الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عدنان الصائغ >> أمي >>
قصائدعدنان الصائغ
- لأمي ـ إذا انسدلَ الليلُ ـ حزنٌ شفيفٌ، كحزنِ الحدائقِ.. وهي تلملمُ في آخرِ الليلِ، أوراقَها الذابلةْ
- لأميَ، سجادةٌ للصلاةِ
- وخوفٌ قديمٌ من الدركيِّ
- تخبّئنا ـ كلما مرَّ في الحيِّ ـ تحت عباءتها
- وتخافُ علينا عيونََ النساءِ،
- وغولَ المساءِ،
- وغدرَ الزمانْ
- لأميَ، عاداتها.. لا تفارقها
- فعندَ الغروبِ، ستشعلُ "حرملَها"، عاطراً بالتمائمِ،
- يطردُ عن بيتنا الشرَّ -كانتْ تقولُ- وعينَ الحسودْ
- وكلّ ثلاثاء..
- تمضي إلى مسجدِ السهلةِ
- توزّعُ خبزاً وتمراً
- وتنذرُ "للخضرِ" صينيةً من شموعٍ،
- اذا جاءها بالمراد
- ستوقدها - في المساء -
- على شاطيءِ الكوفةِ
- فأبصرُ دمعتها تتلألأ تحت الرموشِ البليلةِ
- منسابةً...
- كارتعاشِ ضياءِ الشموعْ
- ألا أيها النهرُ...
- رفقاً بشمْعاتِ أمي
- فنيرانها... بعدُ لمْ تنطفِ
- وياسيدي "الخضر"...
- رفقاً بدمْعاتِ أمي
- ففي قلبها...
- كلُّ حزنِ الفراتْ
- *
- لأميَ، مِغزلُها
- يغزلُ العمرَ...
- خيطاً رفيعاً، من الآهِ
- كانتْ تبلُّ أصابعَها ـ اذا انقطعَ الخيطُ من حسرةٍ ـ
- ثم تفتلهُ...
- فمَنْ ذا الذي، سوف يفتلُ خيطَ الزمانِ...
- إذا ما تقطّعَ بالآهِ ـ ياقرةَ العينِ ـ
- مَنْ ذا...؟
- فما زلتُ في حضنها...
- الناحلَ القرويَ المشاكسَ
- أبكي إذا دارَ مغزلها بالشجونِ..
- وأسمعها في الليالي الوحيداتِ تشدو
- بصوتٍ رخيمٍ:
- "لبسْ خصر العجيج وخصر ماروجْ
- أنا روّجني زماني قبل ما اروجْ
- ولكْ لا تخبط الماي... ياروجْ
- بعد بالروح عتْبه ويه الأحبابْ..
- .........
- لبس بالراس هندية وشيلهْ
- ودموع العين ما بطلنْ وشيلهْ
- تمنيت الترف..........
- .................
- ..........."
- ........
- وأبصرها خلسةً...
- ثم أرنو لقلبي..!
- أما زال يشجيكَ موّالُها
- كلما دارَ فيكَ الزمانُ... ودارَ
- ومرتْ على دربك الآنساتُ الأنيقاتُ.. يا صاحبي
- وهي ترنو لمرآتها!!
- جدول الشيبِ ـ ياللشماتةِ ـ
- ينسابُ متئدأ في المروجِ
- فمَنْ يرجعُ العمرَ - هذا السرابَ الجميلَ -
- ولو مرةً..؟!
المزيد...
العصور الأدبيه