الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد القيسي >> إلى عبلة >>
قصائدمحمد القيسي
- منزل 1
- هي أول الكلمات
- هي أجمل الطعنات
- ضمّت إلى ألبومها روحي
- وأهدتني الغزاة
- هي ما تجّمع في قرار البحر من أصداف
- هي أول السارين نحو البئر ,
- أول من سعى بين الضلوع وطاف
- هي دمعة الأسلاف
- قفزت إلى صدري
- فأينع حزنها الليليّ ,
- جللّني ,
- فكيف أخاف
- هي أول الأنهار , أعرف ..
- أول الأطياف
- هي يومي المائي ,
- أول من أسبّح باسمها الشفّاف
- هي نجمة العرّاف
- هي أول الكلمات , من حجر الخليل ,
- وغابة الصفصاف
- هي ما أحاول أن أقول..
- فلتهرب الأوصاف
- منزل 2
- في الصباح الذي كنت أعبر فيه المدينة ,
- كانت معي
- كنت أطلق رفّ الحجل
- وأثير الفراشات في أفقها
- جملة , جملة , وأرى ما تراه
- كنت أقرأ أهدابها في أناة ,
- وأهدي أصابعها برتقال الإله
- وأحاول أغنية ,
- أو حديثا , يوازي الضلوع , تراني
- أحدّد زنزانة عرفتها هناك
- أم تراني أهيّء روحي لهذا العراك
- كنت أسمع صمتا غريبا على شفتيها
- فهل يهطل العشب فوق يديها
- وتبني لها منزلا ,
- وأكون صديق الخزامى
- هل أكفّ عن الأسئلة
- حينما تحضر السنبلة
- هل يكون دمي كافيا
- ونشيدي حماما
- والمدى مقعد لليتامى
- يا إلاهي , أعطنا مطعما هادئا ,
- وانسنا
- منزل 3
- أيتها الدالية
- أيتها الدمعة العالية
- إهدأي ساعة ,
- بعد حين يكون لنا زاوية
- ويكون لنا
- منزل في الأفق
- وتكون الفاكهة
- أيتها الوالهة ,
- منزل 4
- في الصباح المبكّر ,
- أين ترى يذهب العاشقان
- كيف يمكن جمع أغانيهما في مكان
- يطلبان إذن مقعدا
- يطلبان يدا
- يطلبان الطريق التي يحلمان
- يطلبان ولا يجدان ,
- منزل 5
- - من تراك ؟
- * نجمة في ثياب الهلاك
- - والمدى ,
- * مستراح يديها
- مستراح الأغاني
- مستراح عذوبتها وإناء الفرح
- - ويداك ؟
- * تسرحان على ساحل لا يحدّ ولا تقطفان
- غير موعدها المغربي
- ترسمان النبات الطري
- ترسمان
- لظلال اليدين
- غيمة الياسمين
- - والحنين ؟
- * أن أظلّ هنا باحثا عن يدي
- منزل 6
- طائر ونوافذ لا تستريح ,
- ويوم بلا ضفّة ,
- وغبار الطريق
- كيف نسلك هذا المضيق
- كيف نسلك حتى نصل
- بهجة ,
- كيف نملك هذا المدى
- ويكون لنا أفق ,
- وتكون رموشك مرسى ,
- وننسى ,
- أصابعنا عند ظلّ حجر
- كيف نمشي إلى صمتنا
- ونقول الشجر
- منزل 7
- إختاري أيّ نهار ليكون لنا .
