الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد القيسي >> الوقوف في جرش >>
قصائدمحمد القيسي
- وقفا نحك على أسوارها
- بعض ما يوجع من أسرارها
- ولنمل حينا من الوقت على
- غابة تفضي إلى أغوارها
- يا خليليّ فلم يبق سوى
- ومضة أو قبس من نارها
- ليس ما يسكنني الآن شجى
- بل صبا الأحباب من تذكارها
- نفرت عنّي ظبيات الحمى
- وتسّربن إلى أشجارها
- وتذوّقت النوى مشتعلا
- وسكبت الروح في مزمارها
- فكأنّ الحبّ ما كان ولا
- كانت الأضلاع من سمّارها
- يا خليليّ وما من نجمة
- ضوّأت إلاّ على ابيارها
- حمّلتني فوق ما أحمله
- ورمتني بشظى زوّارها
- يا خليليّ ولا تستعجلا
- ما شفي القلب سوى غوّارها
- فأعدّا لي بساطا أخضرا
- واستراني بسنا أقمارها
- لم يعد لي في الورى من وطن
- فاحسباني من لظى نوّارها
- ***
- لأقل إنّ أحبائي ينامون هنا
- وعلى مقربة منّا ,
- على باب جرش
- و لأقل إنّي أشم الآن عطرا من دم ,
- ما جفّ يوما وارتعش
- باسمهم أجمع أوتاري وأبدأ
- باسمهم أنزف لوني ,
- أتلألأ
- تحت شمس الجرح لكن ..
- كيف لي أن أقتفي اللحظة غزلانا ,
- على مدّ براري السنوات
- باسم من يصعد الآن قلبي
- إلى تلّة الهاوية
- باسم من أرسم الجملة العاصية
- أو أهزّ الستار
- سأغنّي إذن
- باسم من
- باعني للقفار
- وأتاني يتيم الضحى ونقش
- إسمه جيدا قرب باب جرش
- وأغنّي :
- دفنّا أجمل الفتيان فيك
- وقلنا يا صبّية هل نفيك
- فمن أسقاك هذا الكأس مرّا
- سقاني من لظاه بختم فيك
- وقفت على طلولك في جلال
- أريك من الهوى ما لا أريك
- لئن طوّفت في البلدان عهدا
- فقد كانت يداك هما شريكي
- ***
- وأصمت لحظة , وأرى حبيبي
- أراه هنا
- أرى عينيه , قامته
- وخطوته
- أرى الشجر الكثيف ورقصة الأغصان
- أرى في الفندق الصيفيّ مقعده
- أرى يده ,
- أرى ما يكتب النسيان
- أرى ما كان يرسم أو يغنّي القلب والشفتان
- أرى ما خطّ في يوم على كفّي من الكلمات
- وأقرأه , وأعرف أنّ شيئا مات
- وأنّ يديّ من حطب ,
- وأني صرخة في أبعد الغابات
- وأصمت لحظة وأرى حبيبي
- وسنبلتين من قمح الجنوب
- أرى برقوقة الوضّاح
- على خدّيه ينتشر
- أرى ما يفعل السفر
- أرى التفاح
- أرى أفقا
- ونخلا لاح
- فأصمت لحظة وأرى حبيبي
- فمن أعطاه هذا الوهج ,
- من أعطاه أيتها الشوارع نعمة السلوى
- وأعطاني أنا الأقداح
- ***
- لا عصافير هنا , لا طلقات
- لا حبيبتي
- أيّ نبع , موحش دون حبيبي
- أيّ نهر ميّت ,
- وأياد في الفراغ
- يبست دون حبيبي
- أيّ راع قادم بالماشية
- أيّ درب كان يوما
- في ضحى العمر قطوفا دانية
- يا حبيبي
- أيّها القلب تحسّر
- أيّها النهر المبعثر
- في حبيبي
- أيهّا النبع الذي ما جفّ بعد
- في نسيمات حبيبي
- أيها الراعي المضيّع
- قف قليلا وتجمّع
- وتوزّع
- باسم روحي ثانية
- في شعاب البادية
- واغفري لي يا جرش
- اغفري ما كان من جهل وطيش
- واسكني في وجعي
- وتعالي وابدأي الرقص معي
- في تراتيل حبيبي
- ربما كنت مع الطعنة أوذي من أحب
- ربما كنت مع الطلقة مفتونا
- بما غاب طويلا عن يديّ
- فإذا عاد إليّ
- لم أر المطعون والموجوع مثلي
- وإذا نيران أهلي
- تقصف الروح وتنهال عليّ
- ثم تذروني مع الريح بعيدا عن حبيبي
- وقف القلب وحيدا يا جرش
- وقف المغرب يبكي يا جرش
- وقفت كلّ القرى
- وقف النهر ومال
- شجر الدفلى وقال :
- لا عصافير هنا للمقصلة
- لا عصافير هنا
- لا عصافير هنا
- أين يا أرض حبيبي
- أين يا أحجار , يا آثار , يا أشجار ألقى ..
