الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> وهوى نجم >>
قصائدمحمد حسن فقي
- في رثاء الشاعر حسين سرحان
- أسيلوا عليه الدمعَ.. فهوَ بهِ أجْدَى
- ولا تَذْخرُوا شكراً.. ولا تذْخروا حَمْدا
- فقدْ كان ذا فضْلٍ.. وقد كان ذا هُدىً
- يُفيضان للعافين من رَبْعِه رفْدا
- ولا قوْلَ إلاّ هدْيُه مترسِّلاً
- ولا فعْل إلا رُشْدُهُ الجَمُّ.. مُمْتدّاً
- وقدْ كان لا يَسْتشعرُ الفخْرَ بيننا
- ولكنّه يستشعرُ الحبَّ والزُّهْدا
- ويُغْضِي عن الذمِّ اللئيمِ. ولا يَرى
- لصاحبه الجاني عليه به حقْدا!
- * * *
- أأَحمدُ.. كنتَ الرّوضَ فينا.. ثمارُه
- وأزهارُه كانت لنا النّفْحَ والرّغْدا
- فَصوَّحَ هذا الرّوْضُ.. جَفَّ نَميرُه
- فلمْ نَلْقَ طعْماً لذّ فِيهِ ولا وِرْدا
- لقد كنتَ فيه بُلبلاً مُتَفَرِّداً..
- بأَنْغامِه يُشْجِي بها المجْدَ والوَجْدا
- فأجْدبَ هذا الرّوْضُ بَعْدكَ باكياً
- على طيرهِ الشادِي الذي سكَنَ اللّحْدا
- ونحْنُ كمِثْلِ الطّيْرِ نشكُو فِراقَهُ
- حنيناً إليهِ.. في المَراحِ وفي المَغْدَى
- ونَذْكُرُه فينا شَذىً متضوِّعاً
- يفوحُ.. فيَسْتَهْدِي به السائرُ القَصْدا
- وما كان إلاُ الرُّمْدُ مَنْ لا يَرَوْنَهُ
- ضياءً.. فما أشقى بإنْكارِه الرُّمْدا
- ترفَّعَ عن نَهْجِ الغُواةِ تزهُّداً
- ولم يَتَنفَّجْ كبرياءً ولا كَيْدا
- فإنْ قلْتُ فِكْراً. فهو فيهِ محلّقٌ
- وإن قلْت حِسّاً. فارْقُبِ الجَزْرَ والمَدَّا
- هُما كِفَّتا فِكْرٍ وحِسٍّ تهَاطَلا
- بغَيْثٍ.. حَمِدْنا قَبْلَه البَرْقَ والرّعْدا
- وهل تُنْبِتُ الآلاءَ إلاّ هَوَاطِلٌ
- عَمَتْ نَحْسَنا عنَّا وأبْدتْ لنا السَّعْدا!
- * * *
- أَأَحْمَدُ.. يا رُبَّ امْرِىءٍ مُتميِّزٍ
- يُنَوِّرُ لحْداً مِثْلَما يُطْرِبُ المَهْدا
- وقَدْ كُنْتَهُ شيخاً.. وقَدْ كُنْتَهُ فَتًى
- فَمَا أَكْرَمَ المَثْوى. وما أكْرَمَ الخُلْدا
- عسَاني إذا ما شاءَ رّي تباركَتْ
- آيادِيه.. كم أَجْدَى علينا. وكم أسْدَى
- رَحِيليَ.. أنْ أَلْقى لديه فواضلاً
- وإن كنتُ لم أرْعَ الذّمامَ ولا العَهْدا
- وأَنْ أَتَلاقَى والكرامَ من الأُلَى
- تسارَعْنَ قبلي للرّحيلِ الذي أَرْدى
- فكم أَشْتَهِي. والدمعُ يذرفُ والمُنَى
- تُجاذِبُني شوقاً.. وتُخْلِفُنِي الوَعْدا
- لِقائِي بهِمْ في مَوْطِن الخُلْدِ.. لا أَسىً
- بهِ أو وَنىً يُضْنِي المساعيَ والجهْدا
- ترقَّبْتُهُ يوماً فيَوْماً.. فَلَمْ يَفىءْ
- إِليَّ.. ولكنْ سامَني النَأي والصَدَّا
- ووَلَّى وأَبقى الهَشَّ.. ما يَسْتويَ بِهِ
- وقَدْ لانَ –عُودِي لَيْتَه تركَ الصَّلْدا
- فَعُدْتُ وما أقْوى على السّيرِ قابعاً
- بِدارِي. فلا جَذْباً أطيقُ ولا شَدَّا
- وعُدْتُ وفي حَلْقي من الصّابِ غصّةٌ
- وفي مُهْجَتي من بَعْدِ ما طَعِما.. شُهْدا
- مَتَى يَجْتَوِ المَرْءُ الحياةَ يَجِدْ بها
- مَرَازِىءَ تُنْسِيه المباسِمَ والنَّهْدا
- وكيْفَ.. وقد أَصْلَى الفِراقُ بِنَارِه
- حناياهُ.. حتَّى ما يطيقُ لهُ وَقْدا
- وقد خانَهُ حِسٌّ.. وقد خانَهُ حِجًى
- فلمْ يُبْقِيا حَيْلاً ولمْ يٌبْقِيا رُشْدا
- وكان له رَهْطٌ نِدادٌ.. فلم يَعُدْ
- له مثلهمْ. فهوَ الذي افْتقَدَ النِّدا
- كمَا افْتقَدَ اللَّذْوَى. كما افْتقَدَ الكَرَى
- بشَيْخُوخَةٍ تَطْوِي المواجعَ والسُّهْدا!
- * * *
- سَلامٌ على الدّنيا.. سَلامُ مُودِّعٍ
- تطلَّعَ للأُخْرَى. لمَوْلاهُ واسْتَجْدَى
- على أنَّهُ ما كان في مَيْعَةِ الصِّبا
- صبُوراً على رَيْب الزمان ولا جَلْدا
- عساهُ بعَفْوٍ منه يَنْجُو من اللَّظَى
- فما أكْرم المَوْلى وما أَفْقَرَ العَبْدَا!!
المزيد...
العصور الأدبيه