- إختاري أيّ جبل
- إختاري الضاحية ,
- إختاري أيّ مكان
- إختاري الأفق ليبدعه اثنان
- إختاري العشب وأغنية المذياع
- إختاري الليمون ,
- إختاري النعناع
- إختاري شاي الصبح ,
- وإفطار اليوم
- وإختاري منزلنا عند حدود الغيم
- إختاري المقعد
- لتكون يدي المسند
- ونكون المشهد
- منزل 8
- وانتظرت القرنفل أن يستحمّ بماء يديك ,
- انتظرت الرياح
- وانتظرتك أطول مما انتظرت الصباح
- انتظرت يدي أن تقول
- جملة ,
- أو تلّوح ,
- أو تستكين إلى جانبي
- وانتظرتك حتى إذا الفجر لاح
- وارتوت نجمة العاتب
- من إناء الجراح
- كان ليلا طويلا
- وطيرا ثقيلا
- على راحتيّ استراح
- منزل 9
- أيّها المركب
- أيّها المركب
- أخيرا ليس أمامك إلاّ هذا البحر
- وأخيرا أخيرا ,
- ليس أمامي إلاّ أنت
- أيّها المركب
- يا حطامي الأبهى
- وأيامي ,
- أيامي التي انصرفت
- أيامي الغريقة
- أيامي التي بلا ثوب أو أغنية
- ولم تعد لي
- فبأيّ الأصابع
- بأيّ الحبال
- بأيّ المواويل أشدّك إلى بقايا الضلوع
- إلى هذا المرسى
- الذي لا بحر سواه
- والذي أيّها المركب
- ليس لي فيه علامة
- منزل 10
- وأسند ظهري إلى الباب ,
- ماذا أرى
- مناديل من فضة وصدى
- غزال يفرّ من الوقت ,
- أم شرفة في غيوم بعيدة
- أرى في تمام الوضوح
- طيورا ,
- وأشرعة ,
- وقلاع
- أرى ما يلوح
- أرى موجة ,
- ويدين ,
- وبحرا , غريقا , أرى في فضاء الأصابع
- فسبحان هذا الصباح ,
- وسبحان هذي الشوارع
- وسبحان ما عزفته العيون ,
- وما يتفّتح في برعم الأسئلة
- إذ المرأة السنبلة
- تواصل كشفي
- وتخلع هذا القناع
- منزل 11
- لم آت على كلمات القاموس
- لم آت إلى زهرة تشكيلك
- لم أرسم قوس قزح
- منديلا لبراريك , ولم أعزف بعد قرنفلة ,
- لائقة بعذابي
- أو قمرا في البال يليق بإكليلك
- طوّحني الموج فكيف أجوس
- هذا الأوقيانوس
- لم آت على كلمات القاموس
- كرمك أوسع من لغتي
- وثمارك دون حدود , كيف أواصل أغنيتي
- وأواصل إنجيل يديك ,
- أدّق الناقوس
- لم آت على كلمات القاموس
- نفرت قطعاني نحو الجبل وحيدة
- وأنا نائم
- وسرى الرعيان فما أيقظني أحد ,
- وأنا نائم
- أغلقت سقيفة روحي وبكيت
- ووصلت إليك أخيرا
- كيف أحيط كرومك , وأجمّع أغنامي
- كيف أواجه وحشة أيامي
- وحسابي القادم
- يا مولاي النائم !
- منزل 12
- لكم أحسّ يا مولاي
- أنّ العمر قصير !
- إذ كيف تكفي برهة عشرين سنة
- هي ما تبقّى لي
- في حقيبة يدها
- لقول ما يختلج به كتابي
- وما تضمّه الحنايا
- منذ تشكّلت الأرض ,
- وسوّى الله الأشياء
- وأعدّ ناسها
- وقال لهم : تعارفوا
- إنّ أقربكم إليّ العشاق
- فآه يا مولاي
- لكم أحسّ أيامي قصيرة
- وكم يفوتني من المباهج
- وكم الأرض خضراء ,
- خضراء , خضراء , خضراء ,
- وموحشة !!
- منزل 13
- في زاوية الغرفة
- أتفقّد فضّتك المتجمّعة هنا
- وأضمّ إلى صدري هذا العقد
- هذي الأسورة , القرط
- وأرى كيف يوزّع أسفه
- إذ يتمدّد مثل جناحين كسيرين ,
- بلا أذنيك ,
- وهذا الخاتم
- كيف يداري خوفه
- في زاوية الغرفة
- أتفقّد كنزي
- أتفقّد دفتر أضلاعي ,
- وملابسك الملقاة على القعد ,
- في تشكيل عفويّ
- علب التبغ على الأرض ,
- وصحن العنب الجرشيّ
- أتفقّد هذي الفوضى الحلوة
- أتفقّد فضّتك المتجمّعة , وأنت تعدّين القهوة
- يصل إليّ غناؤك
- يصل من الصالة إيقاع خطاك ,
- بصندلك الفضي
- تصل إليّ
- رعشة خصرك ,
- تصل الغرفة
- موسيقى الآنية ,
- وأنت تعديّن صباحا ,
- ونهارا من نشوة
- وتهلّ القهوة
- منزل 14
- مرتويا بالجدول
- مرتويا بقطوف أغانيك ,
- وطائر أضلاعي الأعزل
- مرتويا برنين الفّضة , وحديث أصابعك الأجمل
- مرتويا ,
- وأظلّ إلى نبعك أرحل
- فإذا أنت بعدت لبعض الوقت ,
- فماذا أفعل !
- منزل 15
- اليدان زائدتان
- الأصابع زائدة
- كذلك العينان
- وباختصار وجودي
- إن لم تكن اليدان لضمّك
- والأصابع لتسريح شعرك
- والعينان لتكتشفا تضاريس هذه القارّة
- إذ لماذا أصابعي
- إن لم تعزف الأغنية التي تليق
- بصفصافة أو غدير !
