الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> الغاوي الذي استرشد >>
قصائدمحمد حسن فقي
- السَّماواتُ والأراضي تُطِلاَّنِ
- على الآبِقِ الذي يُرِيدُ الصَّلاةَ!
- شَهِدا دَمْعَهُ وهَوْلَ لَيالِيهِ
- وأنَّاتِهِ بِها والشَّكاةَ!
- فاسْتراحا إليه قلباً جَرِيحاً
- قارَفَ الأثْمَ صَحْوَةٌ وسُباتا!
- واسْتفاقَ الأثِيمُ فاجْتاحَهُ الخَوْفُ فقالا له.. سَتَلْقى النَّجاةَ!
- * * *
- يا سمائي لقد كَرُمْتِ. ويا أَرْضي
- لقد كُنْتُما الرُّعاةَ الأُساةَ!
- أنا أَشْقى بما لَقِيتُ.. فهل أَسْعَدُ يَوْماً إذا غَدوْتُ رُفاتا؟!
- أَفَيَغْدُو الأُجاجُ في عالَمِ الغَيْبِ إذا مَسَّهُ الكريمُ فُراتا؟!
- لَسْتُ باليائِسِ القَنُوطِ من
- الرَّحْمَةِ حتىَّ ولو بَزَزْتُ الجُناةَ!
- كانَ مِنِّي الإِثْمُ الرَّهيبُ وأَرْجُو
- أَنْ يَكُونَ الصَّفْحُ الجَمِيلُ الرَّجاةَ!
- إن في التَّوْبِ ما يَرُدُّ الخطايا
- خاسِئاتٍ. وإنْ يَكُنَّ عُتاةَ!
- أنا هذا الأَثِيمُ يا رَبِّ.. تَشَتَّتْتُ مَليّاً.. فَلُمَّ هذا الشَّتاتا!
- وارْعَهُ بَعْد أَنْ تَقَدَّمَ في السِّنِّ. وأَمْسى مِن السِّنِينِ فُتاتا!
- * * *
- وَيْحَ نَفْسي فقد شَعُرْتُ بِأْنِّي
- بعد أَنْ تُبْتُ. قد بُعِثْتُ جَدِيدا!
- فَرَأَيْتُ النُّورَ الوَضِيءَ يُغَشِّيني
- وقد عِشْتُ في الظَّلامِ مَدِيدا!
- ورَأَيْتُ الأَخْيارَ حَوْلي يقولون
- تَقَدَّمْ ولا تَكُنْ رِعْدِيدا..!
- أَنْتَ مِنَّا أَصْبَحْتَ. فاسْعَدْ بِلُقْيانا!!
- فقد كُنْتَ عن المَكْرُماتِ هذى بعيدا!
- وَدِّعِ الأَمْسَ يا شَقِيُّ فقد كانَ على قَلْبِكَ الضَّلُولِ مَرِيدا!
- ولقد كنْتَ رَغْمَ هَوْلِ خَطاياكَ
- ذَكِيّاً.. لكِنْ عَتِيّاً عَنِيدا..!
- فَتَوَغَّلْتَ في الأَثَامِ وأَسْرَفْتَ
- ولم تُبْقِ للرُّجُوعِ رَصِيدا!
- وحَسِبْناكَ لن تَعُودَ إلى الرُّشْدِ
- فإِنَّ الغيان يَجْفو الرَّشِيدا!
- ثم شاءَ الرَّحْمانُ.. جَلَّتْ أَيادِيهِ عَلَيْنا.. عَيْشاً عَلَيْكَ رغِيدا!
- سَبِّح الله ما اسْتَطَعْتَ. فقد
- كانَ رَؤُوفاً حَباكَ صَفْحاً مَجِيدا!
- وتَطَلَّعْتُ لِلسَّماءِ وأجْهَشْتُ
- فقد كنْتُ للرَّجِيمِ وَدِيدا!
- لم يَدَعْني أَفِيقُ من سكْرَةِ الغَيِّ
- وأَمْسَيْتُ في يَدَيْهِ حَصِيدا!
- * * *
- ثُمَّ أَغْضَيْتُ مِن حياءٍ مِن خَوْفٍ. فقد كنْتُ سادِراً في حَياتي!
- كنْتُ فيها الظَّلُومَ لِلْفِكْرِ
- والحِسِّ. وكانا في النَّائِباتِ شَباتي!
- يا لَوَيْلي مِن الغَباءِ فقد كنْتُ
- بليدا في صَحْوتِي وسُباتِي!
- كيف هذا؟! وكانَ أَهْلي يَظُنُّونَ بِأنِّي الهُدى. وكانَ لِداتي!؟
- * * *
- ظاهري كانَ يَبْدو قَوِيماً رشيداً
- حِينما كانَ باطِني الصَّدِي يَتَرَدَّى!
- لَيْتَهُمْ أَبْصَرُوا العَمِيَّ الذي
- ظَلَّ خِداعاً بِقاعِهِ يَتَدَهْدى!
- آهِ لو بِنْتُ لِلْعُيُونِ فلاقَيْتُ ازْدِراءً من العُيُونِ. وصَدَّا!
- إنَّ هذا الرِّياءَ.. كُبْرى الخَطِيئاتِ أَحالَ الذَّمَّ المُدَمِّرَ حَمْدا!
- يا إِلهي. لقد شَقِيتُ وأَشْقَيْتُ. فأَبْدَلْتَ شقوتي مِنْكَ سَعْدا!
- فَتَمَجَّدْتَ.. ما أَجَلَّكَ رَبّاً
- حين تًحْبو الغواةَ جَاؤُوكَ رِفْدا!
- أنا فَرْدٌ مِن الغُواةِ.. وما عُدْتُ
- بِغُفْرانِكَ المُعَزِّزِ.. فَرْدا!
- أنا عَبْدٌ مِنْهُمْ أَنابَ فَأَمْسى
- يَتَباهى بِكَوْنِهِ بكَ عَبْدا!
- * * *
- بَيْنَ عَهْدٍ مَضى.. وعَهْدٍ جَدِيدٍ
- بَيْنَ عَهْدِ الدُّجى وعَهْدِ الضِّياءِ!
- عُدْتُ ما أَشْتَهي سِوى المَجْدِ
- ما يَهْدِفُ إلاَّ لِنُصْرَةِ الضُّعَفاءِ!
- عُدْتُ ما أَشْتَهي سِوى المالِ
- ما يَهْدِفُ إلاَّ لِخِدْمَةِ الفُقَراءِ!
- عُدْتُ ما أَشْتَهي سوى الصَّفْح
- مَهْما نالَني من ضراوة الخُصَماءِ!
- فَلَعَلِّي يوم الحِسابِ أَرى
- العَفْوَ فَأَغْدو بِه مِن السُّعداءِ!
المزيد...
العصور الأدبيه