الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد القيسي >> صور وما تحلمون >>
قصائدمحمد القيسي
- قصيدة في أربع حركات
- دمي نافر وحده
- جارحا ودمويا ينبغي أن يظلّ صوتي
- صارخا في نثار جسدي تجّمع , تجّمع
- وفي الأشجار تفرّعي , تفرّعي
- لا حدود تفصل بين الجسد الموزّع ,
- في القطارات الدمويّة
- في الجنون العصريّ
- وفي المدى الملتهب بشظايا الأعضاء والتذكّرات
- فالدم في كلّ شيء
- الدمّ في الطعام , في الكلام
- و الدمّ في الصحيفة ,
- الدمّ موج الهواء الذي لا نرى
- و الدمّ الذي نرى
- في العيون والتوهّجات , ليس الحرب
- هذا دم غريب نابع من صحاري البلاد
- ليس هذا دم عبدالله
- هذا دمّ من سلالة المسلسل القديم ..
- من تعرّجات البدء والولادة
- من خطا القبيلة , من قطعان الإبل السارحة
- ومن هذه البريّة
- التي تتناسل في فراش العراء
- دم صاخب في العروق
- دم لاهب في طبقات الرأس
- وهذا جسد في أمّة تلوب , أنا أمّة تلوب
- وهذا هو الأسى المضيء , فاحترقي بي
- واسكبي من دمي البقية
- للزهر وقت وللقصائد أيضا
- ويا بلادي أسلّ نفسي منك ..
- مثل شعرة من العجين
- وأرفع سبابتي أمام لوحك الأسود
- ليس كتلميذ مهذّب , ولكن كخارجي
- جارح ودمويا ينبغي أن يظلّ صوتي
- صارخا في نثار جسدي تجّمع , تجّمع
- هذه نتف , وأسموها بلادي
- هذا غبار وقالوا إنّه الغمام
- لا وجه هذه العواصم وجهي
- ولا نسب لي بجيوش الطوائف أو قرابة
- هذا أنا وحدي
- ولا قمر في الوحشة
- لا عباءة أو ربابة ولا صوت معي
- دمي نافر وحده , دمي نافر وحده
- وحده ذاهب في جراح النبيّ الجنوبيّ ,
- أعطني قطرة يا دمي .. ظمئت
- أعطني نقطة لأواصل ,
- سقفا لأعبره باتجاه السماء
- وعمرا لأسفحه عند أوّل طلقة
- دمي هائج كالذبيحة
- للشوارع صمت , كما للإذاعات ,
- والوقت مبتدأ الكلام ,
- ومبتدأ للتفاسير ,
- العرائض لا تأخذ الآن ملابسها الأوليّة ,
- إلاّ عباراتها ورنين التأسف فيها
- وإلاّ دمي السائل الآن نهرا غريب الضفاف ,
- أوقفوا أيّها السادة هذا المسلسل ,
- موتي يقول بأنّ ادعاءاتكم باطلة ,
- فانظروا ..
- بين هذي الحروف دمي هائج كالذبيحة ,
- كلّ المحافل ما كان منها وما سيكون ,
- سيوف لنحري , وشاهدة للقبور التي ترسمون ,
- هنا فوق صدري الفسيح ,
- هنا وردة الأغنيات الطليقة كالطلقات ,
- فلا تحزني يا بلادي كثيرا ,
- دمي قابل للتجدّد في كلّ آن ,
- وقبّرتي للصدوح ,
- ويومي لإشراقة تصدق الوعد ,
- لا تحزني يا بلادي
- لعمري أكثر من حالة يتناسل فيها ,
- مرة يختفي , مرّة لا يغيب ,
- ولي نعمة الحسّ بالموت في كلّ آن ,
- بلادي لماذا تفرّ عصافير حزنك ,
- يرعشها الدمع ,
- لا يا بلادي , اغسليني بأمطارك اللاهبات ,
- اغسلي طرقات البلاد ,
- بكلّ الصراخ الذي يملأ القلب ,
- ها دعوة للصراخ المجلّجل ,
- لا تنزعي صفحة من كتاب محبيّك ,
- واستغفري لغة الأمهات , هو النبع يعطي ,
- وأطرافك اللاسعات تمور بكلّ المرارات من
- صمتك المستبدّ ,
- وينضج تفاحك العربيّ ,
- ليخرج من كلّ قطر إليك ,
- ليرجم قاتلك المتخّفي هنا في البيانات ,
- طيّ ثيابك ,
- من يدّعي نفسه الحارس ,هذا عدوك ,
- هذي علاماته الصمت والجبن من قاتليك ,
- و هذي علاماته الاكتفاء بشجب الأعادي
- علاماته يا بلادي
- مزيد من الشجب فلنتفق يا بلادي
- غزاتك هم خاذلوك ,
- غزاتك هم صالبوك ,
- غزاتك هم حاصروك ومن رجموك , وقالوا
- اذهبي
- أين يا مهرة الله نذهب ,
- كلّ الجهات مهيأة للمهالك ,
- كلّ البنادق جاهزة للصدور ,
- اذهبي , في الجنوب هنالك متسعّ للردى الكبريائيّ
- اهربي من هوان الردى العربيّ ,
- هنالك متسعّ يا بلادي
- ليس صور التي تمسح النار جبهتها الآن ,
- ليس ملاك الجنوب الوحيد الذي يجرع الكأس ,
- لا , ليس أشجار صور ,
- ولا العاديات التي ترفع الآن أسوار صور ,
- وتزرع أعلام صور ,
- بعيدا بعيدا ,
- وتوغل توغل في الخلق ,
- إنّ مفاتنها تظهر اليوم في أوج وهج القيامة ,
- في موج هذي السيول ,
- توّزع حلوى الزفاف الجنوبيّ ,
- كلّ الشبابيك والشرفات بصور تنادي
- وكلّ الممالك موصدة دونها والحدود تنادي
- بلادي بلادي بلادي
- بلادي
- ليس صور التي في الحصار ,
- تشقّ الثياب ولكّنها الأمة السائبة
- ليس صور التي في الحصار ,
- ولكّنها الأمة الغائبة
- إنّ صور توزّع أنفاسها العربيّة ,
- خبزا لأيتامنا يا بلادي
- تتجوّل مطعونة في العواصم وهي تنادي
- ألا من يشدّ زنّاري
- ألا من يشدّ زنّاري
- ولكّنها صور , صور التي في الحصار بلادي
- وصور التي في اللهيب فؤادي
- وصور وصور وصور
- وصور وصور
- وصور
المزيد...
العصور الأدبيه