الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عدنان الصائغ >> مَنْ قصَّ شعرَها الطويل..؟ >>
قصائدعدنان الصائغ
مَنْ قصَّ شعرَها الطويل..؟
عدنان الصائغ
- كانتْ لي في طفولتي دميةٌ
- سرقوها قبل أن تتعلمَ النطقَ
- وتلعبَ معي
- وكان لي في صباي حقلٌ ذهببيٌّ من سنابل
- قطعوا عنه ماءَ النهرِ
- وحبسوا الغيمَ
- فاستعنتُ بدموعي
- قالوا لي: لا تبكِ... الرجالُ لا يبكون!
- فماتتِ السنابلُ
- وتفتّتتْ حباتُ القمحِ على بياضِ دفاتري
- قبلَ أن تنضجَ
- فعوضوني عنها بكتبِ الجغرافيا المدرسيةِ
- وصورِ الحقولِ
- وعندما كبرتُ
- أصبحتْ لي حبيبةُ بشعرٍ طويلٍ وشرائط بيضٍ
- لكنهم قصّوا ضفائرها قبل أن تكتملَ قصيدتي
- وشنقوا بشرائطها فرحي الصغيرَ
- وها أنا الآن
- أحسُّ بالغصّةِ كلما مررتُ
- أمام محلاتِ الألعابِ
- والضفائرِ الطويلةِ
- وحقولِ القمحِ
- *
- كان لي حلمٌ صغيرٌ
- ببيتٍ صغيرٍ، ومكتبةٍ، وشرفةٍ تظللها أوراقُ البرتقالِ والأملُ
- فالتهمهُ المؤجرُ الشرهُ
- ها هو كرشُهُ يزدادُ كلَّ يومٍ...
- وها هو نحولي يزدادُ كلَّ يومٍ...
- *
- كان لي أبٌ
- سرقهُ سريرُ المستشفى
- فلمْ أعدْ أتذكرُ من ملامحهِ
- سوى برودِ الطبيباتِ
- وهن يتحدثن لطفولتي عن رئتيهِ
- اللتين نخرهما السلُ والفقرُ
- بعد عشرين عاماً
- أدركتُ لماذا كنَّ يتحدثن ببرودٍ
- *
- كان لي رصيفٌ للتسكّعِ
- وآخر للحبِّ...
- وآخر للبحثِ عن عملٍ
- أصبح لي رصيفٌ وحيدٌ، ضيقٌ
- يمتدُ بي - كلَّ يومٍ - من البيتِ إلى الوظيفةِ
- *
- كانتْ لي غيمةٌ ماطرةٌ
- تسمى القصيدة
- عندما لمْ تجدْ أرضاً تؤويها
- هاجرتْ
- وتركتني وحيداً
- على عراءِ النثرِ
- *********
المزيد...
العصور الأدبيه