قصائدمحمد القيسي



إناء لأزهار سارا , زعتر لأيتامها
محمد القيسي



  • محمد الثاني يزف إلى سارا

  • 1- العرس

  • وينفخ في الصور , يطلع عشب من البحر ..

  • هذا هو الأبيض الساحليّ , المدى , والكتاب

  • هو الآن يأتي ويذهب ,

  • يغفو ويلعب ,

  • والسيّد النبع يلهج باسم الندى والتراب

  • ويحلم :

  • ( عرسك مشتعل , وجوادك يركض ,

  • إنّ الطفولة تنهض ,

  • فاتحة للسحاب )

  • وينفخ في الصور , كان على شاطىء ينتهي

  • أمام ارتعاش الغزالة شمسا , وليلا

  • هو الآن يصعد تلاّ

  • ويأتي إلى المسرح البلديّ من الجوع والرقّ ,

  • يطرح أسئلة ثم يمضي , وملء يديه الرياح – الجواب

  • فتأخذ منه الكهوف , المسافات , والإنتظار المسائيّ ,

  • وجها وظلاّ

  • وماذا عن البصرة اليوم ؟ ( قال محمد )

  • كان الخريف يجيء ,

  • ووجهك مرتعش , لا يضيء ,

  • وما كان يمزح ,

  • في يده النصل والجرح ) ,

  • كانت سيول من النفط تأتي على عشب البادية

  • ويرسم بالأخضر المغربيّ بدايات إفريقية

  • وينفخ في الصور , لكّنه يسأل الآن عن هذه الموجة الغازية

  • عن الأبيض الساحليّ ,

  • عن النبتة الذاوية

  • لماذا تبالغ في حبّها ,

  • أيها السيّد المتأجّج , فهي بأصفادها لاهية !

  • وهم خلفك الآن ضدّ عرار الجزيرة ,

  • ضدّ الرؤى الفاعلة !

  • ويا سيّدي تمطر الآن كلّ الجهات

  • وتنتحر الأغنيات

  • حدادا على نجمة ذابلة

  • وأنت تواصل هذا الرحيل , وتسأل عبر الليالي الطوال

  • عن الحب والشمس والبرتقال

  • وتجدل من ساحل الموت باقة ورد ,

  • لأيامك الآتية

  • وتمتدّ إفريقية .

  • ( آه " آسيا "

  • هكذا أقطف التفاح

  • وأرمّم محتوياتي

  • ما من عقار إلا وقابل للبلى

  • ما من أحد عرفك إلاّ وأحبك

  • ما من رجل أحبك إلا وقال آه

  • آه آسيا

  • البلاد تطلب أهلها ( قال الغريب )

  • وأنا آخذ في العدّ التصاعديّ حتى الطفولة

  • بلدا بلدا

  • ومدينة مدينة

  • من الخليج إلى البحر

  • من المشرق إلى المغرب

  • ومن مئذنة محدودبة إلى سنة هجرية

  • حفلت بأسباب القيامة

  • أية رعشة تسكن خاصرة الجبل

  • والأرملة بلا ساعد !

  • أية رعشة تسكن خاصرة الجبل

  • والأرملة بلا حنطة !

  • في حين

  • تأتي الطائرات السياحية إليها وتذهب

  • وأنا آخذ في العدّ التشرديّ

  • من اللحد إلى المهد

  • أية رعشة تسكن الغريب !

  • الغريب أنا )

  • ***

  • وينفخ في الصور , لا وجه تلقى

  • وتركض , ها أنت تشقى

  • تشقّ العنان جيادك , تدنو بلادك ,

  • هذا هو الأبيض الساحليّ , المدى والكتاب

  • وما أنت إلا المجلّل بالشوك تمشي إلى الجلجلة

  • وبين يديك الحراب

  • - إلى أين يمضي معلّم قلبي ؟

  • * إلى ياسمين الضحى

  • - وما الياسمين ؟

  • * بلاد مهدّدة بالخريف , محاصرة بالرغيف ,

  • بلاد تراوح أشجارها في دمي ,

  • وأسمها في فمي ,

  • آه أمّي ,

  • ولا شيء إلا كآبتها والغياب ..

  • هي الآن في عرسها الإشتباكي

  • تحلم في ثوبها الليلكيّ ,

  • بعمر جديد

  • هي الآن في عرسها

  • مطر من أمسها

  • وأرى غدها مهرجان

  • هي الآن في نومها

  • حلم من حلمها

  • راكض في الزمان

  • هي الآن في أسرها

  • جارة للنخيل , تهزّ , فيسّاقط الليل في حجرها

  • بلحا ناضحا , وأمان

  • هي الساح والوثبة المقبلة

  • وما قالت الريح للسنبلة

  • ولكّنّ إفريقية !