- بعض أجزاء حبيبي
- طوّف الأرض وما عاد حبيبي
- طاف في كلّ المحّطات حبيبي
- كان في الشبّاك , في الباب حبيبي
- كان في الساحة والحفل حبيبي
- كان في الدبكة والموّال والعرس حبيبي
- كان يا ما كان أسبوعا من الرقص الغريب
- كان يوما لحبيبي
- ساعة للموت في حضن حبيبي
- لحظة وانتهت الرقصة في صمت على وجه حبيبي
- وغفا واستيقظت روحي
- وما عاد حبيبي
- أين يا أرض حبيبي
- أين يا أرض حبيبي
- واصلي عزفك لا تنتظريني
- واملأي الأفق بعطر الياسمين
- ودعيني في نواعيرك صوتا
- أتملّى عمرك الآتي دعيني
- شاهدا حيّا على أيقونة
- أو رخام ها هنا أو كوم طين
- ضوئي القنديل في العتم إذا
- شاقك الحزن إلى رؤيا جبيني
- تجديني مثلما كنت ندى
- وعلى مرّ الثواني تجديني
- ****
- كيف على مرذ الساعات تدور الأفلاك
- كيف يجيء الصيف وأنت هناك
- كيف يجيء الصيف ولا ألقاك
- كيف أراك ؟
- لغيابك وقع السيف ,
- يقول دمي ويقول هواك
- كيف يؤوب العشّاق من النزهة ,
- فرحين ولا ألقاك
- أو ينتشرون غزيرين على الطرقات ,
- ولا ألقاك
- كيف تسبّح في الأفق الأطيار ,
- وتسبح في البحر الأسماك
- تتمايل أعشاب الأرض إذا داعبها الريح ,
- ولا ألقاك
- وأنا لا أرضا أصل ولا أنساك
- كيف يلوّن هذا الحنّون الأحمر وجه الأرض ,
- وتزهر في الحقل شجيرات اللوز ,
- ولا ألقاك
- كيف تعرّج نحو السفح ,
- ويمتليء الوادي بشذاك
- تتسّرب في خضرة هذي الأوراق ,
- وتنسلّ خفيفا في الريح ,
- ولا ألقاك
- وتنام وحيدا في الأحراش ,
- وأبحث عنك ولا ألقاك
- وإذا لاحت في البعد يداك
- والتمعت عيناك
- تحتفل الغابة ,
- والأشجارتخف لمسراك
- وأدوّر ولا ألقاك
- كيف إذن يسعفني الإدراك
- كيف أراك
- كيف أراك
- ***
- تشير لي أن أتبعك
- أمشي معك
- أمشي إلى الأفق
- أمشي إلى حدود الورد
- أمشي ولا ألقاك
- أمشي إلى كلّ النواحي لا أرى من أحد
- أمشي إليك
- أمشي معك
- أمشي ولا أراك
- والآن أيّها الملاك
- أريد أن أودّعك
- أريد أن أردّ الروح لي ,
- أن أنزعك
- من دفتر الموتى
- وأزرعك
- في أيّ خيمة , أو منزل ,
- وأسكبك
- في كوب أضلاعي وأشربك
- أريد أن أودّعك
- أريد أن أودّعك
- كي أستريح منك أو معك
- أريد أن أودّعك
- ***
- أكتفي بالكلام ,
- فأخذ منك الكلام
- أكتفي بالصدى
- فيجيء الحمام
- أكتفي بيديك اللتين
- تزهران
- وسط هذا الحطان
- أكتفي بالغناء فيشرق فيك المكان
- أكتفي بالقوام
- أكتفي بالأصابع
- أكتفي بالشوارع
- أكتفي بالزحام
- أكتفي أيّها الدم والأرجوان
- أكتفي بالبريق
- أكتفي بحجار الطريق
- أكتفي بارتعاشة روحي وأسعى
- أكتفي بالذي يكتفيه الغريق
- أكتفي بالذي أكتفيه ,
- فيفزع هذا الصنوبر منّي ,
- ويفزع حتى الكلام
