْتَ به حُكم الظروف مُسايرا
- فقد كنتَ عن وحي الضرورةِ ناطقاً
- وقد كنتَ عن محضِ الطبيعة صادراً
- وقد كنتَ في تلك " الأماديحِ " شاتماً
- محيطاً " بأربابِ " القرائحِ كافرا
- وإلاَّ فأنتَ المانعُ الصُغرِ " عن يدٍ
- أبتْ أنْ تُحلَّى في الجِنان أساورا"
- وإنَّكَ أنقى من نُفوسِ خبيثةٍ
- تُراوِدُ بالصَّمت المريبِ المَناكرا
- تَعيبُ على الشِّعرِ التَّحايا رقيقةً
- وتلثُم من " بغلٍ هجينٍ " حوافرا
- تُريدُ القوافي المؤنساتِ غفيفةً
- وقد أشغرتْ – للفاحشاتِ – الضمائرا
- وتُنكر أنْ يُستنشقَ الشعرُ " نفحةً "
- وقد فَغرتْ أشداقَها والمناخرا
- وتطوي على " أُمِّ الدَّنايا " مَباطناً
- وتُلقي عليها من إباءٍ مظاهرا
- كما أسدلتْ ليلاً " هلوكٌ " مُلحَّةٌ
- على مخدعِ العُهرِ الحريرَ ستائرا
- من العارِ أنْ نرضى التذبذبَ صامتاً
- دنيئاً ، خبيثاً ، والغاً ، متصاغرا
- على حينَ نأبى أن تحرِّكَ شاعراً
- ضرورةُ حالٍ بدَّلَتْ منه خاطرا
- وإنيّ إذْ أُهدي إليكَ تحيَّتي
- أهزُّ بكَ الجْيلَ العَقوقَ المُعاصِرا
- أهزُّ بكَ الجيلَ الذي لا تهزُّه
- نوابغُه ، حتى تزورَ المقابرا
المزيد...
العصور الأدبيه