- وتلك مساحاتك
- ولماذا عيناي
- إن لم تريا هذه السهوب
- سهوب يديك
- سهوب الأسلاف
- السهوب التي تعوزني حسرة يوسف
- وجنون جلجامش
- لأحيط بها
- وأعزف نشيدي
- نشيدي الذي من غيم وتراب
- والذي ما كان وجودي
- إلاّ لأقوله
- وإلاّ ليكون عرس الكائنات
- على هامش واحدة ,
- من أغنياتي إليك
- منزل 16
- ألمدينة دونك فارغة
- الشوارع صمّاء , ولا أسماء لها
- والضجيج أخرس
- الوقت مسدّس وبحر ميت
- ولا سمك ينمو
- لا شجر أو أزهار
- ولا شرفات مضاءة
- سعاة البريد هجروا داباتهم
- وأحذيتهم الجبلية
- واقتعدوا عتبات الدور
- في انتظار بريد ما
- بعد أن نفّق العمر
- والنساء بلا زينة
- الأبنية تحّدث عن صمتها
- فأين تفاحة الفوضى
- أين عزف الحركة
- وموسيقى السّلام العاطفي
- ايّ نهر لا يتكّلم أو يغنّي
- أيّ سوق عاطبة هذه ,
- مثل باذنجانه ذابلة
- مثل روحي
- وأيّ مخطوطة أيهّا الكتبي
- تقتني في دكانك
- أيّ مخطوطة تفسّر هذا الغياب
- وتفسّر المدينة ,
- التي دونها فارغة
- منزل 17
- لتسقط الأزهار في كوبي
- لتسقط الأوراق
- خضراء أو صفراء
- ليسقط القشّ الذي قد طيّرته الريح في جفنيّ
- في كوبي
- وليعتكر نبعي
- وليكتمل شحوبي
- لا بدّ أن أحتسي وقتي
- وأن أضمّ كوبي
- وجرعة فجرعة ,
- مواصلا حروبي
- وأن يظلّ النهر
- مسدّسي وخطوتي إلى حبيبي
- وليسقط الغبار
- على ملابسي وصدري
- وليملأ الحصى طريقي
- والشّوك شرفتي ,
- إمّا نسيت كوبي
- وعاف قلبي الماء
- أو صاح من ذنوبي
- عليك يا يدي..
- عليك يا قصائدي ..
- عليك يا دروبي
- دمي , دمي عليكمو فلتحرسوا حبيبي ..
- منزل 18
- في فمي قهوة مرّة
- فبايّ نشيد سأبدأ
- وبأيّ جمل
- انتهي ليديك فأهدأ
- موقدي خامد , وسراجي بعيد ,
- وصوتي مطفأ
- والشوارع ليست مهيأة الخطى
- والقطا
- أطبقت حولها المصيدة
- والمطاعم سيّان مشرعة موصدة
- كيف أجلس وحدي ,
- ولا تتحسّس روحي يدك
- وإذا ما دخلت
- كيف لي أن أرى مقعدك
- كيف أضمن أن لا يشقّ صراخي
- فضاء المكان
- أو أحدّث نفسي أمام الملأ
- كيف أجرع هذا القدح
- فارغا .. وفقير الفرح
- من ترى جردّك
- من غصوني ,
- وأعطى ثمارك هذا الذبول , ومن أوردك
- هذه المساحة الدائريّة , من أفردك
- وأقال يدك
- عن إمارة قلبي
- وماذا من الأسئلة
- بيننا تكبر السنبلة
- بيننا الأرض , نعرف هذا..
- يعرف القلب ما قلدّك
- يعرف الصدر من جدّدك
- فالوشاة الذين سعوا بيننا
- والظلام الذي أبعدك
- كلّهم قدّموا لورودي المياه ,
- وأعطوا وجودي السبب
- أن أرى الأرض تفاحة في يديّ ,
- وأن أعبدك
- ***
- ويهاتف يومي غدك
- يمدّ له من دمي سلّما
- يرسم الأفق نافذة ,
- والمدى دالية
- إنّما
- حين آوي إلى زاوية
- أو أفكر في الأمر ,
- يسكنني قلقي ثانية
- في فمي قهوة مرّة
- في فمي حرقة كاوية
- هل يدي للفراغ إذن
- هل إلى الصمت نأوي أخيرا بلا مملكة
- أم هي اللحظة المهلكة
- لنعدّ الكفن
- ونواري معا
- هذه الليلكة ؟!
- منزل 19
- ما الذي يجعل الأرض تبكي
- ويجعلني عرضة لرياح القنوط
- الحبيبة تبكي ,
- الشعوب الفقيرة تبكي ,
- الجداول تبكي
- وتبكي مدائن لوط
المزيد...
العصور الأدبيه