- يفزع الصدر , كيف أنام
- يفزع الأقحوان
- يفزع العابرون إلى يومهم ,
- في صباح الطعام
- يفزع الباب والطاولة
- تفزع الطاوله
- يفزع المقعد الخشبي
- يفزع الطير والريح , تفزع فيّ العظام
- تفزع اليابسة
- فاستقري إذن واهدأي
- لا بديل ليومي
- لا بديل لتفاحتي الناضجة
- لا بديل
- وإلى أبد الآبدين إلى أبد الآبدين ,
- تظلّين لي
- وتظلّين أنت اليمام
- ابتدىء في الرماد
- ابتدىء من ثياب الحداد
- وابتدىء يا حبيبي
- ابتدىء
- كلّ شيء بدا
- من خراب سبأ
- ابتدىء كالبدايه
- ابتدىء كالغوايه
- ابتدىء من أساس السقيفة , من خرقة بالية
- وابتدىء دالية
- تشتريني في مزاد القلق
- ابتدىء في الورق
- ابتدىء في الأزقة والمدرسة
- ابتدىء من يدي , واقتصدني
- فمن يشتريني
- ابتدىء يا حبيبي
- يا حبيبي ابتدىء
- ليس في هذه الأبنية
- ما يضيء طريقي إليك , فمن يشتريني
- خذ جبيني
- لتكون الأغنية
- خذ جبيني
- خذ جبيني يا حبيبي
- وابتدىء
- ***
- ويقول هذا الصمت أحيانا
- ويكمل ما أريد
- فإذا سرحت ,
- وحدّقت عيناي فيك ,
- فلا جديد
- وتنوب موسيقى المكان ,
- تكون أنت ,
- يكون عيد
- ويكون أن تتعانق الأيدي ,
- ولا يصل البريد
- ***
- ويا حقلا من الدّراق
- أتيناه
- زمانا والرضا دفّاق
- وتيّاه
- بعدنا عنه في الآفاق
- بعدنا ما نسيناه
- وجبّأناه في الأحداق
- وفي جنباتنا تتوالد الآه
- سكبنا ظلّه العسليّ في الأوراق
- فأنّ القلب في الأنحاء :
- لكم هذا الهوى حرّاق !
- وحين تنام عين الناس
- وتشكو الروح منفاه
- نجيء إليه مرتاعين والحرّاس
- هنا انتشروا بلا عدد
- هنا حبسوا إلى الأبد
- ختام الوعد والإشراق
- أيا حقلا من الدرّاق
- على طرف من البلد
- نظرت وليس من أحد
- على جنباته يشتاق
- لقد كان المحبّ هنا
- وكانت ناره أسواق
- وكان البيت مأهولا
- فلم يغلق نوافذه
- أمام الريح والطرّاق
- فأين ثمارك الأولى
- أيا حقلا من الدرّاق
- لكم هذا الهوى حرّاق !
- لكم هذا الهوى حرّاق !
- ***
- وأسأل عنك البيوت
- وأسأل عنك الصبايا
- إلا من رأى في حواريّ جرش
- فتى للمنايا
- رأى ما رأى فاندهش
- فتى كان قرآنه في الجبل
- فتى ما ارتعش
- فتى دافئا كالرذاذ ,
- توزّع بين الغصون
- وكان يغنّي , يموت
- فتى ما وصل
- وأسأل عنك البيوت
- ألا من يدلّ خطاي إلى الملكوت
- ألا من يدعني أمرّ لأبحث عنه وأبكيه ,
- أو ألتقيه ,
- وماذا لو أنّي سألت الحجارة
- سألت الشجر
- سألت الفلا عن حبيبي
- سألت المؤرخ أين وضعت حبيبي
- وكيف تزيّن لي هذه الواقعة
- وماذا لو أنّي سألت جرش
- وفتيانها
- و سألت غيوم جرش
- وفي كلّ حرش توّقفت ,
- أو ملت حينا ,
- إلى أنّة ضارعة
- أو شققت الفضاء
- وماذا لو أنّي ..
