الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> طمأنينة السماء >>
قصائدفدوى طوقان
- عج الأسى في نفسها الشاعره
- في ليلة مقرورة كافره
- وحيدة ، ضاق بها مخدع
- توغل في الوحشة السادره!
- كم شهد المكبوت من شجوها
- تثيره خلجاتها الثائرة . .
- كم التوت فيه على قلبها
- تبكي أماني قلبها العاثرة
- وكم ، وكم ، ولا يد برّةٌ
- تأسو جراح الزمن الغائرة !
- تنهدت مما عراها ، وقد
- مالت على شرفتها حانيه
- وقلّبته بصراً تائهاً في
- جوف تلك الظلمة الغاشية
- لا ومضة تخفق من كوةٍ
- لا نبأة تصعد من ناحية
- سوى هزيز الريح تهتاجها
- أصداؤه المفجوعة الباكيه
- وقلبها المحروم ما يأتلي
- يدقّ خلف الأضلع الواهيه !
- ورجّت الوحشة أعماقها
- في هيكل الليل الكئيب الضرير
- فاصطرعت فيها أحاسيسها
- كاللج يطغي في الخضم الكبير
- ووثبت أشباح آلامها
- مجنونة ، تشب شبّ السعير
- فجمدت في جفنها دمعة
- تصاعدت من قلبها المستطير
- ثم همت محرورةً مرةً
- كأنها تضرّع المستجير
- تلفّتت وراءها في أسى
- نحو مهاوي أمها الغابر
- لعلّ في أغواره لمحةً
- تلوح من ذكرى سني عابر
- لعلّ في الماضي وأطيافه
- عزاءها من قسوة الحاضر
- فما رأت غير حطام المنى
- على صخور القدر الغادر . .
- وبعض أشلاء هوىً حالم
- مرتطم بالواقع الساخر . .
- وسرّحت أمامه طرفها
- عبر غدٍ مكتنف بالضباب !
- فأبصرت ، ما أبصرت ؟ مهمهاً
- مستبهم الافق مخوف الشعاب
- تبعثرت فيه الصور واختفت
- معالم السبل وراء اليباب
- وهي على الدرب ذعور الخطى . .
- رفيقها الوحدة والإغتراب . .
- والظمأ الكاسر لا يرتوي
- في قلبها الهائم خلف السراب ! . .
- وكان أقسى ما شجى نفسها
- وابتعث الراعب من هجسها
- تدفق الظلمة في يومها . .
- في غدها المحروم . . . في أمها . .
- ظلمة عمرٍ كل أيامه
- ليل تدجّى في مدى حسها
- النور ، أين النور ؟ هل قطرة
- تسيل منه في دجى يأسها
- من أين والأقدار قد جفّفت
- منابع الأضواء من نفسها
- وفي شرود مبهم غامضٍ
- تعلقّت مقلتها بالسماء !
- فانشق صدر الليل عن كوكب
- مشعشع الوهج دفوق الضياء
- كان روح الله من فوقه
- تمدّه بنورها عن سخاء
- فانخطفت في ذهلة روحها
- خلف النهايات . . وراء الفضاء
- هناك حيث النور لا ينتهي
- هنالك حيث النور فوق الفناء
- هناك غشّتها طمأنينة
- علويّة ما لمداها حدود
- وصاح من أعماقها هاتف
- ينتظم الأرض صداه البعيد
- يا أرض ، أحزانك مهما قست
- وطبّقت حولي مجالي الوجود
- هيهات ان تلمس روحاً سرى
- فيها من الله ضياء الخلود !.
المزيد...
العصور الأدبيه