الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> اِسأليني.. >>
قصائدمحمد حسن فقي
- اسْأَلِيني ما الذي يَجْعَلُني
- شَبَحاً حتى أرى الخَلْقَ هَباءَ؟!
- واسْأَلِيني عن دَواعِي عُزْلَتي
- أَفكانَتْ جَفْوَةً أم خُيَلاءَ؟!
- وإذا أثَرْتِ أنْ لا تَسْأَلي
- فَدَعيني أُوثِرُ الدَّاءَ العَياءَ!
- أنا وَحْدي في اعْتِزالي ذائِقٌ
- لَذَّةَ الروح ابْتِعاداً واجْتِواءَ!
- * * *
- واسأليني ما الذي يُسْعِدُني
- وأنا أُبْصِرُ حَوْلي السُّعداءَ؟!
- إنَّني أُبْصِرُهم في نَشْوَةٍ
- فَأَرى فيهم أمانِيَّ الوِضاءَ!
- تلك كانتْ في شَبابي وانْمَحَتْ
- وتَبَدَّلْتُ الأسى والبُرَحاءَ!
- ثم عادتْ وَمْضَةً باسِمَةً
- في مُحَيَّاهُم.. فَكانَتْ لي عَزاءَ!
- * * *
- تُسْعِدُ القَلْبَ الشَّجِيَّ المُسْتَوى
- في دَياجِيهِ. نُجُومٌ مُشْرِقاتْ!
- رُبَّما لا يُبْصِرُ الدَّرْبَ بها
- فهو أَدْجى. أَوْ هو الحَظُّ المَواتْ؟!
- هو في دُنْياهُ ما يَرْجُو سِوى
- أَنْ يَرى العالَمَ مَوْفُورَ الهِباتْ!
- ولقد يَرْضى لهم مائِدَةً..
- مُشْتَهاةً. وهو يَرْضى بالفُتاتْ!
- * * *
- هكذا عِشْتُ غَنِيّاً بالرُّؤى
- بالشَّذا تَشْفِي. وتروي بالفُراتْ!
- وفَقيراً ما يُبالي باللُّهى
- فهي قد تَسْلِبُهُ حُلْوَ السُّباتْ!
- ولقد أَشْعُرُ أنِّي طَرِبٌ
- في دُرُوبٍ مُدْلَهِمَّاتِ السِّماتْ!
- ولقد أشْدو بِصَمْتٍ مُطْبِقٍ
- تَتَمنَّاهُ.. فما تَحْظى –اللُّغاتْ!
- * * *
- واسْأَلِيني ما الذي يُكْرِبُني؟!
- ما الذي يَدْفَعُني لِلإِنْزِواءْ؟!
- رَغْمَ أَنِّي بانزوائي قِلِقٌ
- دَنِفٌ يهفو لإِخْوانِ الصَّفاءْ!
- أَيْنَهُم؟! إنِّي إِلَيْهِمْ تائِقٌ
- أَيْنَهم؟! هل هُمْ كَمِثْلي غُرَباءْ؟!
- لا تَلاقي بَيْنَنا إنَّ الوَرى
- فَرَّقُوا ما بَيْنَنا خَوْفَ اللِّقاءْ!
- والورى فيه صَباً.. فيه دَبُورْ
- فيه عَقْلٌ مُبْصِرٌ. فيه عَماءْ!
- فيه رَوْضٌ يانِعٌ. فيه يَبِيسْ
- بَلْقَعٌ لَيْسَ به نَبْتٌ وماءْ!
- طالَما أظْمَأَني.. لكِنَّنِي..
- سِرْتُ فيه بين أشْتاتِ الظِّماءْ!
- لم أَجِدْ فيه سِوى ما راعَني
- مِثْلَ ما راع رَعيلَ الحُكماءْ!
- * * *
- واسأَلِيني ما الذي يَبْهَرُني؟!
- ما الذي يَمْنَحُني حُلْوَ المتَاعْ؟!
- ما الذي يُؤنِسُني في وَحْشةٍ
- لَم تَجِدْ في لَيْلِها الدَّاجي شُعاعْ؟!
- وأعْجَبي مِنِّي.. فما يؤنِسُني
- غَيْرُ أَنْ تَحْلُوَ في الخَلْقِ الطِّباعْ؟!
- فلقد أَلْقى رِعاعاً في سَراةٍ
- ولقد أَلْقى سَراةً في رِعاعْ!
- * * *
- واسْأَليني. ما الذي يُرْهِقُني
- فإِذا مُثْخَناً دُونَ صِراعْ؟!
- وإذا بي الشِّلْوَ يَدْمي حَمَلاً
- خائفا ما بَيْنَ أنْيابِ السِّباعْ!
- وأنا الأَعْزَلُ لا سَيْفَ له
- يَدْفَعُ الظُّلْمَ.. ولا رأْي مطاع!
- لَتَمَنَّيْتُ. وما تُجْدِي المُنى
- أَنَّني كُنْتُ طَعاماً لِلْجِياعْ!
- * * *
- واسألِيني. ما الذي يُلْهِمُني
- ما الذي يُلْهِبُ فِكْري وشُعوري؟!
- ما الذي يَمْلَؤُنِي مِن غِبْطَةٍ
- وأنا المَحْزونُ يَطْويني ثُبُوري؟!
- وأنا الآمِلُ في اللُّبِّ وقد
- تَغْلِبُ اللُّبَّ وتَطْوِيهِ قُشُوري!
- وأنا المُلْتاعُ في أَمْسائِهِ
- حالكاتٍ تَشْتَهي نُورَ البُدورِ!
- ما الذي يُلْهِمُني يا ماضِياً
- حافِلاً بالحُسْنِ يُشْقي.. والغُرورِ؟!
- ما الذي يُلْهِمُني يا حاضِراً
- لم يَعُدْ عِنْدي سوى ذِكْرى حَرُورِ!
- إنَّه ذِكْراكِ.. ذِكْرى أَلَمٍ
- حارِقٍ كالجَمْر ما بَيْنَ الصُّدُورِ!
- إنَّه أَنْتِ. وقد عادَ غَدي
- مُلْهَماً يَبْكي على أَمْسي الحَصُورِ!
- فاسْأَلِيني.. لا فما أُصْغِي إلى
- فِتْنَةٍ عادت رفاتا في القُبُورِ!
المزيد...
العصور الأدبيه