- ألست حبيبي ,
- فكيف إذن يا حبيبي تموت
- أموت !
- تراني أموت
- ولا أزهر الآن في شتلة التبغ ,
- أو في حقول الذرة
- تراني أموت
- وما زال ينبض صدر الكمان
- بما يلهج العاشقان
- تراني أموت ولا مغفرة
- تراني أموت
- ولا ألتقي بأحد
- تراني أموت
- ولا قبر لي مثلما تعرفين
- فمن أين آتيك ,
- من أين أعبر هذا النفق
- وجسمي احترق
- كما احترق العشب في لغتي
- والغناء على شفتي
- وبكاني الشفق
- تراني أموت
- فكيف سألقاك وسط البلد
- وكيف أجيء
- وحيدا
- وكيف أضيء
- قتامة يوم الأحد
- وما بيننا العنكبوت
- وهذا الدم , الجبروت
- تراني أموت , أموت ,
- أموت !
- وما غبت , لكنّني نمت وقتا ,
- وخلت بأنّك في حجرتي ,
- ترقدين ,
- وأنّي أزور سريرك ,
- قلت قليلا وتستيقظين ,
- ونشرب قهوتنا
- أو نسّرح قطعاننا مع بزوغ الشعاع ,
- ونجمع بعض الحطب
- وكان الهديل
- وكنت أناديك باسمك لكّنهم أقبلوا
- وانتهيت إليك شظايا ..
- ابتدأت الرحيل
- وها أنا في زهرة التبغ ,
- في سروة ,
- أو يد ,
- في ظلال التعب
- ألوح دخانا ,
- ألوح لهب
- ولا يعرف الموت يومي , إسمعيني , اسمعي :
- ما متّ هذا الموت أخدعه
- وأظلّ أبدع في الدنا نقشي
- مهما يحزذ الطوق من عنقي
- والناس كلّ الناس تستعشي
- يبقى لي اليوم الذي جهلوا
- يبقى لعينيك أنّني أمشي
- أستلّ من ناب الردى رمحا
- وأصوغ من قحط الذرى عيشي
- لي في الفضاء الحرّ منطلق
- لي في المخيم عدّة العش
- لي أنّني أبني على مهل ,
- كوخي وأرفع من دمي عرشي
- ***
- مثلما أية ساقية جبليّة
- كنت أشقّ الطريق
- يتخلّلني الحصى والشوك
- التبر والتراب
- تتخلّلني الأعشاب
- طيبة وسامة
- يتخلّلني القريب والغريب
- البنفسج والعوسج
- وتأتيني العصافير والأفاعي
- وجنبا إلى جنب
- كان ابن آوى
- وكانت الحمامة
- كانوا جميعا يحرصون على النفاذ إليّ
- والزواج بي
- كما يحرص الوالد على حفظ اسمه في إبن ,
- أو حفيد
- ومثلما يحرص الفلاح على محراثه
- والسلحفاة على ثوبها الواقي
- كنت أشقّ الطريق
- وأكتم صراخي
- أو أطلقه كأسير
- كنت أسعى وسط هذا العرس الفقير
- بلا جواد أو حجاب
- لأصل إليك
- حيث تنام وحيدا في الوادي
- مجلّلا بالبياض
- ومضيئا بنوري
- ***
- فاعطني يدك الناعمة
- راية لدمي
- واعط للريح نكهة أيامنا القادمة
- فلعلّي أرى أمي النائمة
- ولعلّي أراك
- مرة ثانية
- يا أمير الهلاك
- وأغيّر رنّة هذا النشيد إليك
- نشيد يدك
- أعطنيها
- لأرى الحنطة فيها
- لأرى عمري الذي ضاع ,
- أرى الزعتر والنعناع ,
- والكرم الذي يختال تيها
- أعطنيها
- أعطني أيامي الأولى وأغنيتي
- أعطني معطف روحي
- أعطني الإبريق مكسورا ,
- وأعط الماء بئرا
- واعطني آنية ,
- أنت اصطفيها
- يعتريني الآن صفصاف بعيد ,
- وأرى ما يعتريها
- يدك الضوء التي لم أنس ما قالت ,
- أغانيها ,
- وقد طوّفت فيها
- إقرأيني واقرأيها
- تجديني في خطوط العرض والطول ,
