الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> صبوة الشيخ >>
قصائدمحمد حسن فقي
- ما أراني من بعد ما شِخْتُ إلاَّ
- طَلَلاً بالِياً جَفَتْهُ العُيُونُ!
- كان رَوْضاً تَرْعى الحسانُ مَجالِيه
- شّذِيّاً تَرِفُّ فيه الغُصُونُ!
- صَوَّحَتْهُ الأَيَّامُ. واستشرت الرِّيحُ عليه. فَراحَ عنه الفُتُونُ!
- وأراني أشِيحُ عن رُؤُيَةِ الغِيدِ
- وقد كانَ لي بِهنَّ جُنُونُ!
- يال حُزْني على الصِّبا ومغانيه
- فقد أجْهَزَتْ عليه السِّنونُ!
- ولقد قالتِ الصبايا. وقد كُنَّ بِمَنْاىً عنِّي.. عَدَتْه المَنُونُ!
- كانَ فينا الوَرِيقَ.. هل صَوَّحَ
- الرَّوضُ. وقد عَطْعَطَتْ عليه الحُزُونُ؟!
- ولَئِنْ كانَ فهو ماضٍ وَضِيءٌ
- فيه راياتُهُ. وفيه الحُصونُ!
- لا نطيق العُزُوفَ عنه ولو شاخَ
- فإن العِقْدَ الثَّمِينَ. ثَمِينُ!
- لن يَهُونَ الكريم فينا.. ولن نَجْحَدَ
- كَلاَّ. فهو السَّريُّ المَصُونُ!
- وتَنادَيْنَ فانْتَهَيْنَ إلى النَّجْوى
- وفيها مِنِّي الهوى والشُّجُونُ!
- وإذا بي أرى ويا طيبَ مَرْآيَ
- لِمَغْنىً تَرِفُّ فيه اللُّحونُ!
- من نَشِيدٍ ومن غُناءِ شَجِيٍّ
- فأنا مِنْهم الغَوِيُّ الرَّصِينُ!
- ***
- أَيُهذا الفاني العَجوزُ تحامَقْتَ
- فما أنْتَ بالغَرامِ قَمِينُ!
- لم تَعُدْ بالهِزَبْرِ. فالغاب أَهْوى
- بعد كان َ عامراً.. والعَرينُ!
- هذه صَبْوةٌ تُرَدِّيكَ لِلْقاعِ
- فأنت المُصَفَّدُ المسجونُ!
- ماجِنٌ أًنْتَ إنْ صَبَوتَ. وقد
- يَسْخَرُ منكَ الهوى. ويَلْهُو المُجونُ!
- ***
- وَيْ كأَنِّي بين الأنامِ غَرِيبٌ
- ليس لي بَيْنَهُمْ فْؤادٌ حَنونً!
- قلتُ للدَّهْرِ وهو يُسْرعُ في الخطو
- تمادّيْتَ أيّهذا الطَّحُون
- راعَني ما لَقِيتُه من سِنيني
- فكأَنَّ السِّنين! مِنْكَ قرونَ!
- وكأَنِّي مَجَلَّلٌ بالسَّمادِيرِ
- يَقيني أجَلُّ منه الظُّنُونُ!
- قِيلَ عَنِّي أنٍّي بما كانَ
- فَوَيْلي إذْنْ بما سَيَكُونُ!
- أيكُونُ الجُنونُ؟! كلاَّ فإِنِّي
- عَبْشَمِيٌّ يَرْتاعُ منه الجُنُونُ؟!
- ***
- وبدا لي الصَّوابُ فانْصَعْتُ
- إليه.. بعد الضَّلالِ المُبِينِ!
- كنْتُ في غَفْلةٍ نسِيتُ بها
- الشَّيْبَ فأفْلَتُّ مِن عذابٍ مَهِينِ!
- كيف يَرْضَيْنَ بالثَّعالِبِ يَزْحَفْنَ
- ويَنْأَيْنَ عن ليوثِ العَرِينٍ!
- رُبَّما جِئْتُهُنَّ يَوْماً فَقَهْقَهْنَ
- وأرجعنني بِقَلْبٍ حَزِينِ!
- ولقد يَرْتَجي العجوز بمَجْدٍ
- وحُطامٍ نَوال حُسْنٍ مَشِينِ!
- لَسْتُ هذا أنا. فإِنَّ شبابي
- فاز بالحُسْنِ خاضِعاً. والحَنِينِ!
- لم أَكُنْ بالرهين يَوْماً فَعِنْدي
- من سَراةِ الحِسان ألفُ رَهينِ!
- حَسَدُوني الرِّفاقُ.. حتى لقد كِدْتُ
- غرُوراً.. أَقُولُ. أَيْنَ قَرِيني؟!
- آهِ من هذه الحياة فَكَمْ مَنَّتْ
- وضّنَّتْ.. بِشَدْوِها والأَنِينِ!
- كم سقَتَنْي الأُجاج صَبَاحاً
- فَتَجرَّعْتُه مَشُوباً بطين!
- ثُمَّ جاء المساءُ مِنها بما لم
- أَتخَيَّلْهُ مِن زُلالٍ مَعِينِ!
- لَسْتُ وَحْدِي. وما أَلُومُ
- فقد عِشْتُ سعيداً بِشَكّها واليَقِينِ!
المزيد...
العصور الأدبيه