الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> قاسم حداد >> عن الصليب والقمر >>
قصائدقاسم حداد
- غصت في الأرض إلى أطول شعره
- وشربت المطر المخزون في الأرض إلى آخر قطرة
- فرأيت القمر الميت من مليون عام
- ذلك الغائب عن عالمنا الممدود في عين الظلام
- قمر الدرب الطويل
- كان يشكو المرض المغموس في الطين، وكان
- يبصق القيء، وتعلوه على الخدين صفرة
- مثلنا كان غريبا ذلك الطفل الجميل
- تحت جلد الأرض مصلوبا على أبواب قبره
- ماتت الرغبة في الإبحار عني
- ماتت الرغبة إلا في الرجوع
- ذلك النور الذي يشكو الغباء
- وصراخ البشر الأموات من أجل البقاء
- ليس لي إلا الرجوع
- فسكبت المطر المخزون في قلبي على صدر القمر
- وتلوت الآية الكبرى
- تيممت وصليت لربي ركعتين
- عند أقدام القمر
- وقرأت السور الكبرى مع الصغرى
- وطولت الدعاء
- عشت في التوراة مرة
- وعلى صفحة وجه القمر المسكين فوارة ماء
- عشت في الإنجيل والقران - في رهبة قلبي- ألف مرة
- ولبست الخرقة البيضاء
- أفنيت، تصوفت، ترجيت الإله
- أجل أن يعطي أمرا بالحياة
- لدماء القمر الميت في أسفل صخرة
- وتصبرت على السم الذي يأكل مني وانتظرت الأمر يأتي مثل برق
- مثل سرب من حمام
- يحمل النور إلى أرضي ويعطيها السلام
- آه .. لكني تحجرت على جبهتي الملقاة في الأرض
- وحاكيت الجدار
- كاد موت القمر الميت يسري في عروقي
- مثل أحلام الشروق
- في نهايات النهار
- قمت، حركت ذراعي، شلت ظهري
- وشربت المطر المخزون في الأرض إلى آخر قطره
- وحملت الألم المحزون في قلبي وأعددت الرحال
- ذلك الجرح الذي يضرب إحداقي وأحداق النهار
- ذلك الجرح الذي ينبت نار
- ليس تفنيه الخرافات وأشباه الرجال
- فنفضت الذل عن رأسي وأسقطت الخيال
- ثم عانقت صليبي
- وحملت القمر الميت من جوف التراب
- وتقدمت بحملي
- أضرب الأرض بإصراري وثقلي
- وتجرعت العذابات الغزيرة
- وتصارعت مع الموت- الذي مات على دربي- مرات كثيرة
- وقتلت الألم المزروع في ملح البحار
- فتخطيت البراكين التي تقذف نار
- والمفازات المريرة
- وإذا الجدران في دربي تنهار
- ويحيا ألف باب
- فعرفت الحب في خطوي و يممت السحاب
- فرأيت القمر المحمول يرتج على صدري
- يجري في فضاء الكون
- يغتال السراب
- وإذا النور الذي غاب عن الأرض يعود
- مثلما يرجع إنسان إلى عهد الطفولة
- عاد نور القمر الغائب في حب وثورة
- يا رفاقي، فاسمعوا مني
- اشربوا مثلي ماء المطر المخزون في الأرض إلى أخر قطره
- يا رفاق العمر
- غوصوا في عيون الأرض
- وارتادوا إلى أطول شعره
المزيد...
العصور الأدبيه