الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد القيسي >> الحجر الكنعاني >>
قصائدمحمد القيسي
- 1- الألوان
- جاء لها في الورقة أنّ الشاعر مسكون بالريحان ,
- وسرّ الألوان ,
- وجمّع في الأبيات , حنين اللوحات ,
- وجمّع ما يقدر من صمت وضجيج يملؤه ,
- جمّع من بيدره القمح ,
- وجمّع برقوق الروح ,
- وقال لها من أنت إذن
- أيتها السيدة الذاهبة بعيدا في أفق الوحدة والصحراء
- بساتيني مشرعة الأسوار ,
- وحرّاسي يغفون ,
- ولا قاطف إلاّ الريح ,
- ولا ملكوت لنقشي , من أنت ؟
- لماذا يبحر صوب ديارك هذا الشاعر أبدا ,
- دون وصول
- ولماذا يمنع من فاكهة الأرض نشيدا ودخول
- ***
- ولماذا تكذبه الألوان , لماذا تكذبه الأوراق ,
- وتنكره الأشعار , وتنكره السيدة الشفقيّة ,
- دون سؤال أو هم تبعثه غربة هذا المخلوق ,
- ولون يديه المائل للصفرة والموت ,
- فلا تشرق يوما وتزور حرائقه الليلية ,
- وسط خرائب الموجودات الأولى ,
- وبنفسجة الحسرة ,
- أيّ ندى يتشوّق , أيّ جدائل ,
- ولماذا الأشعار تضيع ,
- لماذا يذبل هذا الورق الساقط من أشجار القلب ,
- وتنفيه الريح , بعيدا عن ساحة غرفتها ,
- لا يعرف أين يقرّ ,
- و لا يعرف أين يفرّ ,
- ولا كيف يهيء شعر النسيان
- ولماذا تتكسّر فيه الأغصان ؟
- ***
- بردت قهوته الآن
- ورماد سجائره صار إلى النسيان
- والوقت مضى ..
- سيغيب إذن في صمت الشارع ,
- أو خلف الكثبان
- قال لها سيدتي
- ستظلّ عيونك أغنيتي
- وتظلّ الألوان
- أجمل ما تمنحه الروح ,
- وأكمل ما تبدعه الشفتان
- وتظلّين معي وعدا
- وبقايا من حلم كان
- لا أعرف إن كنّا سنرى اليوم الآتي ,
- أو أنّا في بعض الأحيان
- نتقابل ,
- أو أني أشرب قهوتك الطيبة ,
- وألمح في عينيك الأشجان
- لا أعرف سيدتي
- يا قبرّتي الضائعة بعيدا
- في صمت شوارع عمّان ..
- 2- غزالة كنعان
- جاءته الحرب وكان يوّدعها
- جاءته الحرب وكان على شرفتها
- جاءته الحرب وكان يخبيء في جنبيه
- نرجستين ولا يحكي
- جاءته الحرب وما كان لديه
- إلا دمه ويداها
- والقيد
- جاءته الحرب
- جاءته بيروت
- جاء صراخ الله وكان يهيء قدّاسا
- وتراتيل تليق بيوم عابر
- كان يجانس بين أصابعها الناحلة ,
- وبين الأغصان
- بين جدائلها وسنابل مقصوفة
- ويرى الطوفان
- جاءته الحرب وكانيودّعها
- كان على باب حديقتها
- منطفئا وترصّعه الفضّة
- كان خريفا من ورق وذبول
- كان على باب حديقتها يهوي
- كإناء فخاريّ
- ليس له في الأرض سرير
- ليس له مائدة أو مقهى
- أو أسبوع من فرح أو قمح
- أغلق باب حديقتها ومشى دون وداع
- وتلّفت نحو ستائر بيضاء
- ستائر واضحة كالدمع ,
- وأفق تتشابك فيه الأشياء
- كان المغرب مرتبكا , وخجولا ,
- أضيق من حفرة
- كان بلا إيقاع
- أغلق دفترها , واستقبل يوما عاديا
- واستقبل أخبارا أخرى
- وجرائد أخرى
- جاءت صبرا
- جاءت أيام دراسته في الجامعة هناك ,
- وجاء البحر
- جاءت غرفته المتواضعة , فما الأمر !
- جاء اللحم البشريّ رصاصّيا
- جاء الأفق رماديّا
- جاءته غزالة كنعان وماتت بين يديه
- جاءته الكنعانيات وحيدات
- إلاّ من أطفال الكنعانيين
- جاءته البريّة
- جاءته عصافير الأرض من الشيّاح
- جاءته النافذة الأولى
- ورأى شمل العائلة ,
- راى المفتاح
- ورأى ..
- ***
- ماذا بعد ؟
- ماذا بعد ؟
- جاءته الحرب وما كان لديه
- إلاّ دمه ويداها
- والرّد
- 3- دم الزنبقة
- للأغاني طقوس المحبّين ,
- للنهر أسراره والبراري ولي
- هذه الفسحة الضّيقة
- ودم الزنبقة
- ولي الآن هذا الفلك
- أن أدور وحيدا وأصرخ في غرفة مغلقة
- هذه الأرض سيّدتي محرقة
- والبلاد التي زرتها في الضحى
- لم تعد في البلاد
- دخلت قميص السواد
- للأغاني طقوس المحبّين , لي أن أغنّي الضنك
- خبزنا مشترك
- يومنا مشترك
- أيها القلب يا سيّدي , يا أنيس التعب
- يا كروما من اللوز , يا وطنا ,
- من حقول القصب
- ما الذي يسكن الآن فيك وكيف أسمّي اللهب !
- والجنون الذي يملأ الحلقة
- هذه الأرض سيّدتي محرقة
- يا سفينة , يا بحر , لا أسأل الآن ,
- لا أحتمي بملاذ
- لم يعد في ظلال المساءات من مطر ,
- لم تعد يا مساء الرذاذ
- لم تعد زنبقة
المزيد...
العصور الأدبيه