الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عبد الرحمن العشماوي >> كاترينا >>
قصائدعبد الرحمن العشماوي
- أقبلتْ والشِّمال تلوي اليمينا
- تخلط القادمين بالرَّاحلينا
- أرسلتْ طرفَها ومدَّتْ خُطاها
- تَطَأ الأَرض توقظ الغافلينا
- كشفتْ رأسَها، فلم تُخْفِ وجْهاً
- حين سارتْ ولم تُغطِّ الجبينا
- مقلتاها تحدِّ ثانِ بسر
- كان قبل المجيء سرَّاً دَفينا
- شفتاها تُردِّدان حروفاً
- وحديثاً عمَّا تُريد مُبينا
- قَدَماها تُعلِّمان الفيافي
- ما يُريها انطلاقَها ويُرينا
- ساقت الموجَ والبحار وساقت
- خَلْفها الرِّيح تَطرد الهاربينا
- وأدارتْ في كلِّ شيءٍ رحاها
- فأحالت ما واجهته طحينا
- وأراقت عليه ماءً أُجاجاً
- صنعتْ منه للفناءِ العَجينا
- لا تبالي بما تقابل مهما
- كان ضخماً وكان صلباً متينا
- ملأتْ دربها الطويل ضحايا
- وصراخاً وادمعاً وأنينا
- كيف جاءت وأين تغدو وماذا
- تبتغي هذه التي تجتوينا؟!
- ما اسمُها؟ ضجَّت الأعاصيرُ لمَّا
- سألوها، ورددتْ (كاترينا)
- (كاترينا) أما ترون يديها
- كيف هزَّتْ قلاعكم والحصونا؟!
- أو ما تسمعون وقْع خُطاها
- أَورَثَ العقل حيرةً وجنونا؟!
- مالكم - ويلكم - وقفتم حيارى
- وفغرتم أفواهكم واجمينا؟!
- أنتم القوَّة العظيمة هيَّا
- حطّموها، وأمّنوا الخائفينا
- وجِّهوا نحوها أساطيل جوّ
- واملؤوا البحر للدِّفاع سفينا
- أمطروها بسائل الغاز حتى
- تقتلوها قتلاً فظيعاً مُهينا
- حرِّ قوها بناركم، مزِّقوها
- كضحايا العراقِ حتى تَلينا
- عندكم خبرة القتال، رأينا
- في بلاد الأَفغانِ منها فُنونا
- ورأينا العراق يجري دماءً
- بعد أن صار في يديكم رهينا
- (كاترينا) هيَّا اسمُلوا مقلتيها
- بالمسامير، أَغمِدُوا السكِّينا
- عندكم خِبرَةُ السجون فهيَّا
- أَسِكنُوها في (قونتنامو) السُّجونا
- أجهزوا - أيها الصقور - عليها
- قبل أن يَهزِمَ اليقينُ الظُّنونا
- بادروها بجيشكم، واستعدُّوا
- قد أتتكم (ريقا) بما تكرهونا
- جَنْدِلُوا هذه وتلكَ سريعاً
- أولستم بجيشكم قادرينا؟!
- نحن - والله - لا نريد هلاكاً
- للضحايا، ولا نريد فُتونا
- غير أنا نقول قوْلَةَ حقّ
- يصبح الظنُّ في مداها يقينا
- يُمهل الله خلقَه ويُريهم
- طُرُق الخير عَلَّهم يَسلكونا
- جعل العفو واحةً وغصوناً
- وارفاتٍ تظلِّل التائبينا
- بابُه مُشرعٌ لكلِّ منيبٍ
- بابُ خيرٍ يستوعب العالمينا
- فإذا أسرف العباد وجاروا
- وتمادوا وروَّعوا الآمنينا
- قال: كُنْ، خالقُ العباد فكانتْ
- لَمْحَةُ العينِ مُهلَةَ الظالمينا
- يا ضحايا غرورهم وهواهم
- كم ننادي غروركم فاسمعونا
- اسمعونا فربما جاء يومٌ
- مُثْقَلٌ يملأُ المسامع طينا
- اخرجوا من مغارةِ الوهم إنَّا
- لنراكم في ليلها غارقينا
- احرسوا شعبكم بعدلٍ، وإلا
- فعليكم أوزارُهم أجمعينا
- ما دهاكم، أما كفى ما رأيتم
- من ملايين شعبكم هائمينا؟!
- لحظةٌ من إرادة الله دكَّتْ
- ما بنيتم من القلاع سنينا
- مَنْ رأى البحر هائجاً، وتمادَى
- دوَّنتْه الأمواجُ في الهالكينا
المزيد...
العصور الأدبيه