  • ***

  • وقال الأسير : أسجّل موتي بعيد

  • وأحيا انتظاري

  • وألقى من الكوّة الواطئة

  • وشاح المراثي , وتابع :

  • ألقاك سيّدتي في مساء جديد

  • وأنت مداري

  • وغنّى لشمعته المطفأة :

  • أغنّيك أنت الطفولة

  • أغنّيك أنت السنابل

  • أغنّيك أنت النخيل وأنت الهديل وأكتب فوق المداخل

  • هنا شارتي وانتظاري

  • هنا فرحي وحديقة داري

  • - وما يفعل الوقت ..؟

  • * يدني خطاي إليها

  • - وماذا تقول الخطى ؟

  • إسألوها .. هي الآن واقفة عند حد المسافة والحلم ..

  • واقفة في ارتقاب انفجاري

  • وترصد موتي الجميل

  • هي الآن مهري وماء السبيل

  • أسجّل موتي بعيد

  • وهذا طعامي عشب , حصى , وأريد

  • لهذا المساء نبيذا ولوزا ,

  • ليبدأ في ليلها الساحليّ نهاري

  • وراح يعانق صفصافة عالية

  • على باب إفريقية

  • ( سيّدة الشجى الأصيل والرحيل

  • تطلعين من كلّ نأمة إليّ , ومن كلّ فاصلة

  • حاضرة أنت في الكلمة والدمعة والسيف

  • حاضرة في إشعاع الصبح القادم ,

  • في أغاني المساء

  • حاضرة في المراعي ,و حاضرة في البراري الوسيعة

  • حاضرة في القلب

  • حاضرة في الغياب , في التذكّر , وفي اتساع الجرح

  • حاضرة في غرف الصدر ,

  • و حاضرة في الشجر الأخضر

  • حاضرة في الأعشاب والندى والسنابل

  • حاضرة في الحقول والفصول

  • حاضرة فيّ في اليوم ىلآتي

  • في هذا الشفق , وهذا الأفق ,

  • و حاضرة في الأشياء

  • ليس للفراق سلطان علينا ولا للرحيل )

  • ***

  • ويبدأ في عزّ عافية الموت والاشتعال

  • ويبدأ من ساعة الصمت والبرتقال

  • ومن ساحة تغلق الآن أبوابها الحجريّة , يبدأ من لغة ,

  • لا ترى في الحصار

  • سوى أفق لاهب ,

  • إنّه الآن ينشد إغفاءة هادئة

  • على صدرها الناحل العود , فوق سرير الرمال

  • وما كان يمشي وحيدا

  • ولكنّ هذا الغفاريّ يجمع أضلاعه من صحارى البلاد

  • مراكب جاهزا للرحيل ,

  • حقائب للقادم المستحيل ,

  • ويخرج من زمن الإضطهاد

  • ويعرف : صفصافة النهر لا ترتدي خوذة ,

  • والمرابون لا يمهلون , فهم واحدا واحدا يكشفون القناع

  • البنادق تنفر مزدانة بطلاء السيادة , والبصرة الآن

  • غافية , ليس هذا جلال الشهادة , يمشي إليها

  • الغفاريّ , يمشي , يفجّر لغم القفار ..

  • ويحلم في مهرجان التجّول والّلون ,

  • يحلم في لمسة دافئة

  • فيا ليل إفريقية !

  • ( سلاما على أطفالنا المحاصرين

  • سلاما على الحجر والطريق التي مشينا

  • سلاما على البحر

  • سلاما على الأغاني

  • سلاما على اصطفاق الموج في الصدرين

  • سلاما على أيامنا التي مضت والتي تجيء

  • سلاما على الغابة والصحراء

  • سلاما على الحديقة التي زرعنا

  • سلاما على الذاكرة التي تحفظ لنا هذا الحب

  • سلاما على القلب

  • سلاما على الفقراء والناس المنتظرين

  • سلاما على تلّ الزعتر

  • و سلاما على أشقائه المتناثرين في مدى اللعنة والذبح )

  • ***

  • وكان لنعناعة الدار يمشي ..ويزرع نرجسه فوق خوذته ..

  • حين دوّى المخّيم بالدبكة الدموية ..كان يزفّ لسارا

  • البعيدة , سارا الوحيدة , كانت وجوه الصبّيات سارا

  • وكان المساء الرماديّ , كان المدى الذهبيّ إناء لإزهار سارا

  • وكان يجمع أعضاءها من أغاني الطريدات في حلقات

  • المخّيم ,

  • كان محمد

  • يغّني لنعناعة الدار في يقظة ,

  • تصل النبع بالرمل ,

  • والدم بالفلّ ,

  • كانت جميع البيوت ..

  • توّقع تهليلة الجرح ,

  • كانت تشكّل حلما إلى القمح ,

  • يوما إلى الصبح ..

