الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي محمود طه >> الملاح التائه >>
قصائدعلي محمود طه
- أيّها الملاح قم و اطو الشّراعا
- لم نطوي لجّة اللّيل سراعا
- جدّف الآن بنا في هينة
- و جهة الشّاطئ سيرا و اتّباعا
- فغدا يا صاحبي تأخذنا
- موجة الأيّام قذفا و اندفاعا
- عبثا تقفو خطا الماضي الذي
- خلت أنّ البحر واراه ابتلاعا
- لم يكن غير أويقات هوى
- وقفت عن دورة الدّهر انقطاعا
- فتمهّل تسعد الرّوح بما
- وهمت أو تطرب النّفس سماعا
- ودع اللّيلة تمضي إنّها
- لم تكن أوّل ما ولّى وضاعا
- سوف يبدو الفجر في آثارها
- ثمّ يمضي في دواليك تباعا
- هذه الأرض انتشت ممّا بها
- فغّفت تحلم بالخلد خداعا
- قد طواها اللّيل حتى أوشكت
- من عميق الصّمت فيه أن تراعا
- إنه الصّمت الذي في طيّه
- أسفر المجهول و المستور ذاعا
- سمعت فيه هتاف المنتهى
- من وراء الغيب يقريها الوداعا
- أيّها الأحياء غنّوا و اطربوا
- و انهبوا من غفلات الدّهر ساعا
- آه ما أروعها من ليلة
- فاض في أرجائها السّحر و شاعا
- نفخ الحبّ بها من روحه
- و رمى عن سرّها الخافي القناعا
- و جلا من صور الحسن لنا
- عبقريّا لبق الفنّ صناعا
- نفحات رقص البحر لها
- و هفا النّجم خفوقا و التماعا
- و سرى من جانب الأرض صدى
- حرّك العشب حنانا و اليراعا
- بعث الأحلام من هجتها
- كسرايا الطّير نفّرن ارتياعا
- قمن بالشّاطئ من وادي الهوى
- بنشيد الحبّ يهتفن ابتداعا
- أيّها الهاجر عزّ الملتقى
- وأذبت القلب صدّا و امتناعا
- أدرك التائه في بحر الهوى
- قبل أن يقتله الموج صراعا
- وارع في الدّنيا طريدا شاردا
- عنه ضاقت رقعة الأرض اتّساعا
- ضلّ في اللّيل سراه ، و مضى
- لا يرى في أفق منه شعاعا
- يجتوي اللاّفح من حرقته
- و عذاب يشعل الرّوح التياعا
- و الأسى الخالد من ماض عفا
- و الهوى الثّائر في قلب تداعى
- فاجعل البحر أمانا حوله
- و املأ السّهل سلاما و اليفاعا
- و امسح الآن على آلامه
- بيد الرّفق التي تمحو الدّماعا
- و قد الفلك إلى برّ الرّضى
- و انشر الحبّ على الفلك شراعا
المزيد...
العصور الأدبيه