قصائدمؤيد الراوي



جليل القيسي ..حارس المدينة
مؤيد الراوي



  • رَأيتَ,

  • ما لم نرَ:

  • (في مِحْجَريكَ عينان ِمن عقيق)

  • أبصَرتنا، نَرحَلُ بريح ٍ خفيفةٍ تضربُ قلوعنا .

  • آملينَ الدَهْشةَ، نَحمِلُ جمرَ ما سيأتي،

  • وأنتَ بنَفْس الحريق الذي شَبَّ،

  • مَكَثْتَ

  • لِسَفينَة ٍ

  • تُبحِرُ

  • مِنَ

  • الماضي

  • تنتظرُ لها ماء الطوَفان .

  • شاخِصاً في الزمان ِ، تُرَتّبُ تاريخهُ

  • تضعُ هذا الشخصَ هنا

  • وذاكَ الشخصَ هناك

  • لا لِمَوَدّةٍ، و إنّما الأرواحُ هكذا،

  • تَتَخاصَمُ

  • وتتصالحُ

  • بَعدَ كلّ غمْر ٍ، فتأتي السفيتةُ جانحة ً

  • تبدأ برَتقِ قعرها

  • مثلما تُهَذّبُ بالكلماتِ طفلاً يتعلمُ الكلام،

  • ثمّ تنحَتُ من الصلصال سِفْراً

  • للبقاءِ، وسِفراً للرحيل

  • لأنّكَ

  • تَوَهّمتَ

  • وَ رأيتَ

  • ها نَحنُ هنا

  • أمامنا أقفاصٌ طافِحَة ٌ بالوَهمِ،

  • نداريها بالنوم الطويل

  • لنوهِمَ الوَهْمَ

  • وَنحَمّلُ أيامناعلى فراشاتٍ تَموتْ .

  • نحنُ هنا، مُقنّعونَ بالرضى،

  • في غُرَفٍ مُقفلةٍ

  • نفتحُ أحياناً، في خدَرِ الوهم، أبواباً على الليل ِ

  • لعَلّ من يأتي سَيُدْهِشنا،

  • بيدِهِ مسحاة ٌ يُقَلّبُ الصدور

  • أو يَحْمِلُ لنا عُيوناً، جاءَ بها من الماضي،

  • نرى بها

  • وجوهَنا

  • في شِحَّةِ الفانوسِ

  • نَرمي النَردَ ونقامر، مثل لصوص ٍ، على مَن سَيأتي .

  • وماذا سيأتي في المنام ؟

  • طائرٌ أو صَيّاد طائر

  • أو ربما عَرّافٌ

  • يسردُ سيرتنا الموجزة

  • ويقترحُ أن نذهبَ

  • معَ المُهَرّبينَ

  • إلى تلكَ البلاد .

  • ها نحن أصبحنا مُفلسينِ من الوَهم

  • لأننا

  • كَرّرنا ما رأينا

  • والأيّام كانت الأيام، تّنزَعُ جلودها كالأفاعي

  • لِيَمْضي بنا الوقتُ

  • بطيئا

  • ونحن

  • ننتظرُ

  • ريحاً أخرى تنشِرٌ لنا القلوع

  • 2

  • رَأيْتَ

  • ما لم نرَ:

  • (في مِحجَرَيكَ مرجان ٌ يَشِفّ عن رؤى، فيُنذِرُ عن جحيم ٍ يتكوّن)

  • على جَبينِكَ المعروقِ من التتبّعِ وَشمٌ لدهشةِ الطائراتِ، تُحِبّ الحريقَ

  • وهيَ تحَلّق . توَسّعُ المدى وتوَسّعها، ثمّ تُعَمِّقُ للموتى قبورهم؛

  • جُنودٌ يَربحونَ الحَربَ

  • وجنودٌ يخسرون:

  • رهانُ مُضاربٍ على قِناع ٍ قديم .

