الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> غادة السمان >> أشهد على ضيف غريب الأطوار >>
قصائدغادة السمان
أشهد على ضيف غريب الأطوار
غادة السمان
- امام ذلك الصديق الصامت
- تشاجرنا
- قلت لي انني ابريق عتيق
- و قلت لك انك جورب مثقوب ..رث كالزمن
- و هو صامت ..
- اكدت له انني كاذبة كقديسة
- اكدت له انك بروليتاري مزور
- كالانابيب الباهظة التلوين
- في جدران " البوبور "
- و هو صامت
- ***
- و ضربتك بطابات التنس الصفر
- فأهلت على رأسي كتبي ..و اورارقي ...
- و حين طعنتني ببطاقة سفرك
- لوحت لك بعلم النسيان و اللامبالاه ..
- و هو صامت ..
- ***
- و تناثر ريشي و ريشك في فضاء الغرفة
- و انت تقسم بالليمون انك ستتفرغ لكراهيتي
- و انا اقسم بالكحل على الكيد لك بالتعاويذ
- و هو صامت ..
- لعنت لك ....و شتمت ....و الافعى معا
- ثم لا اذكر كيف ...تعانقنا فجأة
- و تصالحنا و هو صامت
- و رقصنا حتى مطلع الفجر
- و غنينا احلى اناشيدنا في تمجيد التفاحة
- و لم نكلم بعدها ذلك الصديق ابدا ...
- ***
- جبنا غريب الاطوار
- ممتلىء السرة بالرمل
- كالطفل الناجي من قارة ابتلعها البحر للتو
- مدهش
- كضحكة عجوز قادمة من اعماق القلب ..
- ناشز
- كقبعة رياش ملونة على رأس راهبة ...
- قد اهمسك بفتور
- او اكتبك بالجنون و الشوق خاتمة العشاق
- او اناديك مقتولة بكراهيتي لك
- و بحبي في آن
- ثمة شيء من الهذيان بيننا
- اغلق حبي على نسيانك
- فتلود النوافذ المشرعة من الجدران
- و تظل تركض ظلالك في عروقي
- ركض النار في الغابات
- و اكره و احب انسيابك المتوحش
- في انهار شرايني و رمالي المتحركة ..
- كأنك كائنات السر و الطحالب السأم معا
- و لا شفاء منك الا بتلك الممحاه السحرية
- الملقبة بالنسيان
- و لكنها لا تباع الا في دكان الموت ..
- فمن يشتري لي ؟
- أم ان النسيان هو الهدية المستحيلة ؟...
- ***
- حبك ضيف لا يطاق ..
- يأتي حين لا اكون مستعدة لاستقباله ...
- يدخل من النافذة و يحتل فراشي
- يرفع قدميه الموحلتين فوق وسادتي الحريرية ...
- ينفث دخان غليونه داخل رئتي
- يرد على هاتفي و يطرد اصدقائي ..
- يتناول دفتر مفكرتي
- ليشطب ما يشاء من مواعيدي ...
- ***
- يملي علي تسريحة شعري
- ولون ثيابي و اقراطي
- و نبرة ضحكتي و ايقاع مشيتي
- و صابون حمامي و نبضي ...
- يأمرني بشراء شمعة سوداء
- ووردة حمراء
- و يرمي باوراقي
- كي ينضد احذيته في مكانها
- و يفهمني منذ البداية
- انه لن يقيم معي ابدا
- لكنه يرفض اطلاعي على مواعيد طائراته
- و جدول اعماله و بوصلاته السرية ...
- اثور عليه و لكنه يرسم لي
- جداول مواعيد نومي و صحوي ..
- و يكتب لي احلامي التي ساراها و كوابيسي
- استسلم منهكة
- و اصير دمية بين يديه
- و انهض ليلا و انا اهذي باسمه
- فاجد النوافذ مشرعة
- و جلالته رحل
المزيد...
العصور الأدبيه