الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> مازن دويكات >> يصعدون بلا خيوط واضحة >>
قصائدمازن دويكات
- ناران، واحدة تمد لسانَها للموتِ
- والأُخرى، تمد يداً مقطعة الأصابع للحياة
- ناران لي، لست المجوسيُ المعمدُ بالدخان
- أُلاعب اللهبَ الجميل ضحى
- وأقطف برتقال سحابة خضراء
- قبل تفتح الأشجار في شجر الخليقة
- هابطٌ، ظلي وحيدٌ كالحقيقة
- لا أرى أحداً، وتعبرني الضفاف وتكتملْ
- كوصية الموتى الذين تجمهروا ليروا وصاياهم
- لمن وصل الترابَ معفراً بخصوبة الشهداء
- أعرفهم هنا، وهناك بين وريدها
- ونشيد من عبروا سراط المذبحة
- هذي البقية بدء من ولدوا
- وخروا شاهرين قماطهم وعلى أصابعهم
- بقايا من حليب الأمهات ودمعهن المشتعلْ
- هذا انحناء النائمين على وسائد ماء بهجتنا المثلثْ:
- لونه العدمي والطعم المعذب في سياط الرائحة
- هذا هبوطي، يصعدون
- كقطة عمياء تقفز في فراغ انتباهي
- ليس إلا الملح يحفر في الجراح ويستقر على شفاهي
- كم سيبقى الوحش في البستان يلهث
- لست انكيدو لأُتقن مهنة الترويض
- ليس هو الغزالة ثديها المكتظ يقطر في فمي
- بين الكهولة والفطام
- ولست من نسل الظباء الشاردة
- فالأرض أصغر من قفصْ
- والأرض أوسع من فضاء خطى المهاجر
- في المنافي الباردة
- والصوت أعرفه
- وأعرف من يجدف في مياهي
- أرتدُ ثانية وأصعد، يهبطون كقطة ملكت عماها
- كي ترى شجراً على الطرقات يمشي، ليس من أحد سواها
- سوف يشهد في الهزيع هبوطهم
- وسيصعدون بلا خيوط واضحة
- هذا الوضوح بكف من ولدوا
- على حجرين في الواد المقدس
- اخلعوا النعلين كي تصلوا
- خذوا العتبات للبيت اصعدوا
- السفحين فوق خيوطكم
- وإذا سقطتم قبل أن تصلوا الجبل
- سنعيد تشييد الذي نسفته أيديكم هنا
- وكفى البلاد سقوطكم
- ناران تتحدان، فيها الموت أصغر من يد مرفوعة
- ويد تشير على طريق، والصدى
- "من هاهنا خرج الغزاة
- وقفوا على أطرافها
- لا شيء فيها من ملامحهم الغريبة
- لا التراب ولا الجبال ولا الشجر
- قدمان من خشب تنجر في خريف الغزو
- من مدن بعيده
- خذوا قدمي وارتحلوا، فضائي ضيق
- ودمي يعود من الرصاصة للوريدِ
- وأعود أجمل للحياة
- خذوا جسدي وعودا مثلما جئتم من البلد البعيدِ
- عودا كما جئتم غزاة
- ودعوا على عشب السياجِ
- براءة التين والزيتون،
- لا ورق يغطي سوءة الحكماء في ليل الجريمة
- وخذوا من الماء المقدس
- حاجة التيه المخلّدْ
- ودّعوا عسل البلاد وسمنها
- في طاسة امرأة
- تلملم طفلها من شارع القتل المهوّدْ
- وادخلوا سينا الجديدة
- دون منِّ دون سلوى
- أول الطوفان يبدأ من دم الأطفال
- لا بحر سيحمل مركب الأزواج
- لا نوح يبارك من نجى
- سيعود ثانية، تباركه الأساطير القديمة
- أعمى، أصم، أخرس، لا يرتجى
- سيعود ثانية
- ويخرج من عباءة آخر الكهان
- مستعر الهياج.
المزيد...
العصور الأدبيه