  • دهشَة ٌ في العينين الكليلتينِ، حينما

  • يُفَسَّر الموتُ ــ برضى الضمير ِ ــ

  • دَعابة ً

  • أو لعبَة مقامر ٍ

  • تنبعثُ غيمة ٌ كالزعفران

  • تُغطّي القرى

  • وَتُفَسّخُ الأشجارَ

  • لِتُعلِنَ الناسَ إضمامة وقودٍ من فحَمْ.

  • أقوى منَ الإلهِ انتحال الأنبياء.

  • أعلى من السماءِ طموح الأدعياء.

  • يأتونَ مثلَ راءٍ مُزَيَّفٍ، راهنَ

  • على القوَّةِ

  • ولم يخسر الرهان .

  • رأيتَ

  • كُلاً في مَخبَأهِ

  • ووَجهُكَ مُكرَّرٌ في غرفةِ النوايا حتى تعَكرتْ.

  • الرأسُ مغمضُ العينين ِ

  • لِئلا ترى

  • كائنات من شقوق السقفِ تدعوكَ الى الوليمة

  • بأكفّها السكاكين.

  • راقَبْتَ الأفاعيَ تقتاتُ على الأطفال ِ

  • مُتسللة ً إلى المهدِ الذي تهدْهدهُ

  • وتعبث في الرمادِ المتبقي أمامكَ .

  • 3

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • (في وسْع ِ عينيكَ زُمُرّدٌ ويغطّي حاجبيكَ الذَهَبْ)

  • هوَ التنبؤُ بما سيأتي:

  • قدَرٌ يحمِلُ ألغازاً، تفَكِكُ أنتَ أسرارها،

  • وتداوي الناسَ ــ منسوخينَ منَ الخوفِ ــ

  • تُضمّدهم في الأسِرّةِ:

  • جُثثٌ تخَشّبتْ وجَفّتْ منذ عَهْدٍ

  • يَفعَلُ الحَطّابُ بها ما يريد.

  • مِبْضَعكَ في القلبِ نِواحٌ

  • وأبوابكَ إليهم مُضَيَّعة المفاتيح.

  • هكذا المدنُ والطرقُ والسماءُ والطعامُ مُفْسَدَةٌ

  • والماءُ الذي يغسلُ الخطايا

  • يَسكُبُ تعويذةً للخلاصْ،

  • لكنّهُ دُعاءٌ بِلُغةٍ مُبهَمَةٍ

  • يَتَحَدّثُ بها الشيطان .

  • تَعرفُ إن الحريقَ الذي سيأتي

  • يَجيءُ بَعدَهُ الطوَفان،

  • وتراهُ الأنَ ثِماراً فاسِدَةً:

  • تَرى بعَينَيكَ الأوْبِئَة َ واقِفة ً

  • راع ٍ يقودُ رَعِيّتهِ إلى الذئاب

  • وكلّ بابٍ موصَدَة دونهُ على دعاءِ الصلاة،

  • ومن يُصَلّي الفجرَ

  • يَخافُ غِياب الزمن.

  • 4

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • رَأيتَ في الضغينةِ حقولاً لا تتعافى

  • وفي بذورِ الشّرِ

  • يَكبرُ الأطفالُ.

  • يَدٌ من المجهولِ تَمْنَعهم، وأنتَ تعود إليهم عجوزاً من الكهوف،

  • على ظهركَ المنحني تحملُ كنوزاً

  • جَمَعتها من السماء ــ

  • حينما تخاصمَت الآلهة ُ رَمَتْكَ بالهدايا؛

  • أسفارٌ لمواعيدٍ لا تتحقق

  • وتداولٌ لِدَعوَة الإثم

  • يُبَيّنُ لكَ ما في الليل من إضاءات

  • تشغلكَ الكتابة ُ على الطين،

  • تأتيكَ وتنهضُ منها السماواتُ، والأنهارُ تفيض.

