الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> غادة السمان >> و اعطنا حبنا كفاف يومنا >>
قصائدغادة السمان
و اعطنا حبنا كفاف يومنا
غادة السمان
- حين أفكر بفراقنا المحتوم
- " يبكي البكاء طويلا ويشهق بالحسرة"
- بالحسرة بالحسرة بالحسرة ،،،
- أية قوة جهنمية تشدني اليك
- وأرفض التصديق انها تنبع من خارجي
- وأرفض أن يقال
- انه القدر يرميني اليك ...
- أنا أنقذف نحوك
- كوكبي يرتطم بكوكبك
- أنا اخترتك
- أنا ؟
- أم انني لست حرة حقاً
- وخيوط لا مرئية تعبث بقدري وقدرك
- وبعد أن كان قطار حياة كل منا
- يمضي بهدوء على سكته
- تتقاطع السكك فجأة
- ونرى بوضوح
- أنه لا مفر من لحظة الاصطدام
- والانفجار والاحتراق والدمار
- وربما دمار من حولنا
- ولكن
- أحبك !!
- لا تحدثني عن البارحة
- ولا تسلني عن الغد
- وربنا أعطنا حبنا كفاف يومنا
- وقل لريح الفرح أن تعصف بنا
- ولصواعقه أن تضربنا
- دون أن تقتلنا ..
- واعطنا حبنا كفاف يومنا
- وكل صباح هو يوم جديد
- وليس في حبنا مسلمات ولا تقاليد
- وكل يوم تختارني وحدي من بين نساء العالم
- وآخذك من بين رجاله
- وكل يوم تاريخ مستقل بذاته
- وكل ما تملكه مني ومن نفسك
- هو " اللحظة "
- فلنغزها بكل حواسنا
- لأن الفراق واقف خلف الباب
- ويد الحزن ستقرعه ذات ليلة
- سنسمعه حزينا ومهيمنا كجرس كنيسة
- وستدوي أصداؤه في أرجاء روحنا المكسورة ..
- مادام الفراق
- ضيفنا الثقيل الذي لا مفر من حلوله
- تعال
- ولننس كل شيء عن كل شيء
- إلا " اللحظة " ... وأنا وأنت ،،،
- أيها الشفاف النابض
- كلهب شمعة ...
- إرم من يدك قبضة خنجرك
- وخذ بيدي ..
- ومد جسورك إلى لحظتي
- وقل لأحلام الحب الأزلي
- لا نريد غداً ولا رشاوي مستقبلية ..
- نحن سكان مدن الريح والموج
- كل منا جسده مدينته ...
- وليحتلني جرحك
- ولتنحدر دموعك من عيوني ..
- إلى داخل شرايينك هاجرت
- واستوطنت تحت جلدك
- وصار نبضك ضربات قلبي
- ولم أعد أميز بين الخيط الأبيض والأسود !
- وكان جسدك بحراً
- وكنت سمكة ضالة ...
- ولم أكن لأعبث بك
- فأنا أعرف أن من يلعب بالحب
- هو كمن يلعب التنس بقنبلة يدوية ! ..
- ثمينة هي لحظاتنا
- كل لحظة تمضي هي شيء فريد
- لن يتكرر أبداً أبداً
- فأنت لن تكون قط كما كنت في أية لحظة سابقة
- ولا أنا ..
- كل لحظة هي بصمة أصبع
- لا تتكرر ...
- كل لحطة هي كائن نادر وكالحياة
- يستحيل استحضاره مرتين ...
- أحد مثلي يستمتع بالحب
- لأنه لا أحد مثلي يعرف معنى العذاب
- لقد مررت بمدينة الجنون
- وأقمت بمدينة الغربة
- وامتلكتني مدينة الرعب زمناً
- واستطعت أن اغادرها كلها من جديد
- إلى مدينة الحياة اليومية المعافاة ..
- ولكنني خلفت جزءاً مني
- في كل مدينة مررت بها
- وحملت جزءاً منها في ذاتي
- وأنت كلما احتضنتني
- احتضنت الجنون والغربة والرعب
- ويدهشك أن ترتعد حين تكون معي ؟..
- ،،،
- تعال يا من اجتاحني كالانتحار
- وهيمن على حواسي كساحر ..
- واعطنا حبنا كفاف يومنا ...
المزيد...
العصور الأدبيه