الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> الراحل المقيم >>
قصائدمحمد حسن فقي
- رحلْتَ وخلَّفْتَ الرّفاقَ بواكياً
- عليك وكانوا بالقوافي شوادِيا!
- وكانوا وما زالوا إليك صوادِياً
- فَمَنْ ذا الذي يَسْقي ويَرْوِي الصَّواديا؟!
- ومَن ذا الذي يُرْضِي الحواضِرَ كلَّهم
- ومَن ذا الذي من بَعْدُ يُرْضي البواديا؟!
- لقد كنتَ في دُنْيا المَشاعِر صاحياً
- وما كنْتَ في دُنْيا المشاعِر غافيا!
- وكنتَ المُجَلِّي في السِّباقِ وإنَنِّي
- سأَغْدو والمُصَلِّي أَيْنَما كنْتُ ثاوِيا!
- كفَرْعَيْنِ كنَّا دوْحُنا مُتَطاوِلٌ
- بِرَوْضٍ نضيرٍ لم يَكُنْ قَطُّ ذاوِيا!
- إلى أن دعا داعي المنية مُرْجِفاً
- فَلبَّيْتَ ما أقْسى وأَحْنى المُنادِيا!
- وسوف ألَبِّيه قريباً وانْثَنى
- إليك كنَجْمَيْنِ الغداةَ تَواريَا!
- * * *
- أَرَبَّ القَوافي العُصْمِ. أَصْبَحْتَ خالِداً
- فما كنْتَ مِهذاراً ولا كنتَ لاهِياَ
- ولكنَّه الجِدُّ الذي شَرُفَتْ به
- معانِيكَ حتى نَوَّلتْكَ المعاليا!
- فَجُبْتَ الذُّرَى حتى افْتَرَعْتَ سنامَها
- وجابُوا سُفوحاً أَمْحَلَتْ وفيافيا!
- إذا العبقريُّ الحقُّ غاب تطاولتْ
- مآثِرُهُ بين الأنام حوالِيا!
- وغاب أُناسٌ قبله ثم يعده
- فكانوا فَقاقيعَ الشَّرابِ الطَّوافِيا!
- وكنْتَ كَمِثْلِ النَّجْم يَسْطَعُ سَرْمَداً
- فَيًسْعِدُ أيَّاماً لنا وليالِيا!
- وقد كنتَ فَذّاً في الرجال مُسَوّداً
- بِفِكْرٍ إذا جَلَّى أضاء الدواجيا!
- وكان عَصِيُّ الشِّعرِ يُلْقي قِيادَه
- إليك ويَدْنو منه ما كان نائيا!
- ونَعْجَزُ عن بعض القريض ويَسْتَوِي
- لديك مُطِيعاً أحْرُفاً ومعانِيا!
- فَتَخْتارُ منه ما تشاء قصائداً
- تَسُرُّ حنايانا وتُذْرِي المآقِيا!
- وها كنتَ مِجداباً وما كنت مُصْفياً
- كما زعموا بل كنتَ كالنَّهر جاريا!
- ولكنَّكَ اخْتَرْتَ السَّكوتَ تَرَفُّعاً
- عن الهَزْل يُزْجِيه الشَّعارِيرُ هاذِيا!
- ولَيْتَكَ لم تَسْكُتْ فأنَّى
- لِبُلْبُلٍ سكوتٌ فقد يُدْمي السكوتُ الحوانيا!
- * * *
- لقد كان بالشَّدْوِ الرَّخيم مُداوِياً
- وكان به نَجْماً إلى الدَّرْبِ هادِيا!
- رعاكَ الذي أَسْدَى إليك ولم تكُنْ
- جَحُوداً فأسْدَيْتَ الأماني الغواليا!
- لَشَتَّانَ ما بَيْنَ الثَّرى مُتَطامِناً
- وبَيْنَ الثُّرَيَّا.. حِطَّةً وتعالِيا!
- * * *
- تَذَكَّرْتُ ما كُنَّا بِه من تآلُفٍ
- حَبِيبٍ ولم أَذْكُرْ قِلًى وتَجافِيا!
- وكيف وما كنْتَ العَزوفَ عن الهُدى
- ولا المَجْد يوماً فَاسْتَبَنْتَ الخوافِيا!
- وما كُنْتُهُ يوماً فَعِشْنا. تآخِياً
- كريماً يُمَنِّينا وعِشْنا تَصافيا!
- وما كنْتُ أَرجو أَنْ تَرُوحَ وأَسْتَوِي
- بِرَبْعي حزيناً دامِعَ العيْنِ راثِيا!
- ولكنَّه حُكْمُ القضاءِ.. وما لنا
- سوى الصَّبْرِ مِعْواناً. سوى الصَّبْرِ آسِيا!
- يُخَبِّرُني أَنَّني. سأَلْقاك في غَدٍ
- فيَلْقى كِلانا مِنَّةً وأَياديا!
- ونَلْقى مِن الله الكريمِ تَجاوُزاً
- ونَلْقاهُ رحْماناً.. ونلْقاه راضيا!
- تباركْتَ رَبِّي.. ما أَجَلَّكَ حانِياً
- علينا.. وإنْ كُنَّا غُواةً ضوارِيا!
المزيد...
العصور الأدبيه