  • سماؤكَ رمادِيّة ٌ، ونَهركَ المرتجى طافِحٌ بالجثث

  • تخوض في لغةٍ أخرى وأنتَ مُتنقّلٌ في الماضي

  • تمسك بخوفٍ

  • أصابِعَكَ التبْحَتُ عن الكتابةِ: عِظامٌ ليست لكَ

  • تختبيءُ في عشبِ الصيفِ مثل طير ٍ مذعور

  • وأصابع غيركَ على الفأسِ موشومة ٌ

  • تخفي نيتها وتنزلُ على الرقبة.

  • فِخاخٌ هيَ اللغة،

  • والكلمات التي تنحتها مُكرّرة

  • ينصبها صيّادٌ مُحِبٌ للطيور

  • وأنت قد خبِرتَ

  • الكلماتَ

  • هيَ

  • مُجَرّدُ كلمات،

  • تمضي بها الى الممالكِ القديمةِ

  • ثمّ ترجعها، الى الأرض، بالحكمةِ التي لا تجدي.

  • لكنَ الأرضَ، كما ترى، أرضٌ

  • وهكذا العناصر الأخرى

  • لا تتغيّر.

  • هكذا

  • الخليقة ُهِيَ

  • لا تحَرَّفُ

  • و لا تضيَّعُ بالكلمات

  • 5

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • (مدينة من حَجَر ٍ يفيض كلّ عام نهرها ثمّ يَجفُّ . محروسة ٌ بهذا الإدمان وبتقادم الزمن)

  • الى صَحْن ِ داركَ الصخري لجأت ملائكةٌ،

  • نسِيَها اللهُ أو أهمَلها لِحِكمَةٍ

  • أخلتْ قلعَة َ " كركوكَ " للجنودِ

  • يَعقِدونَ صفقة ً مَعَ التاريخ، يأخذون مخالِبَه.

  • يَعبرونَ جسرَ المدينةِ الحجري، ليوصدوا أبوابَ " شاطرلو"

  • مَدخل الجَنّةِ مُغلقٌ

  • وفي رأسِكَ يَضيعُ ألَقُ المكان .

  • ترى جنوداً يلبسونَ دروعَ الماضي

  • يبنونَ القلاعَ

  • ثمّ يُهَدّمونَ أسوارَها

  • مُثقّلينَ بالحديدِ ــ تتلصص عليهم ــ يَحرثونَ حدائِقَ " ألماز"

  • وفي الفجر، خوفاً من الذئاب، يَصرخ الموتى على تلّة " دامر باش"

  • فتحمل لهم رفشاً ليهربَ اللصوص.

  • بعيداَ تتخفى عن "صاري كهية " وتحوم حولَ " عَرَفَه " المسوّر بالأخضر:

  • أماكنٌ لكَ

  • تحتفظُ بها، وتحفظها لنا كسوار الذاكرة.

  • غرباء جاء وا كخيال المآتى ؛ عابرو الصحارى ومُهَرّبو الجبال

  • يخلطونَ الرملَ بالثلج

  • يطبخونَ على نار ٍ هادرة

  • يَتخيّلونَ المُدنَ دَعْوَة وليمةٍ

  • تعطيهم الحجرَ ومنعطفَ الطريق،

  • لكنّ المدينة مبهمة ٌ

  • ولها روحٌ تحْرِسها الآلهة ُ

  • تخفي عنكَ نهوضها، وفي الأسرار ِ ميراثٌ

  • يُغني العُمرَ

  • وَيَقي المدينة

  • 6

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • من زمان ٍ يولدُهذا الطاعون هنا،

  • وكان هذا الحريقُ دوماً

  • ذريعَة ً للتطهّر

  • فأرَدتَ أن تأتي إلينا

  • هارباً

  • برداءٍ

  • وبمسوحِ

  • قِدّيس

  • غافِلاً بأنّ اليُتْمَ بين اليتامىعواءٌ

  • ينبعِث من نهش الكلاب

  • 7

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • (فصولاً مُقفرة ً، لا وردة تشعُّ في الذاكرة)

  • يعيدها الأمواتُ من زمان ٍ رماداً، أو

  • وجوهاً مُبهمة ً تنمحي، كما الأشباحُ؛

  • بحمى مريضٍ أو مَعْتوهٍ بماض ٍ

  • ينسجُ أطيافاً لِمؤونةٍ في المجاعة

  • جئناكَ صباحا، وفي أيدينا مرافئ للسفر

  • (كلّ بحر كانَ حديقة لزهورنا الذابلة)

  • جِئناكَ غرقى بالكحول مساءً

  • ثمّ هادنّاكَ بالحوارات وقت الظهيرة

  • نحمِلُ ناراً تُوَشّحُ بها غِبطتكَ الأليفة

  • فارس الوقتِ أسميناكَ،

  • وخيولكَ الخيال

  • أنتَ هنا، صَحوَة ٌ مُرتجى

  • وأنتَ هناكَ، بالتذَكر ِ،

  • زؤادَة ٌ في أكياسِنا . ونحنُ، كما ترى،

  • نُقلِّبُ السيرة َونعودُ إليكَ خفيَة ً

  • لِنأكلَ معاً فطورَ الصباح .

  • مِنْ زمان ٍ نخافُ معاً

  • أن يأتيَ الماضي، حاضراً أمامنا،

  • ثقيلاً نمسكهُ،

  • ثمّ نفحَصهُ،

  • غيْمَة من حديد

  • فتصبَحُ الفصولُ أمامنا مُقفِرَة ً.

  • 8

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • يَمضي الزمانُ بكَ كقطار ٍ عتيق،

  • يُسَيّرهُ اللهُ لكَ بطيئاً

  • لحكمَةٍ في الموتِ

  • أو لِنداءٍ من القيامة .

  • أيّامٌ يُلوّثُ دخانها العُمْرَ، ويوشيهِ بالسواد

  • مثل راياتِ الخطيئة؛

  • تُشجِّعُ الضرْبَ وتشقّ الصدور .

  • هيَ عُتْمَة ٌ إذا،ً

  • وأنتَ في الظلمَةِ تفتحُ الضوءَ للمشهَد:

  • ممثلونَ بأقنعةٍ، وحكواتيٌ تحتَ عباءتِهِ ضباع

  • يَجعَلُ الناسَ في الليل يطوفونَ

  • وعشاؤهم في صُحون ٍ من الدم.

  • ها نحنُ نرى

  • وأنتَ، أيضاً، ترى

  • في الضوءِ العَكِر ِ طقوصاً بأعراس ٍ مُلفّقةٍ تقام؛

  • خِرَقُ أعلامٍ يباركها اللهُ

  • مَعْقودَة ٌ سارياتها بالتعاويذِ لِوَجهٍ يتكرر

  • ماثلٌ بالتفويض يباركُ الجموعَ

  • فيَعودُ الطبّالونَ، هكذا، من البهجةِ

  • مُتْعَبينَ

  • غائبين

  • قادتْ مَزاميرُهم الناسَ الى البحر غرقى

  • 9

  • رأيتَ

  • ما لم نرَ:

  • (في عينيكَ الدامِعَتينِ حيرة المعرفة)

  • الدمُ يوغِلُ في المدينةِ

  • يغسلونَ بهِ الأمواتَ

  • ويرتدونَ الكفنَ، بُردَة ً مُهَلهَلة ً من بياض .

  • البِلادُ مُسَوّرَة ٌ

  • والروحُ فاسِدَةٌ،

  • وأنتَ، في وليمَتكَ المستمرةِ ساحِرٌ

  • وحارس للمدينةِ

  • تُحضِرُنا في غفلةٍ من المحاصرينَ

  • تحكي لنا عَنِ الخَطايا

  • وعَنِ العِقابِ،

  • ماثلٌ كفأس ٍ

  • مكتوبٌ على الجبينِ

  • منذ الأزلْ



أعمال أخرى مؤيد الراوي



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط