قصائدمحمد حسن فقي



تهاويم
محمد حسن فقي



  • لسْتُ أدْرِي أنا المُغَرِّدُ في الرَّوْضِ

  • حَزيناً على الأَليفِ المُغادِرْ؟!

  • مَن أَنا؟! قَبْلَ أَنْ أَكونَ مِن النَّاسِ

  • شَجِيّاً بما يُثِيرُ الخواطِرْ؟!

  • مُنْذُ أن كنْتُ في القِماطِ.. دِمائي

  • قائِلات تَوَقَّ عَصْفَ المخاطِرْ!

  • وبدا لي صِدْقُ المقالِ.. صَبِيّاً

  • وَفتِيّاً يَطْوِي السِّنينَ الهواصِرْ!

  • ثُمَّ شيخاً بَلا الزَّمانَ فأَبْلاهُ

  • وأَبْلا يراعَهُ والقماطِرْ..!

  • لم يَعُدْ باقِياً له سوى الحَشَفِ

  • البالي ومِن حَوْلِه الحَوالي النَّوامِرْ!

  • * * *

  • لَتَخيَّلْتُ أنِّي كنْتُ من قَبْلُ

  • عَظِيماً مُسَوَّداً في العشائِرْ..!

  • وله صَوْلَةٌ.. وفيه مَضاءٌ

  • يَتَحدَّى بها اللَّيُوثَ الكواسِرْ!

  • هكذا ظَلَّ فَتْرَةً.. ثم أَمْسى

  • بَعْدَها مضغة الجُدُود العَواثِرُ!

  • يَتَدَهْدى بَيْن الأَنامِ.. فهذا

  • يَتَّقِيهِ. وذاك يَرْثي المصائرْ!

  • ومَضَتْ فَتْرةٌ عليه فَأَلْفى

  • نَفْسَه ثاوِياً بإِحْدى الحظائِرْ!

  • فَرَساً غالِياً على الصَّاحِبِ الفارِسِ يَزْهو بِسَبْقِهِ ويُفاخِرْ!

  • مَرّ حِينٌ عليه كالْماسِ.. كالتِّبْرِ.. فما يَقْتَنِيه غَيْرُ الأكابِرْ!

  • وكبا مَرَّةً.. فَعادَ حُطاماً تَتَّقِيهِ مِن الهوانِ النَّواظِرْ!

  • * * *

  • وتمادى الزَّمانُ في سَيْرهِ الرَّاكِضِ

  • قَرْناً مِن بَعْدِ قَرْنٍ طَوِيلِ!

  • فإِذا بي أَغْدو هِزَبْراً بِرَغْمي

  • ذا نيُوبٍ.. ومخلب قتال!

  • كانَ قَلْبي رِخْواً فَعادَ صَلِيباً

  • لا يُبالي بِرُشْدِهِ والضَّلالِ!

  • يَنْهَشُ الوَحْشَ والأُناسَ

  • ولا يَحْفَلُ إلا بالزَّوْجِ والأَشْبَالِ!

  • كم تَلَذَّذْتُ بالفَرِيسَةِ تَغْدُو

  • في فَمِي مَطْعَماً بِهَوْلِ اغْتِيالي..!

  • * * *

  • وتَحَوَّلْتُ بعد ذلكَ صَقْراً

  • جارِحاً يَذْرَعُ السَّماءَ اقْتِحاما!

  • فإذا ما رآهُ طَيْرٌ تَوَلَّى

  • خِيفَةً مِنْه أَنْ يكونَ طَعاما!

  • وهو يَنْقَضُّ كالمنَايا على الطَّيْرِ

  • وقد يُورِدُ الظِّباءَ الحِماما!

  • أَتُراهُ يَرى الرزايا فَمَا يَرْحَمُ

  • رُزْءاً؟ أَمْ أَنّه يَتَعامى؟!

  • * * *

  • ثم شاءَ الزَّمانُ ضَعْفي فَأَصْبَحْتُ به بُلْبُلاً شَجِيَّ الغناءِ!

  • لي أَلِيفٌ من العُشّ يَشْدُو كما أَشْدو. ونَحْيا في رَوضة غَنَّاءِ!

  • تَحْتَنا النَّخْلُ والأَزاهِيرُ والماءُ

  • ومِن فَوْقِنا صَفاءُ السَّماءِ!

  • غَيْرَ أَنَّا نَخافُ من جارحِ الطَّيْرِ

  • ونَخْشى التَّحْلِيقَ عَبْرَ الفضاءِ!

  • * * *

  • لَم أكُنْ أَشْتَهي سوى العَيشِ في الرَّوْضِ. طَليقاً مع الأليف الحبيب!

  • آهِ. لَوْلا الصّقُورُ تَنْقَضُّ بالموْتِ

  • على البُلْبُلِ الشَّجِيِّ الكئِيبِ!

  • لَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَعِيشَ مَدى العُمْرِ طَرُوباً بالشَّدْوِ والتَّشْبِيبِ!

  • بُلْبُلاً ناعِماً.. وما يَعْرِفُ الخَوْفَ

  • ولكِنْ ما كانَ هذا نصيبي..!

  • * * *

  • قَدَري شاء أَنْ لأَعُودَ إلى العَيْش

  • كما كنْتُ آدِميّاً.. لَهِيفا!

  • لأَرى حَوْليَ المآثِرَ تُقْصِيني

  • وتُدْني لها اللَّبِيبَ الحصيفا..!

  • وأنا أَشْتَهِي المآثِرَ لَوْلا

  • أَنَّني لم أَكُنْ أَمِيناً عفيفا..!

  • يا حَياتي لو أَنَّني أَمْلِكُ الحوْلَ

  • لما كُنْتُ مُسْتَكِيناً ضَعِيفا!

  • إنّني أَنْشُدُ الرَّبِيعَ. فما تُبْصِرُ عَيْني الحَوْلاءُ إلاَّ الخَريفا!

  • فَلَعَلِّي أَنالُ يَوْماً من القُوَّةِ

  • ما يَجْعَلُ الصَّفِيقَ شفيفا!



أعمال أخرى محمد حسن فقي



المزيد...

العصور الأدبيه



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك