الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> قاسم حداد >> خديجة ، زعفران لمنديلها >>
قصائدقاسم حداد
خديجة ، زعفران لمنديلها
قاسم حداد
- هذيت بنا منذ ليلين ،
- كنا هذيناك
- كانت خديجة مفؤودةً بالغياب
- هتفنا نسلي لها القلب ،
- عينان مأخوذتان وتاريخها فضة النوم .
- رأت ، أو تراءى لها ما رأت، زوجةً لإبنها ،
- رأت ، أو هذت ، أو هذينا لها.
- قيل لها : يا خديجة ..
- هذا صغيرك العاشق الفتي .
- .. هيئ لك خذيه،
- لئلا تأخذه الفتنة بالناس إلى خمرة التهلكة.
- يا خديجة ، وأغويه ،
- فليس له مهب سواك .
- قيل لها ،
- و كانت في الشهوة ،
- في بهجة الصهد يتفصد تحت وطأة الكلام ،
- في الريح وهي تمزج الطلع بالهواء ،
- في بيت الحريق وهو يمحو ،
- في ليلها ، واهب الكوابيس ،
- في ردهة الكهف ، فوهة للخراب .
- يا خديجة .. هذا فتاك ،
- طريد الزنازن والحانات
- خذيه ، واجعليه خدينك الأثير ،
- ودثريه بشغفك الباذخ
- يدحمك ، و يمنح نسلك المجد ،
- خذيه ، و اسدلي وشاحك في مهده ومثواه .
- صغيرك الغر و فتاك الفاتن وفارسك المأخوذ بترف المعنى .
- قالوا ، يا خديجة ،
- فضي طفلك المفتون
- كي يجتاز محنته و يبرأ من رخام الكهف ،
- فضي وحشك المذعور كي يهوى .
- و قالوا ، ضمخي شفتيه بالرؤيا لكي يهذي
- و قالوا ، زيني بالزعفران يديه أو خديه .
- مكتوب له .. يبكي لك ،
- وله القطيفة وانخطاف الزيت في القنديل
- و القفطان يبلى في بكاء النار .
- قالوا ،
- تسمعين اليوم فرحته الذبيحة وهو يزخر بالنصال
- و كلما يهذي ، يرى القتلى وينتهب الطريق لهم
- و أنت في انتحاب البرزخ اليومي بين الدفن و الأعراس
- قالوا ، يا فرات الناس
- وحدك تسمعين الماء يشخب دونه و يموت من عطش ٍ
- و وحدك تنهلين النوم والأحلام .
- سوف ينتاب الفتى هذيانه ، ويقوده ملك ،
- وتغفو أمة في ثوبه ،
- و ملاكه السري يمضي شاهقاً وجلاً ،
- وبين يديك يكتب ليلنا الأزلي ،
- بين يديك .. يهذي
- عندما يهوي إليك
- وكلما يهذي ويهدم هيكلاً ،
- يهذي .. ويبنينا .. و يهدمنا ..
- يرى مستقبلاً فينا .
- يهذي ،
- عندما تخلو يداه من القرنفل و الحديد ،
- وعندما يسري به ماء الحديقة
- ينتشي في ثوبه ،
- يحنو على كتبٍ ويمحو قهوةً و يظل يهذي.
- ربما تنتابه الرؤيا و يجترح المعاجز ،
- يهتدي بالبرق
- كي ترمي السماء عباءة الفوضى وتنتخب الكتابة،
- عله يزهو بها.
- فلربما منحته أسماء وترياقاً لًيقرأ ،
- ربما طارت به الحمى
- ونز الضوء من أطرافه ،
- و مضى يهلهل سره في بهجة الأسماء،
- ليلاً هاطلاً في زمهرير الروح ،
- يهذي مثلما تفشي غيوم حبها للأرض .
المزيد...
العصور الأدبيه