  • كانت ..وكأن الغفاريّ يسبح في زرقة لا تموت ..

  • 2- التهاليل

  • تهاليل جماعيّة : جديرا بهذا الزفاف المسائيّ ,

  • هذا المطاف النهائيّ ,

  • بين اللظى والشرار

  • جديرا بأن تبدأ الآن كلّ المنازل والقبّرات ,

  • أناشيدها القانية

  • وتخرج سارا من الصدر والقبر , تشرب

  • دمعته الصافية

  • ليشتعل الأفق في عرسه ,

  • إنّه الآن يفرد أضلاعه ويغطّي القفار

  • هلا , يا هلا مرحبا

  • " كسا دمه الأرض بالأرجوان

  • وأثقل بالعطر ريح الصبا "

  • هلا , يا هلا مرحبا

  • الصدى : هلا , يا هلا مرحبا

  • تهليلة الأم : يتحامل الجسد المعنّى , والمقاد إلى جزائر

  • لا شواطىء تحتوي أبدا , ولا شبّاك دار

  • لا أغان ها هي الأقفاص توغل في الحنايا ,

  • والعيون محاطة بالقيد والموت البدائيّ

  • المراوح في الدم العربيّ , ما آن الذهاب

  • ولا البداية تنتهي ..

  • قالت له الأشجار شيئا ما , فضجّ الأفق

  • بالدم والصهيل ..

  • كانت يداه تلّوحان وترسمان

  • شكلا على باب المدينة تكتبان

  • بالأخضر العربيّ شارته وفاتحة الدخول

  • هل كان يقرأ يومه الآتي ويعرف ما تقول

  • فرس البراري والسهول !

  • ( صمت عربي )

  • تهليلة سارا : الزينة لحبيبي

  • والأقواس المعقودة بالحنّون الأحمر

  • والأصفر لاستقبال حبيبي

  • والريح تصفّر في قصب الوديان ,

  • تهلّل لقدوم حبيبي

  • وحبيبي يأتي من ناحية البحر بمهري

  • خمس زنابق في الكّفين ,

  • وست زنابق في الصدر

  • في منعطف الشارع كمنوا لحبيبي

  • لكنّ حبيبي واصل سيري

  • ها هي مركبة حبيبي

  • جلّلها الشفق النابع من وجنته المرفوعة ,

  • جملّها الأخضر والأحمر ,

  • جملّها الأبيض والأحمر ,

  • يا أخواتي

  • ينحسر البحر عن الوجه فيعرفه كلّ الناس

  • ولا يفهمه أحد ويكون حبيبي

  • ممهورا بالموّال النازف كان حبيبي

  • جاء إلى العرس حزينا وغريبا

  • كالموجة والشاطىء

  • فلتخرجن إليّ , إليّ جميعا يا أخوتي

  • وليبتدىء الآن زفافي الهادىء

  • تهليلة لنساء تل الزعتر :

  • هكذا تخرج من أضلاع سارا

  • جوقة القتلى وأزهار الحدائق

  • هكذا تخضّر في شبّاك سارا

  • مزهريات الحرائق

  • هكذا تبدأ في أعراس سارا

  • الأناشيد المدمّاة , المشانق

  • نشيد أول : قال والنار على النار تفيق

  • هذه فاتحة الموت وناقوس الحريق

  • قال إنّ الصوت من هذا المحيط

  • كاذب .. إنّ الخليج

  • وطن للنفط منحاز إلى الأعداء ,

  • والأعداء في تفّاحة الأهل يقيمون ولا

  • تبدأ أنبوبة الغاز طريق

  • نشيد ثان : قال شبّهت الوطن

  • بالأمير الشارد , النهر , النبال

  • والخطى تركض والنخل وقال

  • من يدي تسّاقط الآن زهور البرتقال

  • وأرى سارا إلى يثرب تذهب

  • وأرى عشبا على جبهتها ينمو وكوكب

  • رقعة في جيب محمد :

  • كنت في بادية الشا أهشّ الروم عن صدري

  • أنادي الأهل , والأفق الترابي , الرصاصيّ

  • المدى وجهي ,

  • وكانت قبرّات الحزن تستلّ من القلب المداد

  • أيهذا الوطن الكابي الرماد

  • نقرأ الأشجار في مسودّة الأيام حينا

  • نفهم الأشجار , نهديها ندى القلب ,

  • فتهدينا مدى أو ياسمينا

  • ونرى أنّ السلام

  • سفن نائية أنّ الكلام

  • طائر فرّ فنمشي للأمام

  • للأمام

  • للأمام

  • للأمام



أعمال أخرى محمد القيسي



المزيد...

العصور الأدبيه

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !

اغرب الرياضات في العالم لم تسمع عنها من قبل !



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك