قصائدفاروق جويدة



بالرغم منّا .. قد نضيع
فاروق جويدة



  • -1

  • قد قال لي يوماً أبي

  • إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب

  • وغدوت تلعق من ثراها البؤس

  • في الليل الكئيب

  • قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب

  • إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام

  • أو صارت الدنيا امتهاناً .. في امتهان

  • أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان

  • إن ضاقت الدنيا عليك

  • فخذ همومك في يديك

  • واذهب إلى قبر الحسين

  • وهناك صلي ركعتين

  • -2

  • كانت حياتي مثل كل العاشقين

  • والعمر أشواق يداعبها الحنين

  • كانت هموم أبي تذوب .. بركعتين

  • كل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسين

  • أو دعوة لله أن يرضى عليه

  • لكي يرى .. جد الحسين

  • قد كنت مثل أبي أصلي في المساء

  • وأظلُ أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاء

  • أو أقرأ الكتب القديمة

  • أشواق ليلى أو رياضَ .. أبي العلاء

  • -3

  • وأتيتُ يوماً للمدينة كالغريب

  • ورنينُ صوت أبي يهز مسامعي

  • وسط الضباب وفي الزحامِ

  • يهزني في مضجعي

  • ومدينتي الحيرى ضبابٌ في ضباب

  • أحشاؤها حُبلى بطفلٍ

  • غير معروف الهوية

  • أحزانها كرمادِ أنثى

  • ربما كانت ضحية

  • أنفاسُها كالقيدِ يعصف بالسجين

  • طرقاتُها .. سوداء كالليل الحزين

  • أشجارها صفراء والدم في شوارعها .. يسيل

  • كم من دماء الناس

  • ينزف دون جرح .. أو طبيب

  • لا شيء فيك مدينتي غير الزحام

  • أحياؤنا .. سكنوا المقابر

  • قبلَ أن يأتي الرحيل

  • هربوا إلى الموتى أرادوا الصمت .. في دنيا الكلام

  • ما أثقل الدنيا ...

  • وكل الناس تحيا .. بالكلام

  • -4

  • وهناك في درب المدينةِ ضاع مني .. كل شيء

  • أضواؤها .. الصفراء كالشبح .. المخيف

  • جثث من الأحياء نامت فوق أشلاء .. الرصيف

  • ماتوا يريدون الرغيف

  • شيخٌ ( عجوز ) يختفي خلف الضباب

  • ويدغدغ المسكينُ شيئاً .. من كلام

  • قد كان لي مجدٌ وأيامٌ .. عظام

  • قد كان لي عقل يفجر

  • في صخور الأرض أنهار الضياء

  • لم يبق في الدنيا حياء

  • قد قلتُ ما عندي فقالوا أنني

  • المجنونُ .. بين العقلاء

  • قالوا بأني قد عصيتُ الأنبياء

  • -5

  • دربُ المدينة صارخُ الألوانِ

  • فهنا يمين .. أو يسارٌ قاني

  • والكل يجلس فوق جسمِ جريمةٍ

  • هي نزعة الأخلاقِ .. في الإنسانِ

  • أبتاه .. أيامي هنا تمضي

  • مع الحزن العميق

  • وأعيشُ وحدي ..

  • قد فقدتُ القلبَ والنبضَ .. الرقيق

  • دربُ المدينة يا أبي دربٌ عتيق

  • تتربع الأحزانُ في أرجائه

  • ويموت فيه الحب .. والأمل الغريق

  • -6

  • ماذا ستفعل يا أبي

  • إن جئتَ يوماً دربنا

  • أترى ستحيا مثلنا ؟؟

  • ستموت يا أبتاه حزناً .. بيننا

  • وستسمع الأصواتَ تصرخُ .. يا أبي : يا ليتنا ..يا ليتنا .. يا ليتنا

  • وغدوتُ بين الدربِ ألتمسُ الهروب

  • أين المفر؟

  • والعمرُ يسرع للغروب

  • -7

  • أبتاهُ .. لا تحزن

  • فقد مضت السنين

  • ولم أصلِّ .. في الحسين

  • لو كنتَ يا أبتاهُ مثلي

  • لعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيء

  • بالرغم منا .. قد نضيع

  • بالرغم منا .. قد نضيع

  • من يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟

  • من يجعل الغصنَ العقيمَ

  • يجيء يوماً .. بالربيع ؟

  • من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟

  • -8

  • أبتاهُ

  • بالأمس عدتُ إلى الحسين

  • صليتُ فيه الركعتين

  • بقيت همومي مثلما كانت

  • صارت همومي في المدينةِ

  • لا تذوب بركعتين



أعمال أخرى فاروق جويدة



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