الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي محمود طه >> على صخور المكس >>
قصائدعلي محمود طه
- حيّاك أرضا و ازدهاك سماء
- بحر شدا صخرا ، و صفّق ماء
- يحبو شعابك في الضّحى قبلاته
- و يرفّ أنفاسا بهنّ مساء
- متجدّد الصّبوات أودع حبّه
- شتّى الأشعّة فيك و الأنداء
- ولع بتخطيط الرّمال كأنّه
- عرّافة ، تستطلع الأنباء
- و مصّور لبق الخيال يصوغ من
- فنّ الجمال السّحر ، و الإغراء
- نسق الشّواطئ زينة و أدقّها
- صورا بريّا صفحتيه تراءى
- يجلو بريشته السّماء ، و إنّما
- زادت بريشته السّماء جلاء
- لا الصّبح أوضح من مطالعه بها
- شمسا ، و لا أزهى سنى و ضياء
- كلاّ و اللّيل المكوكب أفقه
- بأغرّ بدرا ، أو أرقّ سماء
- يا ربّ زاهية الأصيل أحالها
- أفقا أحمّ ولجّة حمراء
- و كأنما طوت السّماء و نشّرت
- لهبا ، و فجّرت الصّخور دماء
- و لربّ عاطرة النّسيم ، عليلة
- طالعت ، فيها اللّيلة القمراء
- رقصت بها الأمواج تحت شعاعها
- و سرت تجاذب للنّسيم رداء
- حتّى إن ران الكرى بجفونها
- ألقت إليك بسمعها إصغاء
- تتسمّع النّوتيّ تحت شراعه
- يشدو، فيبدع في النّشيد غناء
- هزّت ليالي الصّيف ساحر صوته
- فشجى الشّواطئ و استخفّ الماء
- و أثار أجنحة الطّيور فحوّمت
- في الأفق حيرى تتبع الأصداء
- صور فواتن يا شواطئ صاغها
- لك ذلك البحر الصّناع رواء
- فتنظّريه على شعابك مثلما
- رجع الغريب إلى حماه وفاء
- كم ظلّ يضرب في صخور موجه
- ممّا أجنّ محبّة و فاء
- عذرا ، إذ عيّت بمنطقه اللّغى
- فهو العيييّ المفحم الفصحاء
- فخذي الحديث عليه و استمعي له
- كم من جماد حدّث الأحياء
- و سليه ، كيف طوى اللّيالي ساهدا
- و بلا الأحبّة فيك و الأعداء
- كم ليلة لك يا شواطئ خاضها
- و الهول يملأ حولك الأرجاء
- و السّفن المرهفة القلاع كأنّما
- تطأ السّحاب ، و تهبط الدّأما
- حملت لمصر الفاتحين و طوّحت
- بالنّيل منهم جحفلا ، و لواء
- و لو استطاع لردّ عنك بلاءهم
- و أطار كلّ سفينة أشلاء
- أو كان يملك قدرة حشد الدّجى
- و نضا الرّجوم ، و جنّد الأنواء
- و دعا غواربه الثّقال فأقبلت
- فرمى بها قدرا ، و ردّ قضاء
- فاستعرضي سير الحياة و ردّدي
- ما سرّ من أنبائهنّ ، و ساء
- و خذي ليومك من قديمك أهبة
- و من الجديد تعلّة و رجاء
- إيه شواطئ مصر و الدّنيا منى
- تهفو إليك بنا صباح مساء
- ناجيت أحلام الرّبيع فأقبلت
- و أشرت للصّيف الوسيم ، فجاء
- يحبوك من صفو الزّمان و أنسه
- ما شئت من مرح الحياة ، و شاء
- و غدا تضيء على جبينك لمحة
- طبع الخلود سماتها الغرّاء
- و ترفّ منك على ثغورك قبلة
- أصغى النّسيم لها و غضّ حياء
- فاستقبلي الصّيف الجميل ، و هيّئي
- للشّعر فيك جميلة غنّاء
- و تسمّعي لخن الخيال ، و أفردي
- لي فوق مائك صخرة بيضاء
- و استعرضي حور الجنان ، و أطلقي
- لغة السّماء ، و ألهمي الشّعراء
المزيد...
العصور الأدبيه