- أسمّي كلّ يوم قبّرة
- وأسمّي المجزرة
- وأسمّي ما يليها
- وابتعدنا , فإلى أين يدك
- وابتعدنا فإلى أين حصانك
- وانتظاري ,
- وإلى أين غدك ,
- ***
- أتوّقف في كاتدرائية أحزاني
- وأحدّث غرناطة
- من أيّ الأبواب إليك سأدخل ,
- يا امرأتي الغافية بلا زنبق
- يا منفى قلبي
- يا صدري المغلق
- يا رمّان المغرب إذ يتهدّل ياقوت
- يا حبّ التوت
- من أين إذن أتدّفق
- في خاصرة الأزرق
- يا امرأتي الغافية ,
- سأفتح من روحي بابا
- وأشق التابوت
- ليكون الزنبق
- ***
- غرناطة
- آه يا غرناطة
- يا نهرا يخفي عن عين الأعداء عياطه
- القلب تجزّأ يا غرناطة
- الصدر براه الهمّ طويلا يا غرناطة
- الجسد هنا يذبل ,
- والشّباك يئن , وتستجر الغابة
- أغصانا ورياحا ,
- وكآبة
- وامرأتي تبكي
- آه يا غرناطة
- يا أختي المغتربه
- في هذه العربه
- هل سيكون لنا عتبة
- غرناطة أيّتها الموجه
- غرناطة يا قرميد البيت
- يا أول حجر يسقط من غرفة نومي
- غرناطة , آه يا غرناطة
- ما أجمل وجهك
- ما أبعده عنّي
- ما أجمل هذي الخصل على سهل جبينك
- ما أجمل هذي الخصلة
- ما أجملك وأنت بعيدة
- ما أجملك الليلة
- وأنا استحضر فضّة صدرك ,
- وأساور وخواتم أيامي
- غرناطة ,
- يا دمعا ينساب على الخدّين نحيلا
- ويهزّ عظامي
- ما أعذب رنّة يدك الصامتة معي
- أية موسيقى تقطر وأنا ..
- أنطق غرناطة حرفا حرفا
- ما أجمل هذا الساعد
- ما أجمل هذا الخصر
- ما أجمل هذي السيقان
- إذ تتنقّل من لبلاب الدار إلى
- قصب الوديان
- غرناطة
- ما أجمل فرحي بك
- وأرقّ عذاباتي
- أنت جميلة
- ويداي مراكب
- والبحر بعيد يا غرناطة
- البحر بعيد
- وأنا من دون حبيب أو صاحب
- أتوّقف في كاتدرائية أحزاني
- أتجوّل فيك ,
- وأسأل غرناطة عن غرناطة
- ***
- عرّج على حاكورة العنب
- واقطف عناقيدي ولا تهب
- واسمع نشيد الأرض محتدما
- واقرأ لذكري سورة الغضب
- ما نام أهلي في الخليل ولا
- هدأت هناك شرارة اللهب
- وإذا وصلت إلى منازلنا
- وتوجّعت عيناك يا ابن أبي
- واصل طريقك غير منكسر
- واحبس - فديتك - دمعة العرب
- ***
- تعال كي أقبّلك
- تعال كي أقبّلك
- وأسألك
- من أرسلك
- من ظلّ حيا أو هلك ؟
- ومن سلك
- في ذمّة المنفى بلا فلك
- تعال كي أقول لك
- نشيدي العاري
- خبزي وأشجاري
- تعال إنّني وحيدة بلا يديك
- وحيدة بلا سند
- وحيدة بلا أحد
- تعال أيّها الملك
- هيأت لك
- هيأت منهلك
- هيأت أثمارك
- طرزّت منزلك
- باليلك الدامي
- فكان منتهاك , كان أوّلك
- تعال أيّها الملك
- تعال من جرش
- تعال من صبرا
- تعال أيّها الملك
- عيناي لك
- وساعداي لك
- والقلب يا معذّبي وما ملك
- تعال كي أقبّلك
- تعال أيّها الملك
- ***
- خارج الكلام
- خارج الجدل
- خارج السروة المخيّمة
- خارج الأحراش
- خارج الشجر فيه
- كانت تتكيء على رمح ذكرياتها
- وترى إلى دم الأشياء
- ترى إلى دم الأيام
- ترى إلى النسيان
- ترى إلى الخطى التي إمّحت
- ترى إلى عينيّ كيف غامتا
- في حضرة المكان
- ترى وجودها
- وحين زاد الصمت
- واتّسعت هذي الرقعة
- اتّسعت نظرتها
- كانت أنوار البقعة
- تصعد من خاصرة السفح إلينا
- كان الجبل يعود إلى هيئته الأولى
- والغابة تتزّين بالألوان
- أخذت تركض
- تركض في الريح
- تركض كغزالة
- تركض بين الأغصان
- أو تتوقّف كي تنشد موّالا
- أو أغنية
- كانت تولد ثانية في عائلة أخرى
- تدخل بيت الذكرى
- تضحك في خفّة
- كانت تنظر غربا , نحو الضفّة
- آن توقّف سيل الضحك الرنّان
- و توقّف في نظرتها الجبل ,
- توقّف شلاّل الحركة
- نهدت للصمت بلا توقيت
- وبكت في عينيها الأشياء
- ***
- أشربك الآن على جرعات
- أشربك الآن
- غصنا ملآن
- وأرى كيف تجلّلك النيران
- يا امرأتي
- وأنا زوجك وابنك وأرى
- كم تتوزّع فيك الأرض
- بهجتها وأساها
- تتوزّع فيك البلدان
- تتألق فيك الطرقات
- يتألق فيك الأطفال حنونين ,
- وتبتهج الغابات
- يتألق هذا الورد
- وأراك بلا حد
- كيف أقبّل هذي الوجنة , هذا الخد
- كيف تراني منتشرا في الأنحاء ,
- ولا يد
- وبساتين حبيبي تمتدّ
- أشربك الآن على جرعات
- أشربك الآن
- أشربك حنينا ,
- أشربك حياة
- أشرب هذا الألق الريّان
- والفرح الرنّان
- نشرب هذا الكوب على مهل ,
- نحن الإثنان
- ***
- كانا على الشرفات طيفين
- قرأ كتاب ( الغور ) ألفين
- والريح من بين إلى بين
- عصفت بحلمها فيا عيني
- ما عاد بالشبّاك أو عادت
- ما عاد طيرهما يغنّينا
- ما عاد هذا الأفق نسرينا
- هل كان في الأيام أم فينا
- موت الهديل فآه يا عيني
- ما عاد بالشبّاك أو عادت
- ذهبت إلى أقفالها أمّي
- وألغيت فيّاض ولا يهمي
- وتجمّلت بيارق الهمّ
- جمل المحامل ضاق يا عيني
- ما عاد بالشبّاك أو عادت
- ***
- وأخيرا يا جرش
- وأخيرا يا أحبائي , أخيرا يا دمي
- وأخيرا يا بنات
- وأخيرا أيّها السرو الذي غطّى الرفات
- أيّها الديجور , والبلّلور ,
- يا اسفلت , يا منعطفات
- يا أخي النائم , يا إبرة أمي ,
- يا ثيابي
- يا رغيف الخبز في البيت ,
- إذا ما القلب جاع
- يا شعاع
- أيّها الكاتب والقارىء والأميّ والجنديّ ,
- والدفلى
- ويا صمت الملاك
- أيّها الحارس يا عاديّ ,
- يا حلو ,
- أخيرا سيّداتي سادتي
- يا رماحا كسّرت , أو لم تكسّر
- يا رياحا وصدورا عرّيت ,
- يا طعنات
- يا لصوص
- أيّها العشّاق , يا فستان , يا قمصان إخوتي , يا ماء
- أيّها العصفور , يا أفق , أخيرا , يا جرش
- أيّها الصيّاد , يا أولاد , يا حبّ ,
- أخيرا يا ولد
- أيّها الراقص والقنّاص والمقلاع , يا نعناع ,
- يا كرم , أخيرا يا أجاص
- يا نهار الحب , يا شبّاك ,
- يا صدر فتى ,
- يا صبيّة
- يا سفرجل
- وأخيرا يا بلد
- وأخيرا أيّها الأسبوع , يا مجموع ,
- يا ناس الأحد
- وأخيرا يا جرش
- جئت لم تحمل يدي إلا يدي
- لأغني
- ومعي أنت أغنّي
- وحبيبي وأغنّي
- وأغنّي
المزيد...
العصور الأدبيه